يحضر الصراع الطائفي في اليمن موضوعاً لحملة رسوم على جدران الشوارع أطلقها رسام الغرافيتي مراد سبيع بعنوان «12 ساعة». وتسلط الحملة الضوء على قضايا اجتماعية، في مقدمتها الصراع الطائفي الذي يبرز بقوة بعدما ظلّ مستتراً طوال قرون. ويعد سبيع أول فنان يمني يبشر بفن الغرافيتي في بلاده من خلال حملة «لوّن جدار شارعك» في 2012، واستهدفت حينها مكافحة الكراهية التي جسدتها شعارات كتبها على الجدران موالون لأطراف الصراع. ثم أتبعها بحملة «الجدران تتذكر وجوههم» وتناولت قضية المخفيين قسراً. وتتناول الحملة 12 قضية باتت تقلق المجتمع اليمني كالطائفية والسلاح والفساد والفقر والخيانة الوطنية. ويرى سبيع أن «مخاطبة اليمنيين عبر الغرافيتي أثبتت نجاحها»، لافتاً إلى أن جدارياته السابقة لاقت تجاوباً شعبياً كبيراً. وكانت شوارع صنعاء وبعض المدن اليمنية تحولت خلال الانتفاضة الشعبية التي شهدتها البلاد عام 2011 للمطالبة بإسقاط النظام إلى ساحات قتال رافقتها شعارات تحض على العنف، لكن المكوّنات الثورية المناهضة للرئيس السابق ما لبثت أن انقسمت على ذاتها لتدخل في صراع أخذ طابعاً مذهبياً بين حزب «تجمع الإصلاح» السني وجماعة الحوثيين (الذراع العسكرية للأحزاب الشيعية اليمنية)، ليتحول إلى قتال نشب بدايةً في محافظة صعدة، وامتد أخيراً إلى بعض مساجد العاصمة صنعاء ورافقته شعارات طائفية على الجدران. وخلافاً لكثير من اليمنيين والعرب الذين طالما ردّدوا مع الشاعر عبد العزيز المقالح: «سنظل نحفر في الجدار»، يبدو سبيع وقد حرّر الجدار من معناه الجامد وأسبغ عليه حياة جديدة تنبض بقيم الجمال والسلام. ودفعت حملات الغرافيتي المفتوحة التي أطلقها الرسام الشاب بعدد من هواة الرسم من الجنسين، من مختلف الأعمار إلى النزول إلى الشارع وتزيين جدرانه بالرسوم، ما جعل الرسم أكثر شعبية وانفتاحاً من ذي قبل. ويرى سبيع أن تجربته مع الغرافيتي أكدت خطأ النظرة القائلة إن اليمنيين لا يأبهون بالفنون، موضحاً أن معارضة الفن لا تصدر من الناس العاديين بل من بعض النخبة من ذوي الخلفيات العقائدية التقليدية. ويوضح أن أستاذاً جامعياً اتهم أمام طلابه تجربة فن الشارع بأنها تقليد للغرب وغزو فكري، فيما رأى فيها بعض الناشطين السياسيين محاولة لمحو شعارات الثورة. ويقول سبيع إن ذاكرة الجدار تبدو في اليمن أكثر ديمومة وانتشاراً، قياساً بالمعارض التشكيلية التي لا يحضرها سوى جمهور صغير غالبيته من الأجانب. وتوقع أن يؤدي فن الشارع إلى إيجاد وعي جمالي يهتم بالتشكيل، خصوصاً في ضوء عزلة المعارض. ولا يتردد سبيع في توجيه النقد إلى المؤسسات الرسمية لجهة عدم نشر الثقافة البصرية، متمنياً أن تبادر وزارة الثقافة إلى تنظيم مهرجان سنوي لفن الشارع. ويعترف بأن رسامي الغرافيتي لا يواجهون مضايقات رسمية، باستثناء حالات محدودة حدثت أثناء تنفيذ «حملة المخفيين قسراً»، لكنه لم يستبعد أن يصدر في المستقبل قانون يحظر الرسم على الجدران، خصوصاً إذا شعرت السلطات أن هذا الفن بات يشكل تهديداً لها.