دخل مقاتلون من «الجيش السوري الحر» الى مدينة عين العرب (كوباني) الكردية قبل وصول مقاتلي «البيشمركة» العراقيين الاكراد حاملين معدّات ثقيلة الى المدينة، ضمن مساعٍ بذلت لدعم صمود المقاتلين الاكراد ضد عناصر تنظيم «الدولة الاسلامية» (داعش) الذين يحاولون السيطرة على المدينة منذ منتصف الشهر الماضي. وقالت القيادة المركزية الأميركية إن مقاتلات التحالف الاميركي - العربي شنّت 14 ضربة جوية يومي الثلاثاء والأربعاء على «داعش» في سورية والعراق، بينها ثماني ضربات في سورية قرب عين العرب على الحدود مع تركيا حيث دمرت وحدة للتنظيم و «نقطة للقيادة والتحكم» ومباني أخرى وعربات ومواقع قتال للجماعة المتشددة. وكان مقاتلون من «الجيش الحر» دخلوا فجر امس الى عين العرب لمساندة مقاتلي «وحدات حماية الشعب» الكردية في مواجهة تنظيم «الدولة الاسلامية» الذي يحاول منذ ستة اسابيع الاستيلاء على المدينة، على ما ذكرت مصادر متطابقة. وجاء ذلك في وقت تتواصل الاشتباكات داخل المدينة المقسومة مناصفة تقريباً بين الطرفين المتقاتلين. وقال مسؤول تركي محلي في منطقة تركية حدودية طالباً عدم كشف هويته ان حوالى 150 مقاتلاً من «الحر» عبروا الحدود ليلاً الى مركز مرشد بينار الحدودي. وقال «المرصد السوري لحقوق الانسان» ان عدد المقاتلين هو خمسون، موضحاً: «نحو خمسين مقاتلاً من فصائل سورية مقاتلة دخلوا الى مدينة عين العرب مع أسلحتهم، قادمين من الأراضي التركية، عبر المعبر الحدودي الواصل بين المدينة والأراضي التركية». وقال نواف خليل الناطق باسم «حزب الاتحاد الديموقراطي» برئاسة صالح مسلم ابرز الاحزاب الكردية السورية، ان «مقاتلين مسلحين من الجيش الحر دخلوا مدينة كوباني عبر الحدود التركية»، مشيراً الى ان دخولهم «تم بالتنسيق مع وحدات حماية الشعب التي تتولى حماية الادارة الذاتية الكردية». وأوضح ان «وحدات حماية الشعب» هي التي تملك القرار في الشؤون العسكرية على الارض. وكان رئيس «المجلس العسكري في حلب» العقيد عبدالجبار العكيدي ترأس وحدة من مئتي مقاتل توجهوا الى المدينة للمشاركة في قتال «داعش». وتواجه «وحدات حماية الشعب» منذ 16 ايلول (سبتمبر) الماضي هجوماً لتنظيم «الدولة الاسلامية» على عين العرب، في معارك ضارية خسرت خلالها اراضي كثيرة في محيط المدينة وداخلها، لكن المدينة لم تسقط بعد. وحصلت «وحدات حماية الشعب» اخيراً على اسلحة مصدرها كردستان العراق انزلتها طائرات عسكرية اميركية فوق عين العرب. كما لعبت الغارات التي تنفذها طائرات تابعة للتحالف الدولية بقيادة اميركية على مواقع وتجمعات «الدولة الاسلامية» دوراً بارزاً في اعاقة هجوم التنظيم المتطرف. ورفض خليل اعطاء تفاصيل عن الاسلحة وعدد مقاتلي «الجيش الحر» الذين دخلوا عين العرب، إلا ان ناشطاً كردياً داخل المدينة رفض الكشف عن اسمه اكد بدوره ان عددهم حوالى خمسين، وانهم مزودون اسلحة رشاشة خفيفة ومتوسطة. وأوضحت وكالة أنباء «فرات» الموالية للاكراد ان مقاتلي «الجيش الحر» عبروا الحدود في ثماني آليات. وانتظر المقاتلون الاكراد انضمام مقاتلين عراقيين اكراد من «البيشمركة» اليهم في عين العرب. وانطلق هؤلاء من كردستان العراق الثلاثاء. وكانوا حصلوا على موافقة السلطات التركية على العبور الى المدينة. وأوضح المسؤول المحلي التركي ان كتيبة اولى من «البيشمركة» اصبحت موجودة الاربعاء في مكان سري في مدينة سوروتش في جنوبتركيا قرب الحدود. وكان مراسل لوكالة «فرانس برس» ذكر ان كتيبة من «البيشمركة» مزودة اسلحة ثقيلة عبرت من العراق الى تركيا صباحاً من مركز الخابور الحدودي. وأشار الى انهم لقوا استقبالاً حاراً من الاكراد الاتراك الذين رفعوا الأعلام الكردية. وأوضح المسؤول التركي ان الكتيبة الاولى التي وصلت جواً «تنتظر الكتيبة التي ستصل براً وستعبران الحدود معاً نظراً الى الوضع القائم». وقال مراسل «رويترز» إن طائرة تابعة للخطوط الجوية التركية هبطت في مدينة سانليورفا في جنوب شرقي تركيا حوالى الساعة 01:15 صباحاً بالتوقيت المحلي (2315 بتوقيت غرينتش) وسط إجراءات أمنية مشددة. وغادرت قافلة حافلات بيضاء ترافقها سيارات جيب مدرعة وسيارات شرطة المطار بعد ذلك بوقت قصير. وقال أدهم باشو عضو «المجلس الوطني الكردي» السوري في عين العرب ان «البيشمركة سيصلون مدينتنا اليوم» (امس)، مؤكداً وصول مجموعة تضم ما يراوح بين 90 و100 مقاتل إلى سانليورفا خلال الليل. وسافرت مجموعة منفصلة من مقاتلي «البيشمركة» إلى منطقة الحدود التركية من طريق البر ومعها أسلحة أثقل. وبثت قناة تلفزيونية كردية لقطات لما قالت إنها قافلة من مركبات «البيشمركة» محمّلة بالأسلحة في طريقها إلى المنطقة. شريك وأسلحة ثقيلة وقال مسلم إن مقاتلي «البيشمركة» العراقيين سيجلبون معهم أسلحة ثقيلة، لافتاً الى ان الاسلحة الثقيلة تضم مضادات للدروع وسيارات مدرعة وأنها «ستساعد المقاومة الكردية في كوباني على صد هجمات تنظيم «داعش» الارهابي ودحر مسلحيه الذين يستخدمون الأسلحة الثقيلة». وكتب هيمن هورامي المسؤول البارز في «الحزب الديموقراطي الكردستاني» في العراق على حسابه على موقع «تويتر» إن «مقاتلي البيشمركة على بعد بضعة كيلومترات من كوباني وسيدخلون قريباً». في الغضون، تواصلت المواجهات بين الاكراد و «داعش» في المدينة. وقال «المرصد» إن 12 قذيفة أطلقها عناصر «الدولة الإسلامية» سقطت على المدينة خلال الليل حيث استمرت الاشتباكات مع «وحدات حماية الشعب»، وكان برلمان إقليم كردستان العراق اقر الأسبوع الماضي نشر بعض قوات «البيشمركة» في سورية. وتحت ضغط الحلفاء الغربيين وافقت تركيا على السماح لقوات «البيشمركة» بالتحرك من العراق واجتياز أراضيها للوصول إلى كوباني السورية. وقالت جين ساكي الناطقة باسم الخارجية الأميركية في إفادة يومية في واشنطن: «هذا مكون واحد. انه بالقطع مكون شعرنا بأنه سيكون ذا تأثير، ومن المهم ان يكون لنا شريك على الارض نعمل معه». وأوضحت الولاياتالمتحدة وحلفاؤها في التحالف أنهم لا يعتزمون ارسال قوات برية لمحاربة «داعش» في سورية أو العراق، لكنهم بحاجة إلى شركاء على الأرض للاستفادة من ضرباتهم الجوية. وقال هنري باركي المسؤول السابق في وزارة الخارجية الأميركية: «ماذا تظهر كوباني؟ تلك المقاومة الصلبة على أرض الواقع مع القوة الجوية الأميركية يمكن أن تدفع الدولة الإسلامية إلى الوراء». وأضاف: «يريدون نقل هذا إلى العراق بحيث تنسق البيشمركة والجيش العراقي تحركهم معاً. انهم حقاً بحاجة الى النصر... أدركوا أن هذه فرصتهم لأن لديك قوة مقاتلة حقيقية على أرض الواقع... هذا نموذج». وقال وزير البيشمركة في كردستان العراق مصطفى سيد قادر لوسائل الإعلام المحلية الثلاثاء إنه لم توضع حدود للفترة التي ستبقى فيها قوات «البيشمركة» في كوباني. وقالت حكومة كردستان العراق من قبل ان «قوات البيشمركة لن تشارك في القتال في كوباني بشكل مباشر وأنها ستقدم دعماً بنيران المدفعية». ورفض مسؤولون أتراك انتقادات دولية بسبب ترددهم في بذل المزيد لمساعدة الأكراد المدافعين عن كوباني المحاصرة. ويتهمهم الأتراك بأنهم مرتبطون ب «حزب العمال الكردستاني» الذي خاض تمرداً ضد الدولة التركية لعقود. وتخشى أنقرة من أن يستغل أكراد سورية الفوضى وأن يسيروا على درب إخوانهم في العراق ويسعوا الى إقامة دولة مستقلة في شمال سورية مما يشجع المسلحين الأكراد في تركيا ويعرقل عملية سلام هشة. وأغضب هذا الموقف الأقلية الكردية في تركيا التي تمثل خمس السكان ونصف جميع الأكراد في أنحاء المنطقة. ويشتبه الأكراد في أن أنقرة تفضل أن ترى عناصر «الدولة الإسلامية» وقد وسعوا من مكاسبهم من الأراضي على ان ترى المسلحين الأكراد يعززون سلطتهم المحلية. وأطلقت الشرطة التركية النار في الهواء والغاز المسيل للدموع لتفريق مئات من أنصار الأكراد تجمعوا عند معبر خابور الحدودي خلال الليل لاستقبال «البيشمركة» بعدما ألقوا الحجارة على مجمع للشرطة. وقال رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو في وقت سابق إن الضربات الجوية وحدها لن تكفي لصد المسلحين وأن «البيشمركة» وقوات المعارضة السورية المعتدلة فقط هي التي يمكنها اخراج «الدولة الاسلامية» من كوباني.