عاد العراق أمس إلى أجواء الحرب الأهلية المذهبية، خصوصاً بعدما دعا الزعيم الشيعي مقتدى الصدر أمس ميليشيا «جيش المهدي» إلى حماية المصلين، وبعد سقوط عشرات القتلى والجرحى في هجمات استهدفت مساجد وحسينيات شيعية في بغداد، اعتبرها مسؤولون أمنيون رد فعل لتنظيم «القاعدة» على مقتل زعيميه ابو أيوب المصري وأبو عمر البغدادي قبل أيام. واستهدفت ست هجمات بسيارات مفخخة مساجد في بغداد مخلفة أكثر من 57 قتيلاً و117 جريحاً. وحذر مسؤول امني عراقي من مخطط لضرب مساجد سنية «لخلط الأوراق». وتعرضت مدينة الصدر لهجومين بسيارتين مفخختين انفجرت إحداهما قرب مكتب للتيار، والثانية قرب مسجد، فيما انفجرت قنبلة وسط إحدى الأسواق، وأسفرت التفجيرات عن 39 قتيلاً و56 جريحاً، فيما قتل 20 شخصاً على الأقل واصيب 50 في هجمات اخرى استهدفت احياء الزعفرانية (جنوب) والحرية (غرب) والأمين (شرق). وبدت رسالة هجمات الجمعة واضحة، على ما قال الناطق باسم غرفة العمليات في بغداد قاسم عطا الذي اعتبر ان هدفها «استعادة اجواء الحرب الطائفية»، وحذر في تصريحات متلفزة من «عمليات جديدة قد تستهدف مساجد لطائفة معينة»(سنية). وقال عطا ومسؤولون امنيون وسياسيون إن الهجمات رد فعل من تنظيم «القاعدة» على «سلسلة العمليات ضد التنظيم. وتمكنت خلالها من قتل المصري والبغدادي. إلى ذلك، دعا الصدر «جيش المهدي» الى «حماية المساجد والحسينيات خلال صلاة الجمعة»، ما اعتبر اول اعلان لإحياء هذه الميليشيا، بعد تجميدها عام 2007. وكان اول ظهور مسلح علني ل «جيش المهدي» منذ عام 2008، خلال تظاهرة نظمها تيار الصدر، قبل أسبوعين في مناسبة الذكرى السابعة لاحتلال بغداد. وقبل ساعات من التفجيرات ابلغ الناطق باسم الصدر صلاح العبيدي «الحياة» ان التيار «يطمئن اهالي البصرة الذين ابدوا قلقاً من احتمال عودة المليشيات إلى أن «العنف لن يعود». وقال: «منذ فترة وضعنا آلية عمل لعناصر جيش المهدي في عموم البلاد، من شأنها طمأنة الناس إلى عدم خلط الأوراق في الشارع من جديد وهي (الآلية) تكرس الجهد الثقافي لأبناء هذا الجيش وتحدد العناصر التي تضطلع بعمل المقاومة المسلح ضد المحتل». لكن العبيدي أكد بعد التفجيرات ان الصدر دعا جيش المهدي الى «حماية المساجد ومكاتب التيار خوفاً من وقوع اعمال تستهدف أبناءه في مناطقهم». وقال القيادي البارز في التيار حازم الأعرجي إن تجميد نشاط «جيش المهدي» كان هدفه إتاحة الفرصة أمام الدولة للاضطلاع بدورها «لكنها غير قادرة على ذلك، ما استدعى الصدر إلى دعوة جيش المهدي لحماية المساجد بالتعاون مع الأجهزة الأمنية». وأعلنت الهيئة السياسية في تيار الصدر في بيان امس ان «تحالف الاحتلال وقوى الارهاب التكفيري هو المستفيد الوحيد من خلط الاوراق واشاعة الفوضى وسط هذا الشعب المضطهد». السجن السري الى ذلك، نقلت وكالة «رويترز» عن مسؤول عراقي ان السلطات أغلقت سجنا سريا احتجز فيه أكثر من 400 سجين، غالبيتهم من السنة، من دون محاكمة، وانها اعتقلت ثلاثة ضباط من وحدة في الجيش العراقي أدارت السجن. والوحدة التي أدارت مركز الاعتقال كانت تخضع مباشرة لمكتب رئيس الوزراء نوري المالكي، لكن مسؤولين نفوا وجود أي صلة أو علم لدى الدائرة المقربة من المالكي بوجود السجن. وقال كامل أمين، وهو ناطق باسم وزارة حقوق الانسان ل «رويترز» ان الضباط الثلاثة احتجزوا للاستجواب. وأضاف أن المهم أن السجن أغلق وأصبح جزءا من الماضي. ويأتي اغلاق السجن السري في وقت حساس بالنسبة للمالكي الذي يكافح من أجل البقاء في منصبه كرئيس للوزراء بعد انتخابات عامة غير حاسمة جرت في آذار (مارس) الماضي. وأرسلت وزارة حقوق الانسان محققين الى السجن عندما اكتشفته قبل أسابيع قليلة. واشتكى المحتجزون هناك من اساءة معاملتهم وعدم السماح لهم بالاتصال بذويهم أو الحصول على مساعدة قانونية. وتقول صحيفة «لوس انجليس تايمز» ان بعض السجناء يقولون انهم اغتصبوا. وقال أمين ان نحو 431 معتقلا كانوا محتجزين في السجن، أطلق 100 منهم وأعيد 20 الى الموصل المدينة الرئيسية في محافظة نينوى، بينما نقل الباقون الى سجون تابعة لوزارة العدل. وقال مسؤولون عسكريون انه كان لديهم مذكرات اعتقال بحق جميع المعتقلين الذين احتجزوا في السجن.