استقر رأي كبار المسؤولين اللبنانيين أمس على معالجة الفراغ المنتظر في قيادة الجيش ورئاسة الأركان بالتمديد لقائده العماد جان قهوجي ورئيس الأركان اللواء وليد سلمان، عبر قرار يصدر عن وزير الدفاع فايز غصن، غداً الأربعاء، كما قال الأخير ل «الحياة» أي قبل عيد الجيش الذي يصادف في الأول من آب (أغسطس) بعد غد الخميس. وعلمت «الحياة» أن اللقاء الذي جمع رئيسي الجمهورية ميشال سليمان وحكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، والذي انضم إليه الوزير غصن، انتهى الى اعتماد صيغة تستند الى قانون الدفاع بتأخير تسريح كل من العماد قهوجي واللواء سلمان بالاعتماد على المادة 15 من قانون الدفاع التي تعتبر الوزير مسؤولاً عن سائر الموظفين في وزارته. وإلى المادة 55 من القانون نفسه التي تجيز له تأخير تسريح الضابط من الخدمة، بدلاً من اعتماد الصيغة التي كانت متداولة بأن يقترح قائد الجيش على الوزير تأخير تسريح أحد الضباط، فيوافق عليه ويحيل الأمر بمرسوم على رئيس الجمهورية بصفته القائد الأعلى للقوات المسلحة وفق الدستور ليوافق عليه بدوره ويوقعه. وقالت مصادر رسمية ل «الحياة» إنه ارتؤي الاكتفاء بأن يوقع الوزير على قرار تأخير التسريح، لأن توقيع رئيس الجمهورية لمرسوم التأخير قد يعرضه للطعن أمام المجلس الدستوري، خصوصاً أن الدستور ينص على أن «يخضع الجيش لسلطة مجلس الوزراء»، وهو ما قد يلجأ إليه زعيم «التيار الوطني الحر» العماد ميشال عون المعارض للتمديد لقهوجي وسلمان، داعياً الى تعيين بديل منه في مجلس الوزراء. هذا فضلاً عن أن تعيين القائد ورئيس الأركان يعود الى المجلس، في وقت يقول مؤيدو التمديد لقهوجي أن لا اتفاق على اسم قائد الجيش البديل في مجلس الوزراء فضلاً عن أن الحكومة مستقيلة وتعيين القائد يتعدى النطاق الضيق لتصريف الأعمال. وعلمت «الحياة» أن المداولات التي جرت أمس وتستمر اليوم يفترض أن تنجز الاتفاق على تحديد مدة تأخير تسريح كل من قائد الجيش ورئيس الأركان، والتي كان الوزير غصن يقترح أن يربطها في قراره بتعيين البديلين منهما، فيما فضل ميقاتي أن تكون لستة أشهر، لعل الحكومة الجديدة تتشكل خلال هذه المدة، لتتولى تعيين البديلين وملء الفراغات في أعضاء المجلس العسكري. وتردد أن قرار الوزير غصن سيؤخر التسريح لمدة سنة. وجاء التوافق على هذا المخرج لتفادي الفراغ في أعلى منصبين في قيادة الجيش (قهوجي يحال الى التقاعد في أيلول/ سبتمبر وسلمان في 8 آب/ أغسطس المقبل) بعد تأخر تشكيل الحكومة وبعد تعذر التصويت على قانون برفع سن التقاعد للقادة العسكريين في المجلس النيابي، نظراً الى الخلاف على اتساع جدول أعمال الجلسة النيابية التي دعا إليها رئيس البرلمان نبيه بري الذي ضم الى اقتراح القانون في هذا الصدد 44 بنداً آخر، ما أثار حفيظة ميقاتي الذي اعتبر أن التشريع يفترض ألا يتم في ظل حكومة مستقيلة إلا للضرورة بحيث ينحصر جدول الأعمال بالتمديد للقادة العسكريين وما هو ملح بدلاً من 45 بنداً. وأيّده في ذلك نواب قوى 14 آذار لخشيتهم من تكريس سابقة تسيير شؤون الدولة عبر البرلمان في ظل العرقلة المستمرة لتشكيل الحكومة برئاسة النائب تمام سلام، إضافة الى تغيّب نواب «التيار الوطني الحر» بزعامة عون لمعارضتهم التمديد لقهوجي وسلمان. وحضر نواب من قوى 8 آذار و «جبهة النضال الوطني» النيابية برئاسة وليد جنبلاط الى البرلمان أمس لكن الجلسة لم تُعقد لفقدان النصاب فأجلها بري الى 20 آب، مصراً على جدول أعمالها كما طرحه، معتبراً أن المجلس أم السلطات ويحق له التشريع. وتبادل فريقا 14 آذار و8 آذار الاتهامات حول تعطيل عمل المؤسسات. من جهة أخرى عُقد المجلس الأعلى للدفاع أمس برئاسة سليمان وحضور وميقاتي والوزراء المختصين، لبحث الوضع الأمني في البلاد وسجل تميزه «بالهدوء النسبي»، ودعا الوزارات المعنية الى مواصلة إجراءاتها لتأمين الزراعات البديلة لزراعة حشيشة الكيف في مناطق بقاعية وعرض إجراءات تلف هذه المزروعات قبل حصادها. كما قرر المجلس إجراءات في ما يخص الأوضاع الأمنية للنازحين السوريين الذين تزايدت أعدادهم بكثافة، وقرر إجراءات بإقفال محال تجارية ومؤسسات فتحها نازحون سوريون في البقاع الأوسط سببت منافسة غير متكافئة مع اللبنانيين، من دون تراخيص قانونية، ما تسبب بحساسيات بين الجانبين. وواصلت سفيرة الاتحاد الأوروبي في بيروت أنجيلينا أيخهورست زياراتها لقياديين من «حزب الله» فالتقت وزير الزراعة حسين الحاج حسن مؤكدة أن قرار الاتحاد تصنيف الجناح العسكري للحزب على لائحة الإرهاب، يستثني وزراءه ونوابه وقادته وهيئاته المدنية كافة من مفاعيله. وفي السياق التقى وفد من سفراء دول قوات الأممالمتحدة في جنوب لبنان (يونيفيل) والمنسق الخاص للمنظمة الدولية في بيروت ديريك بلامبلي قائد الجيش العماد قهوجي مساء أمس في مقر الاممالمتحدة للبحث معه في خطوات دعم دولهم للجيش اللبناني وتزويده الأعتدة والأسلحة التي يحتاجها. وقال قهوجي، خلال اللقاء، ان أعباء الجيش لا يمكن مقارنتها على الإطلاق بقدراته الحالية. وما زاد من حجم هذه الأعباء الأزمات الإقليمية المتلاحقة وانعكاسها على لبنان ما استوجب مضاعفة الجهود واستخدام كامل الطاقات بمساندة مشكورة من الجيوش الصديقة وقوات الأممالمتحدة. و أوضح أن إقرار الحكومة، رغم الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تعانيها البلاد، لخطة خمسية لتسليح الجيش توفر جزءاً أساسياً من احتياجاته لو ترافق ذلك مع مشاركة الدول الصديقة في تأمين المستلزمات الفورية للخطة، والمستلزمات المتبقية وفقاً للأولويات. وأمل من هذه الدول تطوير برامج مساعداتها وهباتها في مختلف المجالات. واعتبر الاجتماع خطوة مهمة في مسيرة التحضير لتسليح الجيش. وأكد أن تحقيق الخطة لا ينعكس على استقرار بلدنا فحسب بل على الاستقرار الإقليمي والدولي، مشدداً على تضحيات الجيش في مواجهة الإرهاب.