تتصاعد وتيرة العنف في العراق بشكل يومي، منذرة بانزلاق سريع نحو الحرب الأهلية. من جهة أخرى، شن الزعيم الشيعي مقتدى الصدر حملة على رئيس الوزراء نوري المالكي وحكومته التي لا تستطيع بسط الأمن ودعا العراقيين إلى إطاحته. وبعد يوم من تفجيرات دامية مسائية استهدفت أحياء في بغداد ومسجداً سنياً في ديالى ذهب ضحيتها العشرات، سقط أمس المزيد من الضحايا في سلسلة عمليات اغتيال وتفجير أبرزها استهداف مسجد الإمام علي في محافظة ديالى. وتستهدف الهجمات في بغداد أحياء وأسواق ومساجد وشخصيات سنية وشيعية، ما يرفع مستوى المخاوف من الحرب الأهلية. وقتل خلال أقل من 24 ساعة 61 شخصاً وأصيب أكثر من 110 في هجمات معظمها بسيارات مفخخة هزت مناطق متفرقة من بغداد ليل السبت - الأحد، ليرتفع إلى نحو 500 عدد الذين قتلوا منذ بداية تموز (يوليو) الجاري. وجاءت هذه التفجيرات في إطار موجة العنف المتصاعدة التي قتل فيها 2500 شخص خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة، على ما أفادت أرقام الأممالمتحدة، التي حذرت من أن العراق يقف عند حافة حرب أهلية جديدة. وعلى رغم اتهام الحكومة والقوى الامنية تتهم تنظيمات مثل «القاعدة» و «حزب البعث» بمحاولة إثارة حرب طائفية عبر ضرب أحياء ومساجد سنية وشيعية، إلا أن هيئات سياسية ودينية سنية تؤكد ظهور مليشيات شيعية مسلحة قد تكون ضالعة في أعمال العنف. ويشير هؤلاء إلى ميليشيا «جيش المختار» بزعامة واثق البطاط الذي صدرت بحقه أوامر اعتقال وما زال طليقاً. وكان البطاط أعلن في مقابلة تلفزيونية مع قناة «البغدادية» مسؤولية تنظيمه عن ضرب معسكر «ليبرتي» لتنظيم «مجاهدين خلق» الإيراني المعارض، وضرب ميناء مبارك الكويتي، وجدد تهديده بقتل «البعثيين» و «التكفيريين»، كما أنه هدد القضاة بالتصفية، وبضرب مقرات «ائتلاف دولة القانون» الذي يتزعمه المالكي. وعلى رغم تأكيد وزارة الداخلية أن إعلانات البطاط «وهمية» فإن وجود قوى مسلحة مثل «عصائب أهل الحق» و «كتائب حزب الله/ العراق» و «كتائب اليوم الموعود»، في مقابل ميليشيا سنية مثل «جيش الطريقة النقشبندية» و «أنصار الإسلام» و «الجيش الإسلامي»، بالإضافة إلى «تنظيم القاعدة» يعطي صدقية للتوقعات بعودة الحرب الأهلية. وكثيراً ما يتم الربط في العراق بين الاضطرابات السياسية والأمنية، عند تبادل التهم بين الأطراف الفاعلة والمختلفة ولا ضمانات لتوصل هذه القوى إلى توافقات توقف أعمال العنف. من جهة أخرى، قال الصدر في بيان: «لو أن شعباً حدث له ما يتعرض له العراقيون من تفجيرات وانعدام للأمن لانتفض وطالب باستقالة الحكومة وعلى رأسها رئيس الوزراء». وأشار إلى أن «أصحاب المفخخات يقتلون العراقيين بكل أطيافهم ومشاربهم وعقائدهم وانتماءاتهم، ويستهدفون الطفل الصغير والرجل الكبير ولا يفرقون بين النساء والرجال»، مضيفاً: «نرى صمتاً مطبقاً لا يتعدى الاستنكار، أو أصواتاً خجولة لا تسمن ولا تغني من جوع ولا تؤمن للعراقي أي أمان أو سلام». وزاد: «لن نمهل الحكومة لا مئة يوم ولا حتى أقل من ذلك فقد بدأت العد التنازلي الأخير».