إذا كان لعملية السلام بين الفلسطينيين وإسرائيل أن تحيا من بين الأموات (مثل اليعازر في العهد الجديد من الكتاب المقدس)، فالمفاوضات يجب أن تجرى على أساس وقف الاستيطان والقدس عاصمة فلسطين. لن أحاول الديبلوماسية، فأقول إن أي مفاوضات على غير هذين الشرطَين الواضحَين خيانة، ثم أبدأ بالفلسطينيين وأقول إن الانقسام في ضفة وقطاع، أو قيس ويمن، جريمة ضد فلسطين. وزير الخارجية الأميركي جون كيري أعلن الاتفاق على مفاوضات في واشنطن خلال أيام، وهو في عمّان قبل أسبوع بعد اجتماع مع الرئيس محمود عباس، وفاجأ بإعلانه الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، كما رأينا في تصريحات رسمية لهما. مجرم الحرب الإسرائيلي بنيامين نتانياهو لا يزال يصر على مفاوضات من دون شروط، أي مفاوضات مع استمرار الاستيطان في الضفة الغربيةوالقدس. وهو يريد عرض أي اتفاق مع الفلسطينيين على استفتاء، كأن الاتفاق ممكن وأراه مستحيلاً مع مجرمي الحرب. الوزير الأميركي لا يعرض أسس حل قوامه دولتان مستقلتان تعيشان بسلام جنباً إلى جنب، وإنما هو يحاول رشوة الفلسطينيين بسلام اقتصادي قوامه أربعة بلايين دولار. فلسطين ثمنها أربعة بلايين دولار؟ يا عيب الشوم، كما يقول الفلسطينيون، وهذا مشروع بنيامين نتانياهو وشمعون بيريز قبله. الموجود الآن على الأرض هو أن حكومة الفاشست الإسرائيليين تمنع الفلسطينيين الذين يغادرون الأرضي المحتلة من العودة، وهناك 30 ألف فلسطيني سُحِبَت منهم هوياتهم، ونتانياهو يطالب بقبول الفلسطينيين إسرائيل دولة يهودية، مع وجود ست كتل استيطانية كبيرة تقطع أوصال الضفة وألف جدار بين قرية فلسطينية وأخرى بالإضافة إلى جدار الفصل أو العار، وبيوت الفلسطينيين في القدس تُسرَق نهاراً جهاراً. باراك أوباما باع نفسه للشيطان الإسرائيلي، على طريقة المَثل الشعبي الأميركي «إذا لم تستطع أن تهزمهم انضم إليهم.» وهو لم ينفذ شيئاً من وعوده في خطاب القاهرة سنة 2009، بل نفذ عكسه. والكونغرس الأميركي في جيب لوبي إسرائيل وأعضاؤه المرتشون يقولون إن إسرائيل حليف استراتيجي للولايات المتحدة ضد الإرهاب. هذا كذب صفيق. هل كان قام إرهاب ضد الولاياتالمتحدة لولا التزامها الكامل بدولة الجريمة والاحتلال؟ إسرائيل أصل الإرهاب وأمه وأبوه وإرهابها أطلق كل إرهاب مضاد. لعل من القراء مَنْ يذكر أن الرئيس أوباما زار إسرائيل في آذار (مارس) الماضي. ماذا فعل؟ حاول أن يحل المشكلة بين نتانياهو ورئيس وزراء تركيا رجب طيب أردوغان. الآن أقرأ أن حاكم تكساس ريك بيري سيزور إسرائيل بعد شهرين، فهو يفكر في ترشيح نفسه للرئاسة الأميركية ويحتاج إلى برَكة إسرائيل. وكان السناتور راند بول، المرشح المحتمل الآخر من كنتاكي سبقه إلى زيارة إسرائيل، وكذلك فعل مارك روبيو من فلوريدا وتيد كروز من تكساس. إسرائيل تختار الرئيس الأميركي؟ هذا من نوع الذنَب الذي يهز الكلب. في دولة الاحتلال وجريمة المؤسسات قالت وزيرة العدل تزيبي ليفني إنه يجب إرسال رسالة إلى المتطرفين أن العنف والإرهاب غير مقبولين. هي لم تكن تتحدث عن حكومة إسرائيل الإرهابية. وقال المهاجر الأميركي نفتالي نبيت، وزير الاقتصاد، إن الاستيطان سيستمر بغض النظر عن المفاوضات. وأسأل على ماذا سيكون التفاوض؟ وأعلن حارس المواخير أفيغدور ليبرمان، وزير الخارجية السابق، إن الحل غير ممكن والمطلوب إدارة الصراع. أما نائب وزير الدفاع داني أيالون، سليل كل الإرهابيين في حكومات إسرائيل، فقال إن على إسرائيل أن تتعلم من أخطاء الماضي ولا تفرج عن إرهابيين. أقول إن الإرهابيين طلقاء وفي الحكومة الإسرائيلية مثله، وإن الأسرى الفلسطينيين مناضلون من أجل الحرية وبلدهم محتل من البحر إلى النهر. الاتحاد الأوروبي أعلن أخيراً مقاطعة البضائع من المستوطنات في الأراضي المحتلة، فهذا رأي العالم الحر، والشرق والغرب، في إسرائيل وسياستها، لا رأيي أو رأي العربي قارئ هذه السطور. وأختتم كما بدأت فالمفاوضات مع إسرائيل عبثية وخيانة لفلسطين. [email protected]