دعي قرابة سبعة ملايين ناخب مالي عانوا طيلة 18 شهراً من ازمة سياسية وحرب على المقاتلين الاسلاميين شنتها القوات المالية بمساعدة قوات اجنبية، الى انتخاب رئيس جديد يوم الاحد المقبل، في اقتراع يفترض ان يعيد السلام والاستقرار لكنه مطعون في نتائجه سلفاً. وحذر الرئيس المالي بالوكالة ديونكوندا تراوري والامين العام للامم المتحدة بان كي مون مسبقاً من ان هذه الانتخابات الرئاسية التي ستجري جولتها الاولى الاحد المقبل، ستكون «ناقصة» لكن يجب رغم ذلك «قبول» نتائجها. وألقت اعمال عنف الخميس والجمعة الماضيين، أسفرت عن سقوط اربعة قتلى في كيدال (1500 كلم شمال شرقي باماكو) وخطف نائب واربعة موظفين في اللجنة الانتخابية السبت، بظلالها على الاقتراع في هذه المنطقة الواقع شمال شرقي مالي والتي تعتبر مهد الطوارق وحركة تمردهم. وعلى رغم اطلاق الخاطفين امس، المسؤولين الخمسة غداة خطفهم في تيساليت شمال مالي، فإن الحادث الذي وقع قبل الانتخابات بأسبوع، ابرز حال انعدام الأمن التي تخيم على الانتخابات. وتدهورت العلاقات بين العرب والطوارق السيئة اصلاً، مع بداية النزاع في مالي التي احتل مقاتلون اسلاميون شمالها بفضل تحالف مع الحركة الوطنية لتحرير ازواد. ويعتبر ذوو «البشرة غير السوداء» من انصار الجماعات المسلحة والحركة الوطنية لتحرير ازواد التي تعتبر مسؤولة على مصائب البلاد، وتأججت الاحقاد مع انتشار الجنود الماليين مطلع الشهر الجاري في كيدال. واذا لم تتم الانتخابات في كيدال فإن انعكاسات ذلك على النتيجة ستكون ضئيلة جداً لأن هناك القليل من الناخبين، «لكن ذلك سيكشف عدم توازن الفكرة التي جعلت من مشاركة جميع مناطق مالي، شرطاً اساسياً في اجراء الانتخابات الرئاسية» دون أخذ المزيد من الوقت «لتنظيمها بهدوء في منطقة كيدال»، كما قال جيل يابي من مجموعة الازمات الدولية. وتقرر اجراء هذه الانتخابات، بعد ستة اشهر من تدخل مسلح دولي قامت به فرنسا لطرد المقاتلين الاسلاميين الذين كانوا يحتلون شمال البلاد ويهددون بالزحف نحو جنوبها، لوضع حد لأخطر ازمة في تاريخ البلاد الحديث. لكن محللين مثل جيل يابي وأحد المرشحين ال28 تييبيلي درامي الذي قرر سحب ترشيحه، دعوا عبثاً الى ارجاء اقتراع «مرتجل» قد تصبح نتائجه «مطعوناً فيها». وأشارت مجموعة الأزمات الدولية نهاية حزيران (يونيو) الماضي، الى سلسلة من العراقيل قالت انها تعيق حسن سير الاقتراع وهي توزيع 6.9 مليون بطاقة جديدة على الناخبين في الوقت المناسب واعادة نشر الادارة المركزية في الشمال وعدم عودة نحو نصف مليون لاجئ ونازح فروا من النزاع والذين قد لا يتمكن معظمهم من التصويت. من جانبه انسحب تييبيلي درامي مهندس اتفاق سلام مبرم في حزيران مع حركة التمرد الطوارقية، لانه يرى ان «ظروف انتخابات عادية ليست متوفرة». وشدد على الوضع في كيدال حيث اعد الحاكم الذي عاد الى منطقة قبل اقل من اسبوع الاقتراع «على عجل». كما انتقد بشدة فرنسا التي مارست ضغطاً شديداً كي تتم الانتخابات الرئاسية في الشهر الجاري، ذلك انه منذ نيسان (ابريل) الماضي، قال الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند انه «لن يقبل تغييراً» في الجدول الزمني الذي قرره هو شخصياً. وقال تييبيلي درامي: «نحن مدينون لفرنسا لما فعلته من اجلنا، لكن يمكن مساعدة بلاد على التحرر دون المس بكرامتها». ومن شأن الانتخابات الرئاسية ان ترسي «المصالحة» في مالي المقسمة واستتباب النظام الدستوري الذي اخل به انقلاب عسكري في 22 آذار (مارس) 2012 اطاح الرئيس المنتخب حمادو توماني توري. وأدى الانقلاب الى سقوط شمال مالي بين ايدي الحركة الوطنية لتحرير الازواد والمقاتلين الاسلاميين الذين ارتكبوا فيه خلال تسعة اشهر العديد من التجاوزات، وذلك حتى تدخل الجيش الفرنسي في 11 كانون الثاني (يناير) الماضي، الى جانب الجيش المالي المهان بعد نكسته في 2012، وجيوش افريقية اخرى. وانضمت تلك القوات الافريقية اعتباراً من مطلع الشهر الجاري، الى قوات الاممالمتحدة لاستقرار مالي (مينوسما) التي تعد حالياً 6300 رجل سيساهمون في ضمان امن الاقتراع، مدعومين على الارجح بالجنود الفرنسيين ال3200 الذين ما زالوا منتشرين في مالي. وما زال بعض المقاتلين الاسلاميين ناشطين وقد يغتنمون فرصة الاقتراع لتنفيذ عملية مثيرة خصوصاً في شمال البلاد. ولا يزال 27 مرشحاً بينهم امرأة واحدة يتنافسون في الجولة الاولى من الاقتراع بعد انسحاب تييبيلي درامي، يعتبر ابراهيم ابو بكر كيتا (69 سنة) السياسي المحنك والمهندس سومايلا سيسي (63 سنة) المسؤول السابق في الاتحاد الاقتصادي والنقدي في مجموعة دول غرب افريقيا (اويموا)، الاوفر حظاً للفوز بالانتخابات. وستجري جولة ثانية في 11 آب (اغسطس) المقبل اذا لم يحصل اي مرشح على الاغلبية المطلقة الاحد، وسيشرف على الاقتراع العديد من المراقبين الدوليين منهم تسعون من الاتحاد الاوروبي.