قُبيل غروب الشمس، ترى جسر الملك فهد الرابط بين (المملكتين) السعودية والبحرين، النابض بالحركة المشهود له بالتكدس طوال العام، يتحول إلى جسر أسمنتي لا يختلف عن غيره من الجسور الأخرى، إذ تصبح الحركة فيه منسابة بهدوء وغير لافتة للنظر، وبالكاد ترى مركبة تمر بين حين وآخر. ومع أذان المغرب، يوحي الجسر للعابرين من بعيد أنه مغلق، لسبب طارئ. إذ يقل عدد الموظفين وعدد كبائنهم النشطة، ويلجأون كغيرهم من الصائمين إلى الجلوس في تجمعات، من أجل تناول طعام الإفطار. على رغم هذا الهدوء الواضح لكل من يعبر الجسر في هذا التوقيت، ترى موظفي الجمارك مصطفين على جانبي الممر، يمارسون عملهم في تفتيش المركبات العابرة للجسر، حتى إذا تزامن مرورها مع لحظة رفع الأذان، لما لهذا المنفذ البري من أهمية «أمنية». هذا الجهد المبذول من موظفي الجمارك أوجد نوعاً من التفاعل بينهم وبين بعض العابرين الذين تتكرر زيارتهم للجسر في هذا الشهر، إما للتسوق أو الزيارات العائلية، أو من أجل حضور مناسبات موسمية ك«القرقيعان» مثلاً، وهم يصطحبون معهم بعض المأكولات الخفيفة كالتمر والماء والفطائر، ويحرصون على أن تشاركهم قطاعات الموظفين القائمين على رأس العمل في حينها، وهذا السلوك يلقى استحساناً وتقديراً كبيراً من الموظفين المرابطين. يقول المواطن سعيد باطرفي إن مشاركة رجال الجمارك الإفطار: «هو نوع من التقدير لهم، لما يقومون به من جهد على مدار الساعة، أما نحن كعابرين لنقطة التفتيش سنحظى بعد قليل باجتماع مع الأسرة أو الأصدقاء، لتناول وجبة الإفطار، هذه «متعة» حُرِم منها هؤلاء الموظفون، من أجل تأدية واجبهم». مشيداً في الوقت ذاته «بحسن خلق العاملين في هذا القطاع، على رغم حرارة الشمس، ووقفوهم لساعات طويلة». «الحياة» حضرت «مشهداً» لمشاركة الإفطار بين الموظفين وبعض العابرين، غير أن ذلك الأمر لم يؤثر في جديتهم في أداء عملهم كما هو متداول عنهم. إذ يكثر الحديث على أن هذه الفترة بالذات، تشهد تساهلاً في عملية التفتيش، وهو ما يشجع بعض المخالفين على تمرير بعض «المستلزمات» المحظورة التي يُعاقب عليها النظام. من جانبه، قال أحد الموظفين ل«الحياة»: «ليس هناك تهاون في التفتيش في جميع الأوقات، وما يقال حول هذا الموضوع لا يعدو أن تكون إشاعات لا صحة لها». وأضاف: «بل الشيء الذي لا يعرفه البعض، أننا في مثل هذه الفترات نكون أكثر حرصاً على التفتيش والتدقيق من الأيام العادية». لافتاً إلى أن موظفي الجسر «يحبطون في رمضان تهريب الممنوعات كسائر الأيام». مطالباً الناس «بتحري الدقة والبعد عن تصديق مثل هذه الإشاعات». يُذكر أن الجسر دخل في مرحلة «التأهب»، استعداداً للزحام المتوقعة أيام عيد الفطر، إذ عقدت المؤسسة العامة لجسر الملك فهد اجتماعاً تنسيقياً لمديري الإدارات الحكومية بجسر الملك فهد من الجانبين السعودي والبحريني، تمت خلاله مناقشة الاستعدادات والتجهيزات، لمواجهة الأعداد المتوقعة للمسافرين، ووضعت خطة عمل مشتركة، لتسهيل حركة النقل والتنقل عبر الجسر.