أكدت جماعة «الإخوان المسلمين» الأردنية أمس أن قرار مقاطعة الانتخابات المحلية المقررة نهاية الشهر الجاري اتخذ بالإجماع، في حين قرر قيادي بارز محسوب على تيار «الحمائم» القريب من السلطة، التمرد على القرار، معلناً ترشيح نفسه على الانتخابات في مدينة إربد (شمال)، ثاني أكبر مدن البلاد. وقال القيادي البارز نبيل الكوفحي، نجل الشيخ أحمد الكوفحي، أحد أبرز قيادات الجماعة التاريخية، إنه قرر الترشح للانتخابات بقرار شخصي منه، رافضاً التعليق على تداعيات الترشح، وعلاقته بموقف «الإخوان» من مقاطعة الانتخابات. وأضاف الكوفحي الذي سبق أن شغل موقع رئيس بلدية إربد بعد فوزه على قوائم «الإخوان» عام 1999، أنه حاول النأي بنفسه عن الترشح، لكنه تفاجأ «بمبادرة شعبية تحضه على المشاركة بإلحاح». وتكشف مخالفة الكوفحي قرار الجماعة، حال الانقسام الذي يعيشه «الإخوان» اليوم بين تياري «الصقور» و «الحمائم»، خصوصاً بعد إطلاق قيادات في التيار الأخير مبادرة سياسية سميت «زمزم» هدفها الاقتراب من السلطة والمشاركة في الانتخابات النيابية والمحلية، إضافة إلى احترام «هيبة الدولة». وقد يواجه الكوفحي عقوبة تنظيمية تصل إلى حد الفصل من الجماعة، بعد سنوات من الانخراط بصفوفها. بموازاة ذلك، قال الرجل الثاني في الجماعة زكي بني ارشيد إن المؤسسات الشورية داخل التنظيم «قررت بالغالبية مقاطعة الانتخابات المحلية، وهذا القرار لا رجعة عنه تحت أي ظرف». ورفض رئيس الحكومة الأردنية عبدالله النسور قبل أيام طرح مبادرة جديدة لحض الجماعة على المشاركة في الانتخابات. وقال أمام عدد من مشرعي البرلمان إن الوقت «أصبح متأخراً على طرح مبادرات جديدة، وإن حال الإخوان المسلمين لا يختلف عن بقية المواطنين، ومن حقهم المشاركة من عدمها». وكانت مقاطعة «الإخوان» للانتخابات البرلمانية الاولى في الأردن منذ اندلاع الانتفاضات العربية، أدت إلى انتخاب برلمان تهيمن عليه الشخصيات القبلية المحافظة، ورجال أعمال. في شأن آخر، نفى بني ارشيد صحة المعلومات المتعلقة بتوجيه أعضاء داخل المكتب التنفيذي (حكومة مصغرة) نقداً حاداً لقيادة «الإخوان» بسبب الموقف من الملف المصري، مؤكداً أن هذه المعلومات «غير صحيحة، وتتضمن تضخيماً كبيراً هدفه الضغط علينا لتغيير الموقف من مقاطعة الانتخابات». وسرت معلومات في العاصمة الأردنية قبل أيام أشارت إلى انتقادات حادة وجهها أعضاء داخل المكتب التنفيذي لمراقب الجماعة الشيخ همام سعيد وبني ارشيد نفسه، بعد تصريحات تصعيدية أطلقاها ضد مؤسسات الحكم المختلفة تزامناً مع إطاحة الجماعة الأم في مصر والرئيس الإسلامي محمد مرسي، وهو ما دفع الحكومة الأردنية إلى التلويح بإحالة ملف «تجاوزات» الجماعة على القضاء. ويرى خبراء في المشهد المحلي أن التطورات المصرية أثرت كثيراً على حركة الشارع المعارض في البلاد، ما أدى الى تجفيف منابع الحراك وانحسار دعوات الإصلاح السياسي والاقتصادي. وأشار ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي إلى ما اعتبروه تراجع زخم جماعة «الإخوان» في الشارع بسبب الأزمة التي تواجهها جماعتها الأم. وكانت الجماعة دعت خلال الأيام الماضية إلى تظاهرات عدة ضد الرفع المرتقب على أسعار الطاقة، لكن هذه التظاهرات بدت باهتة لجهة الحشد والتعبئة، علماً ان إسلاميي الأردن تميزوا خلال السنوات الماضية بقدرتهم على حشد عشرات آلاف المتظاهرين، وهو ما بدا مختلفاً تماماً خلال الأسابيع والأشهر الماضية. في السياق نفسه، كشفت قيادات فاعلة لدى الجماعة عن خطة تدرس حالياً لتكثيف الحراك من جديد، واسترداد الشارع، وعدم التأثر سلباً بأزمة مصر. وكان مجلس شورى «الإخوان» (أعلى مؤسسة تنظيمي داخل الجماعة)، عقد أول من أمس جلسة طارئة لبحث تداعيات عزل نظام «الإخوان» المصري. وقال رئيس مجلس الشورى نواف عبيدات إن المجلس «بحث الملف المصري معمقاً، لكنه توافق على ضرورة تفعيل حركة الشارع، والاستمرار بدعوات الإصلاح الداخلي، وعدم التراجع أو التراخي». يذكر انه على مدى أكثر من عامين، شهد الأردن احتجاجات سلمية استلهمت أحداث الربيع العربي، ونظمها إسلاميون ويساريون وشخصيات عشائرية، غير أنها ركزت على إصلاح الحكومة والحد من سلطات الملك عبدالله الثاني.