انتهى فصل من فصول الخلاف في لبنان على التمديد لقائد الجيش العماد جان قهوجي ورئيس الأركان وليد سلمان أمس، بإعلان وزير الدفاع فايز غصن تأخير تسريح كل منهما سنتين، عشية عيد الجيش الذي يصادف اليوم، والذي يلقي خلاله رئيس الجمهورية كلمة سياسية مهمة تتناول استحقاق تأليف الحكومة الجديدة برئاسة النائب تمام سلام والتي تأخر تشكيلها نتيجة الشروط المتبادلة من الفرقاء، ويتطرق الى الحوار الوطني الذي تطلب قوى 14 آذار استئنافه بعد تشكيل الحكومة. وإذ طوى قرار وزير الدفاع مخاوف من الفراغ في قيادة المؤسسة العسكرية في ظروف سياسية وأمنية بالغة الحساسية في لبنان، فإن تداعياته تضيف عوامل جديدة الى الخلاف بين زعيم «التيار الوطني الحر» العماد ميشال عون الذي ظل وحيداً يعارض التمديد للقيادات العسكرية وبين حلفائه في «تكتل التغيير والإصلاح»، وفي قوى 8 آذار التي أيدت التمديد رافضة مراعاة مطلبه تعيين قائد ورئيس للأركان جديدين. وفيما اقترنت مواقف كبار المسؤولين والقادة السياسيين الداعمة للجيش اللبناني في عيده بإعلان مساندة قرار التمديد لقهوجي وسلمان، استشهد جندي وجرح آخر أمس خلال مداهمة نفذتها دورية من مديرية المخابرات في الجيش بحثاً عن مطلوب في بلدة مجدل عنجر البقاعية. وقد داهمت الدورية منزل المطلوب وسام عبدالحفيظ خنجر، وهو قريب أحد المتهمين بخطف السياح الأستونيين قبل سنتين (والذي قتل لاحقاً) في البلدة، ولم تعثر عليه في منزله، لكن القوات الأمنية تمكنت من القبض عليه مساءً. وأثناء عودة الدورية من مهمتها أطلق مجهولون النار على عناصرها فأصيب العسكريان. وتردد أيضاً أن سبب المداهمة وجود مشتبه بهم بالضلوع في زرع عبوات استهدفت مواكب ل «حزب الله» خلال الأسابيع الماضية، خصوصاً أن الجيش كان أوقف مشتبهاً به سوري الجنسية من الزبداني يجرى التحقيق معه. وكانت مديرية المخابرات في الجيش قبضت على أحد المتورطين بوضع متفجرة الهرمل قرب حاجز للجيش وهو من عرسال. وكان الوزير غصن أعلن أن «الوضع السياسي غير الطبيعي في البلاد والواقع الأمني الدقيق والحساس وضعانا كسياسيين أمام مسؤولية وطنية كبيرة دفعتنا الى القيام بخطوات ضرورية لمنع دخول المؤسسة العسكرية في فراغ سيكون قاتلاً للبلد برمته، خصوصاً أن أي فراغ سيجعل البلد مكشوفاً ويعرّض السلم الأهلي للخطر ويؤثر سلباً في وحدة المؤسسة العسكرية». ورأى أن قرار تأجيل تسريح قهوجي وسلمان «شكل إعادة تجديد الثقة بالقيادة العسكرية... ولا يعني انتقاصاً من قدرات أي ضابط في المؤسسة». واعتبر رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي «أن مؤسسة الجيش أثبتت أنها عصية على كل الخلافات والتداعيات السياسية وأن الجيش برهن أنه تجاوز الخلافات الداخلية والاعتبارات المذهبية والطائفية». وأكد العماد قهوجي في أمر اليوم للعسكريين أن «الخشية من الفراغ حتمت الكثير من القرارات التي لم تكن لتتم لو دارت عجلة الحياة السياسية دورتها الطبيعية ولم تتحكم الخلافات بين الأحزاب والتيارات فتلغي الاستحقاقات الدستورية». وقال إن ما حصل «حافز للجميع كي لا يسمحوا مجدداً بأن تتحكم التجاذبات السياسية لمسار المؤسسات الدستورية». وجاء قرار غصن تأجيل قهوجي (في أيلول/ سبتمبر) وسلمان بعد أيام، حلاً وسطاً بعد تعذر اجتماع مجلس النواب لإقرار قانون تمديد سن التقاعد للقادة العسكريين بفعل خلافات على صلاحيات المجلس النيابي في ظل حكومة مستقيلة، ولأن الحكومة المستقيلة تعصف داخلها الخلافات حول خطوة من هذا النوع وحول تعيين قائد بديل للجيش. واستبعد رئيس المجلس النيابي نبيه بري أمس أن يطعن أي من الضباط بقرار تأجيل تسريح قهوجي أمام المجلس الدستوري أو مجلس شورى الدولة بسبب مناقبيتهم. وأكد «أننا لسنا في حزب واحد مع عون وتحالفنا الاستراتيجي لا يخفي وجود خلاف في قضايا داخلية».