تتواصل المشاورات السياسية في تونس من أجل الوصول إلى اتفاق بين مختلف المكونات السياسية لحل الأزمة التي تمر بها البلاد منذ اغتيال النائب المعارض للإسلاميين محمد البراهمي أواخر الشهر المنقضي. ودعا رئيس الجمهورية المنصف المرزوقي، في ندوة أمام البعثات الديبلوماسية التونسية، إلى تكثيف الحوار الوطني للوصول إلى اتفاق سياسي شامل تتجاوز من خلاله تونس الأزمة السياسية» محذراً من «الدعوات إلى الفوضى والعصيان وتدمير مؤسسات الدولة الشرعية» حسب قوله. ودعت المعارضة التونسية المتمثلة في «جبهة الإنقاذ الوطني» إلى تصعيد الاحتجاجات ضد الحكومة التي يقودها القيادي النهضوي علي العريض، وإلى إطلاق «أسبوع الرحيل» من أجل طرد المحافظين والموظفين الذين عينتهم الحكومة في الإدارات المركزية والجهوية. وقالت الجبهة في بيان إن «حملة إرحل تنطلق اليوم، وهي تستهدف عزل المحافظين ورؤساء المنشآت العامة وفي الإدارة المركزية، الذين تم تعينهم على أساس الولاء الحزبي». ودعت الجبهة في بيانها، إلى «التعبئة العامة لأسبوع الرحيل ابتداء من 24 آب (أغسطس) الجاري، والبدء في مشاورات لتشكيل الهيئة الوطنية العليا للإنقاذ، وحكومة الإنقاذ الوطني المستقلة والمتكونة من 15 عضواً برئاسة شخصية وطنية مستقلة سيتم الإعلان عنها في الوقت المناسب». وجددت تمسكها ب «ضرورة حل المجلس الوطني التأسيسي والسلطات المنبثقة منه حكومة ورئاسة»، وحمّلت «الائتلاف الحاكم بقيادة حركة النهضة الإسلامية، مسؤولية المماطلة في ذلك وتأزيم الوضع». وأكد القيادي في الجبهة الشعبية (تحالف اليسار والقوميين) الجيلاني الهمامي ل «الحياة» أن التصعيد الذي قررته قوى المعارضة لن يمس الطابع السلمي للاحتجاجات، وشدد الهمامي على «أن التصعيد هدفه المزيد من الضغط على «النهضة» من أجل التنازل عن الحكم لصالح حكومة إنقاذ وطني» حسب قوله. من جهة أخرى التقى الشيخ راشد الغنوشي رئيس حركة «النهضة» وحسين العباسي الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل (أكبر منظمة عمالية في البلاد) للمرة الثانية خلال أسبوع من أجل مزيد التشاور حول الأزمة الحالية. وكان اللقاء الأول الذي جمعهما الاثنين الماضي انتهى من دون التوصل إلى اتفاق باستثناء «التشديد على إيجابية اللقاء والتعهد بمواصلة التشاور». ويعتبر مراقبون أن موقف «النهضة» الداعي إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية في تراجع خصوصاً بعد نجاح المعارضة والمجتمع المدني المناهض لحكومة علي العريض في حشد آلاف التونسيين في مظاهرة الاحتفال بعيد المرأة الوطني أول من أمس حيث ردد المتظاهرون شعارات تنادي بإسقاط الحكومة وحل المجلس التأسيسي، مقابل تظاهرة أقل عدداً لأنصار «النهضة» في المناسبة نفسها وهو ما اعتبره البعض عدم قدرة الحزب الحاكم على الحشد كما كان في السابق. ويلتقي في السياق نفسه مصطفى بن جعفر رئيس المجلس التأسيسي مع وداد بوشماوي رئيسة اتحاد الصناعة والتجارة (اتحاد رجال الأعمال). وكان بن جعفر علق أعمال المجلس حتى التوصل إلى اتفاق في شأن الأزمة السياسية التي تمر بها البلاد. ودعا حمادي الجبالي، رئيس الوزراء السابق والأمين العام لحركة «النهضة»، إلى تشكيل «حكومة غير مسيسة» معتبراً أن الوضع الحالي يستوجب إنقاذ البلاد من الفراغ ومزيد تأزيم الوضع السياسي والاقتصادي حسب ما صرح به في حوار مع إحدى الإذاعات المحلية. وهذا موقف يتناقض مع ما دعت إليه حركته من ضرورة تشكيل حكومة وحدة وطنية تتمثل فيها جميع القوى السياسية. وحمل الجبالي المجلس التأسيسي (البرلمان) مسؤولية الوضع «المتردي» قائلاً: «على المجلس التأسيسي تحمل مسؤولياته وإنهاء صياغة الدستور في اسرع وقت وحل نفسه بعد ذلك». وساطة ألمانية بين الحكومة والمعارضة تونس - أ ف ب - يزور وزير الخارجية الألماني غيدو فسترفيلي تونس في محاولة للقيام بوساطة بين الحكومة، التي يقودها الاسلاميون والمعارضة بعد ثلاثة اسابيع من ازمة نجمت عن اغتيال نائب يساري معارض. وقال ناطق باسم الخارجية الالمانية ان هدف فسترفيلي هو «تشجيع محادثيه في هذه المرحلة الانتقالية السياسية الحاسمة على عدم قطع حبل الحوار والتوصل الى تسويات». وسيلتقي فسترفيلي الرئيس المنصف المرزوقي ورئيس الاتحاد العام التونسي للشغل حسين عباسي. وسيلتقي اليوم رئيس الحكومة علي العريض وممثلين عن حزبين معارضين هما «نداء تونس» و «الحزب الجمهوري» اللذين يدعوان الى تشكيل حكومة تكنوقراط وحل الجمعية الوطنية التأسيسية منذ اغتيال المعارض السياسي محمد البراهمي في 25 تموز (يوليو) الماضي.