وسع الجيش المصري أمس من عملياته لملاحقة إسلاميين متشددين يستوطنون في شبه جزيرة سيناء، حيث سقط 25 قتيلاً وجريحاً في استهداف طائرات الأباتشي القتالية مجموعة من العشش والبيوت البدائية، في جنوب مدينة الشيخ زويد (شمال سيناء). وتعد هذه العملية الأكبر التي يتم الإعلان عنها منذ الانتشار الكثيف لقوات الجيش في سيناء أواخر العام الماضي. ولفت متحدث عسكري إلى أن من سقطوا أمس إرهابيون نفذوا هجوماً على معسكر للجيش في مدينة رفح في آب (أغسطس) العام الماضي، ما أدى إلى مقتل 16 جندياً. وتأتي تلك العملية بعد يوم من مقتل 4 متشددين على الحدود بين مصر وإسرائيل تضاربت المعلومات بشأن هوية الطائرات التي نفذت العملية، وما اذا كانت إسرائيلية أم مصرية، قبل أن يحسم جيش الدولة العبرية أمس الأمر مؤكداً «احترام إسرائيل السيادة المصرية على حدودها»، كما شدد وزير الدفاع الإسرائيلي موشيه يعالون على أن إسرائيل «لن تسمح للشائعات والفرضيات المترددة بشأن تدخلها العسكري في سيناء بالنيل من معاهدة السلام مع مصر». وأكد يعالون أن إسرائيل تحترم السيادة المصرية الكاملة وتعي النشاط العسكري المتزايد في الآونة الأخيرة ضد الخلايا «الإرهابية» العاملة في سيناء. وقال بيان عسكري مصري أمس إن عناصر من القوات المسلحة نفذت «عملية نوعية ضد مجموعة إرهابية ممن تلوثت أيديهم بدماء شهدائنا من الجيش والشرطة المدنية في شمال سيناء، جنوب قرية التومة في مدينة الشيخ زويد، إذ أسفرت العملية عن وقوع نحو 25 فرداً من العناصر الإرهابية ما بين قتيل وجريح، إلى جانب تدمير مخزن للأسلحة والذخيرة تستخدمه هذه العناصر في أعمالهم الإرهابية ضد عناصر الجيش والشرطة وترويع المواطنين الأبرياء من أبناء محافظة شمال سيناء». وأكد البيان استمرار القوات المسلحة والشرطة في مطاردة هذه المجموعات الإرهابية والقضاء على جميع البؤر الإجرامية حتى يتم فرض الأمن واستعادة الاستقرار بشكل كامل في شمال سيناء. وكانت طائرات الأباتشي القتالية نفذت هجمات بالصواريخ فجر أمس على مواقع في مدينة التومة جنوب مدينة الشيخ زويد، يختبئ داخلها جهاديون. وأوضح مصدر عسكري مسؤول ل «الحياة» أن أربعة من طائرات الأباتشي قصفت بالصواريخ مجموعة من العشش والبيوت بدائية التشييد عند المنطقة الجبلية جنوب الشيخ زويد، مشيراً إلى أنه عقب القصف تمت مهاجمة تلك البؤر بعناصر قتالية اشتبكت مع إسلاميين متشددين كانوا يحاولون الفرار. وأوضح أنه سقط نحو 9 قتلى، إضافة إلى نحو 15 موقوفاً بينهم مصابون في هذه العملية النوعية، مشيراً إلى أن الطائرات استهدفت أيضاً مخزناً للأسلحة، ما أحدث دوي انفجار عنيفاً في المنطقة شوهدت على أثره ألسنة اللهب. لكن شهود عيان أكدوا ل «الحياة» أنهم شاهدوا سيارات نقل ودفع رباعي تنقل عدداً من الضحايا والمصابين عقب قصف الطائرات، وأنهم فروا هاربين إلى داخل مناطق سكنية، ما تعذر التعامل معهم. وكان بيان عسكري صدر في ساعة متأخرة من مساء أول من أمس قال إنه «تم رصد والتعامل مع مجموعة إرهابية في شمال سيناء من بينهم عناصر ممن تلوثت أيديهم بدماء شهداء مصر في النقطة الحدودية برفح أثناء تناولهم وجبة الإفطار في الخامس من آب (أغسطس) من العام الماضي والبعض الآخر ممن شارك في عملية اختطاف الجنود السبعة في 15 أيار (مايو) من العام الجاري» لافتاً إلى أن «تلك المجموعة الإرهابية تخطط لتنفيذ عملية إجرامية ضد عناصر القوات المسلحة والشرطة المدنية وأهالي شمال سيناء». وجاءت تلك العملية بعد ساعات قليلة من تشييع المئات من الإسلاميين المتشددين ينتمون إلى جماعة تطلق على نفسها «أنصار بيت المقدس» جثامين أربعة من زملائهم قضوا بعد استهدافهم بطائرة قتالية للجيش المصري خلال محاولتهم تدشين منصات صواريخ على الحدود مع إسرائيل. واعتبر المصدر العسكري أن الظهور العلني لجماعة «أنصار بيت المقدس» أفاد قوات الجيش، وكشف ل «الحياة» أن طائرات الجيش رصدت أماكن اختباء تلك المجموعة لدى عودتهم عقب تشييع جثامين زملائهم، وأنه تم استهداف تلك الأماكن فجر أمس. وكان جهاديو سيناء وسعوا من نشاطهم عقب سقوط الرئيس السابق محمد مرسي، حيث لا يمر يوم من دون استهدافهم منشآت شرطية وحكومية في مدن شمال سيناء، ما رسخ اعتقاداً بتحالف هؤلاء مع جماعة الإخوان المسلمين. واستنفرت أمس قوات الجيش والشرطة المتمركزة في مدن شمال سيناء تحسباً لعمليات انتقامية. وكان مجهولون أطلقوا صاروخاً على محيط نادي وفندق ضباط القوات المسلحة في العريش، ما أسفر عن مقتل مجند في القوات المسلحة. وأعلن مصدر أمني أن الصاروخ أطلق من منطقة شرق العريش وسقط في منطقة أسفلتية خالية أمام نادي «أبو صقل» الرياضي ومدرسة «أبو صقل» الإعدادية ونادي فندق ضباط القوات المسلحة وبالقرب من منشآت عسكرية أخرى في ضاحية السلام في العريش. وأحدث سقوط الصاروخ دوياً هائلاً في المنطقة والمناطق المحيطة، ونتج من انفجاره وارتطامه بالأسفلت دخانٌ كثيف، وتسبّب في تساقط زجاج النوافذ في بعض العمارات والمباني المجاورة. كما وقع تبادل كثيف لإطلاق النار بالقرب من قسم شرطة ثاني في مدينة العريش فجر أمس، بين مسلحين مجهولين وأفراد الأمن المكلفين تأمين القسم، في واقعة متكررة في المنطقة ذاتها، واستمر أمس تحليق المروحيات في أجواء مدن العريش ورفح والشيخ زويد على فترات متقطعة، فيما أفاد شهود عيان بأن قوات الشرطة والجيش قامت أمس بعملية تمشيط واسعة لكل الشاليهات الموجودة على شاطئ العريش خصوصاً الأماكن التي يستهدف منها مقرات أو حواجز أمنية لتوقيف أشخاص مشتبه فيهم ومطلوبين لأجهزة الأمن. ومن جانبه جدد رئيس مجلس الوزراء حازم الببلاوي التأكيد على دعم الحكومة «الكامل» للقوات المسلحة في حربها ضد الإرهاب وتطهير سيناء من الإرهابيين. وقال المستشار الإعلامي لرئاسة مجلس الوزراء شريف شوقي إن الببلاوي أكد أن «القوات المسلحة والشرطة تقدم كل ما هو نفيس وغالٍ من أجل استقرار هذا الوطن». لكن المهندس جلال مرة، أمين حزب النور، دعا الأجهزة المعنية الخاصة بحماية سيناء وأبنائها توخي الدقة والحذر بالنسبة للتعامل مع ملف سيناء، مشيراً إلى أن هذا الملف لن يحل أبداً بالطريقة الأمنية فقط. وأوضح أمين حزب النور أن الحل الأمني بمفرده في سيناء سيزيد الأمر تعقيداً، مشيراً إلى أن محاولة إدخال أطراف في النزاع الدائر في سيناء سيزيد الأمر احتقاناً، وسيدخل مصر كلها في نفق مظلم. وأشار مرة إلى ضرورة أن تراجع الأجهزة المعنية سياستها في سيناء، وأن تفتح باب الحوار مع كل أبناء سيناء لوضع رؤية كاملة لتحديد كيفية الخروج من تلك الأزمة. وحذر من مغبة استخدام الوسائل القمعية والمؤامراتية مع أبناء سيناء، محذراً من أن عواقب ذلك ستكون مؤسفة على الجميع.