ناقش الرئيس اللبناني ميشال سليمان والرئيس المكلف تشكيل الحكومة تمام سلام أمس، آخر ما توصلت إليه المشاورات والاتصالات في شأن تأليف الحكومة العتيدة. وقال سلام بعد اللقاء إنه «في إطار التواصل والتشاور بموضوع تأليف الحكومة خصوصاً أن الأجواء العامة في البلد ملحة وضاغطة باتجاه تشكيلها، لأن الفراغ في السلطة التنفيذية لا فائدة منه، خصوصاً في ظل الأوضاع الحرجة والمضطربة في البلد والمنطقة». وأضاف سلام: «هناك انطباع عن تأليف حكومة اليوم أو غداً أو بعد غد هذا انطباع غير دقيق، هناك رغبة قوية ألمسها عند كل الناس (في تأليف الحكومة)، وأنا لا أرغب في أن أغامر بقدر ما أرغب بإنجاز شيء فيه فائدة للبلد. أنا مع حكومة تستطيع أن تحتضن هموم الناس والبلد بعيداً قدر الإمكان عن التشنج وعن مساحة عدم الثقة المسيطرة بين القوى السياسية التي لا تزال إلى اليوم تطرح شروطاً وشروطاً مضادة... ثمة حديث عن حكومة أمر واقع وغير أمر واقع وحكومة غير حيادية، أي حكومة ستتألف يجب أن يكون همها الأساس هو حكومة واقعية. لذا أنا لم أتصرف مذ كلفت إلى اليوم في شكل غير واقعي، بل حرصت دائماً أن أكون واقعياً في مواقفي وقناعاتي وحتى في القواعد التي اعتمدتها لتأليف الحكومة وقلت فيها إنني لست مع الثلث المعطل لأني لست مؤمناً أن حكومة تستطيع أن تقلع في التعطيل. وقلت نعم أنا مع مداولة الحقائب، كما قلت إنني حريص على أن لا يكون هناك منفرون أو استفزازيون في الحكومة، لأننا لا نريد متاريس داخلها». ولفت إلى أن «هذه القواعد ليست خاصة بي أو لتحقيق مكسب لي أو لفريقي أو لحزبي أو لكتلتي النيابية، لا يوجد عندي فريق ولا حزب ولا كتلة نيابية لأحقق لها مكاسب، كما يحرص البعض عليه. عندي استقلاليتي وحرية تحركي لأنني كلفت من قبل 124 نائباً، وأعتبر أن التكليف يجب أن يعطى حقه كاملاً، ما يهمني هو المصلحة الوطنية، ولذلك رفعت شعار حكومة المصلحة الوطنية، وهذه القواعد ليست في خدمة هذا الفريق ولا ذاك الفريق وسيبقى هكذا الموضوع، وسنعمل جدياً لإخراج حكومة ضمن هذا المعطى وهذا السياق، ترضي ضميري وضمير وطني وأبنائه». واعتبر أن «دعم وتعاون رئيس الجمهورية طوال الأشهر الماضية كان عاملاً مؤثراً ولا يزال إلى أبعد حد في أن تكون الأمور في الاتجاه الصحيح والصائب نحو شيء يدفع بلدنا». وقال رداً على سؤال: «كل الحكومات سياسية، ولكن القوى السياسية تعطي توصيفات وأوصاف للحكومة، أنا لم أر أمامي إلا حكومة المصلحة الوطنية»، مشدداً على «أنني منذ اللحظة التي تم ترشيحي فيها أعلنت حيادي وأصبحت في موقع لكل اللبنانيين وعلى مسافة واحدة من كل القوى السياسية. وعندما نتكلم عن حكومة ذات طابع حيادي يعني ذلك عن أشخاص لا انتماء حزبياً أو سياسياً لهم، وإنما لديهم التزام غير واضح وغير ملتبس لمصلحة الوطن وغير مدينين لأحد، بل مدينون لوطنهم وكفاءاتهم وقدراتهم، ولا يتساءلون من هذه القوة السياسية أو تلك... أسمع بعض القيادات تقول نريد أن نشارك في حكومة يكون حقنا محفوظاً فيها». وسأل: «تريدون حقكم أم حق الوطن؟». وقال: «حق القوى السياسية أن تطالب بما ترى فيه مصلحتها أو مكسباً لها، ولكن حقي أنا أيضاً كرئيس مكلف أنني أستطيع أن أرى مصلحة بلدي لا مصلحتي ولا مكاسبي الشخصية وأسعى لحكومة المصلحة الوطنية». وقال سلام: «ليس هناك أي محاولة لاستغياب الرئيس نبيه بري، نحن لا نستغيب أحداً، ونعتبر أن الرئيس بري ركن أساسي في موضوع المصلحة الوطنية، والتي أنا أنشط وأعمل تحت سقفها. والتشاور مع الجميع لم يتوقف ولست مغلقاً عن احد ولا على أحد، والرئيس بري له حصة كبرى»، مضيفاً: «إن شاء الله تبصر الحكومة النور، لأن نور الحكومة هو نور البلد ونحن نعمل على أن يبقى البلد منوراً». وقال: «ما يتداوله الجميع من خلال النواب والمتحدثين باسم القوى السياسية، أن فريقا يقول لن نشارك إذا كان هذا الفريق موجوداً، وفريق يقول نحن لا نقبل بحكومة لسنا مشاركين فيها، هذه من الشروط والشروط المضادة التي أثقلت فعلاً مسار التأليف، وما زالت تثقله». وسأل: «الى متى؟ هل هذه الاثقال يجب أن يحملها المواطن اللبناني؟ نحن في لحظة ما سنواجه الواقع وحكومة الواقع، وليس الأمر الواقع، وإنما الواقع الذي نتعامل معه لتحصين وطننا، والواقع هو المصلحة الوطنية». مواقف وفي المواقف، رأى وزير السياحة في حكومة تصريف الأعمال فادي عبود، أن «هناك محاولة مقصودة لإقصاء «التيار الوطني الحر» عن تشكيل الحكومة، وهي لم تتوقف على مدى الحكومات السابقة». وقال في حديث إلى إذاعة «صوت الشعب»: «إن حكومة الأمر الواقع التي لا تمثل نصف الشعب اللبناني على الأقل، غير قادرة على حل المشاكل اليومية كعمليات الخطف، والمشاكل التي تتهدد لبنان»، معتبراً أن «المطلوب اليوم هو حكومة وحدة وطنية حيث يتحول النقاش من الشارع إلى مجلس الوزراء». وأكد عضو «تكتل التغيير والإصلاح» النيابي سليم سلهب، أن «الرئيس نبيه بري غير موافق على حكومة الأمر الواقع، وهو غادر لبنان كي لا يغطي هذه الحكومة»، مستبعداً «ولادة حكومية في هذا الأسبوع». ولفت في حديثٍ إذاعي إلى «أن المواقف الداخلية لن تؤثر على مسار الانتخابات الرئاسية، لأن الجميع بانتظار القرار الإقليمي الدولي في هذا الملف، من هنا فإننا سنبقى في إطار المراوحة إلى حين إنضاج الاتصالات الخارجية في هذا الملف». ورأى عضو كتلة «التحرير والتنمية» غازي زعيتر، أنه «قبل الطائف شيء وبعد الطائف شيء آخر حول تشكيل الحكومة، وإذا كان الفريق الآخر يريد تعديل الطائف فلا مشكلة في ذلك»، ودعا في حديث تلفزيوني إلى «تعريف معنى الحيادي، ومن هو الحيادي في لبنان»، مطالباً بتشكيل «حكومة مواجهة التحديات». وأكد عضو الكتلة ذاتها عبد المجيد صالح (أمل) في تصريح، «أن لبنان يحتاج اليوم أكثر مما مضى إلى ملء الفراغ الدستوري الحاصل وتشكيل حكومة ينضوي تحت لوائها كل المكونات السياسية اللبنانية وتكون جزءاً من عملية الحوار الوطني لحل كل القضايا العالقة». ودعا عضو كتلة «التحرير والتنمية» عينها قاسم هاشم، الرئيس سليمان إلى «توضيح ما نقل عنه حول مجمل القضايا المطروحة وخصوصاً في ما يتعلق بالحكومة»، معتبراً في حديث إلى وكالة «أخبار اليوم»، أن «الأجواء الراهنة تحضيرية للوصول إلى تشكيل حكومة أمر واقع، وهذا ما تم فهمه حتى اللحظة». ولفت رئيس حزب «الوطنيين الأحرار» النائب دوري شمعون إلى أن «من المستحسن أن تتألف هذه الحكومة من غير الحزبيين». وقال لوكالة «أخبار اليوم»: «أعطينا رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المكلف «كارت بلانش» لتشكيل الحكومة، لأن الشعب بحاجة إليها لتسيّر أعماله، ولكن الفريق الآخر يريد الاستمرار في صفقاته وعملياته».