قتل عشرات وأصيب المئات في اشتباكات بين أنصار الرئيس المصري المعزول محمد مرسي وقوات الشرطة في طريق النصر قرب مقر اعتصام أنصار مرسي في «رابعة العدوية» في حي مدينة نصر. وبدا لافتاً أنه كلما امتلأ ميدان التحرير بحشود ضخمة معارضة لجماعة «الإخوان» تنتهي الليلة بدماء، وهو أمر تكرر في الاشتباكات التي اندلعت بين «الإخوان» وقوات الجيش أمام مقر الحرس الجمهوري قبل أيام وقتل فيها العشرات، إضافة إلى مصرع 3 سيدات وفتاة في مدينة المنصورة في هجوم شنه معارضو مرسي على مسيرة لمؤيديه. وكان ميدان التحرير اكتظ بمئات الآلاف من المتظاهرين «ضد الإرهاب» في حشد غير مسبوق، إذ امتلأت شوارع جانبية بعيدة من الميدان حتى بعد منتصف الليل، ما مثّل دعماً قوياً لوزير الدفاع الفريق أول عبدالفتاح السيسي، خصوصاً أن تظاهرات «الإخوان» توارت تماماً خلف مشهد الميدان. لكن الليلة التي بدت سلمية إلا من اشتباكات وقعت في الإسكندرية قبل الإفطار واستمرت ساعات وسقط فيها 8 قتلى وعشرات المصابين، انتهت باشتباكات دامية بين قوات الشرطة وأنصار مرسي قرب اعتصام «رابعة» وأسفرت عن مقتل 38 شخصاً وجرح أكثر من 200 متظاهر، بحسب بيان لوزارة الصحة، فيما قال تحالف «دعم الشرعية» المؤيد لمرسي إن ما لا يقل عن 100 شخص قتلوا في تلك الاشتباكات. وذهب موقع «الإخوان» على شبكة الإنترنت إلى أيراد معلومات عن مقتل 200 شخص وإصابة 4500 آخرين في «مجزرة بشعة ضد رافضي الانقلاب العسكري». وتضاربت روايات «الإخوان» ووزارة الداخلية حول تلك الاشتباكات، فيما أظهرت فيديوات مصورة نشرها نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي عدم دقة الروايتين. وقالت وزارة الداخلية في بيان إن «جماعة الإخوان أبت أن يمر اليوم في سلام وسعت لإفساده، فأصرت على افتعال الأزمة عبر تحريك مسيرة من «رابعة العدوية» إلى مطلع جسر أكتوبر الحيوي في طريق النصر، الذي يبعد نحو 3 كيلومترات من مقر الاعتصام، لقطعه وتعطيل المرور». وأشارت إلى أن الإخوان «قاموا بإشعال الإطارات بكثافة في مطلع الكوبري واشتبكوا مع أهالي منطقة منشأة ناصر القريبة واستخدم في تلك الاشتباكات الأسلحة النارية والخرطوش فتدخلت قوات الأمن للفصل بين الطرفين، والحيلولة دون غلق الجسر». ولفتت إلى أن 14 ضابطاً أصيبوا منهم اثنان بطلقات نارية بالرأس، كما جرح 37 من أفراد الشرطة وجنودها. وقال وزير الداخلية اللواء محمد إبراهيم في مؤتمر صحافي إن متظاهري رابعة العدوية أطلقوا رصاصاً حياً على قوات الأمن أثناء محاولة تفريقهم بقنابل الغاز المسيل للدموع. وأوضح أن قوات الشرطة «كانت متواجدة في شارع النصر وبينها وبين رابعة العدوية مسافة كبيرة ولم تتقدم القوات نحو المعتصمين بل هم الذين تحركوا حتى مكان القوات من أجل أن يستثمروا ذلك سياسياً». وأضاف أن الداعية صفوت حجازي حرّض المتظاهرين في رابعة العدوية على التوجه إلى جسر أكتوبر لاحتلاله وقطع حركة المرور وقامت قوات الأمن بتفريقهم، لكنهم عادوا فجأة إلى قوات الشرطة وبدأوا في إطلاق الأعيرة الحية والخرطوش على القوات. وأشار إلى أنه تم ضبط 73 شخصاً وبحوزتهم أسلحة أمام منصة الجندي المجهول في شارع النصر. في المقابل، قال «التحالف الوطني لدعم الشرعية» المؤيد لمرسي في بيان إن «ميدان رابعة العدوية ضاق بالحشود المليونية، ما اضطر المعتصمين إلى الانتشار على امتداد طريق النصر حتى وصلوا إلى مشارف جامعة الأزهر، فقامت قوات الأمن مدعومة بحماية من القوات المسلحة بإمطار المتظاهرين السلميين بقنابل الغاز، ثم بدأ إطلاق الخرطوش والرصاص الحي الكثيف من خلال القناصة الذين اعتلوا أسطح مباني جامعة الأزهر، وأخذوا في قنص المتظاهرين بوحشية عجيبة». لكن فيديوات مصورة كذّبت تلك الرواية وكشفت عدم دقة رواية وزارة الداخلية، إذ يظهر في تلك الأشرطة مجموعة من أنصار مرسي يقدرون بالمئات وصلوا بالفعل إلى مطلع جسر أكتوبر في محاولة لاعتلائه، علماً أن المسافة بين مقر اعتصامهم وتلك المنطقة تقدر بكيلومترات عدة، وكان شارع النصر خلفهم خالياً من المتظاهرين، لكن المئات ممن تجمعوا في مطلع الجسر تصدت لهم قوات الشرطة بمجرد أن هتفوا ضد وزارة الداخلية، ولم يُشاهد أي متظاهر يسعى إلى حرق إطارات. وأطلقت قوات الشرطة قنابل الغاز بكثافة على الحشد الذي تفرق في دقائق واتجه صوب «رابعة العدوية» مجدداً. وأظهرت أشرطة مصورة أخرى اشتباكات بين الشرطة وأفراد بزي مدني وأنصار مرسي، وسط سماع دوي إطلاق النار لم يتسن تحديد مصدره. وجرت الاشتباكات قرب منصة الجندي المجهول في شارع النصر التي تبعد نحو كيلومترين عن اعتصام رابعة العدوية. وأظهرت لقطات مصورة حرائق وتكسيراً، فيما تحصن أنصار مرسي خلف حائط قصير بنوه في منتصف الطريق بالحجارة. وشوهد مدنيون يطلقون النار، لكن لم يتسن تحديد هويتهم. وتحولت المنطقة إلى ما يشبه ساحة حرب بين آلاف من أنصار مرسي وقوات الشرطة في معركة استمرت ساعات. واتهمت النيابة العامة في بيان أنصار مرسي ب «المبادرة بإطلاق النيران تجاه قوات الأمن لدى تصديها لهم بغرض منعهم من اعتلاء جسر أكتوبر لقطع الطريق». وأمر النائب العام المستشار هشام بركات بفتح تحقيق في واقعة احتجاز عدد من أنصار الرئيس السابق محمد مرسي أربعة من جنود الأمن المركزي ومصادرة أسلحتهم. وبدا أن سلطات الأمن ضاقت بمسيرات أنصار مرسي التي دأبت على قطع الطرق كل ليلة، وأنها في انتظار أمر قضائي بفض اعتصامَي رابعة العدوية وميدان النهضة بعد شكاوى قدمها أهالي قالوا إنهم متضررون من تلك الاعتصامات. واجتمع أمس مجلس الدفاع الوطني برئاسة الرئيس الموقت عدلي منصور بعد تصريحات لوزير الداخلية قال فيها إنه سيتم فض الاعتصامين قريباً وفي إطار قانوني. وأوضح وزير الداخلية اللواء محمد إبراهيم أن هناك عمليات تعذيب تحدث داخل الاعتصامات، مشيراً إلى أن ميدان النهضة خرج منه 6 جثث خلال الفترة الماضية بالإضافة إلى 3 حالات تعذيب تُعالج حالياً. وأضاف إبراهيم أن جماعة الإخوان عذبت 10 أشخاص في رابعة العدوية تُوفي منهم 3، إضافة إلى ما يسببه الاعتصامان من تعطيل المرور. وقال إبراهيم إن وزارة الداخلية في انتظار قرارات النيابة العامة في الدعاوى التي رفعت ضد اعتصامي رابعة والنهضة وبناء عليها سيتم التعامل مع المعتصمين، موضحاً أن هناك تنسيقاً كاملاً مع القوات المسلحة لتحديد الساعة والتوقيت المناسبين لتنفيذ فض الاعتصامين وفقاً للبلاغات المقدمة إلى النيابة العامة حتى يكون هناك غطاء قانوني في هذا الإطار. وتوقع فض الاعتصامين في «القريب العاجل وبأقل خسائر ممكنة». وكانت وزارة الداخلية اتهمت أعضاء في جماعة الإخوان باعتلاء مأذنة مسجد القائد إبراهيم في الإسكندرية وإطلاق النيران على أهالي المنطقة وقوات الأمن في الاشتباكات التي وقعت أول من أمس. من جهة أخرى، أعلنت أجهزة الأمن العثور على قنبلة يدوية في شارع حيوي في حي الهرم في محافظة الجيزة وعبوة ناسفة بجوار قسم شرطة الشيخ زويد في حي السادس من أكتوبر.