يباهي مقهى في إندونيسيا بصورة لأدولف هتلر ويزين جدرانه بأعلام مزينة بالصليب المعقوف، مستوحياً الحقبة النازية من دون أن يثير أي اعتراض أو استياء في البلد. فتحت لوحة ضخمة كتب عليها «الفوهرر» (الزعيم النازي)، يحتسي شبان الشراب وإلى جانبهم أقنعة واقية من الغاز تعود إلى الحرب العالمية الثانية. افتتح المقهى ذو الحلة النازية عام 2011، ويظهر مقطع مصور من يوم الافتتاح العمال والموظفين وهم يقطعون قالب حلوى على شكل دبابة ألمانية تسحق مدينة صغيرة. ويحمل المقهى اسم «سولداتن كافيه» (مقهى الجنود)، وهو يقع في مدينة باندونغ شرق العاصمة جاكرتا. ولا يبدو أن حلته النازية تثير حفيظة أحد في إندونيسيا، سواء في صفوف المواطنين أم من جانب السلطات. إلا أن مقالاً نشر في صحيفة محلية تصدر بالإنكليزية، أثار انتباه وسائل الإعلام العالمية إلى هذا المقهى، ودفع رئيس بلدية المدينة إلى استدعاء صاحب المقهى «للاستفسار عن نياته»، بحسب ما قال رئيس البلدية ايي فياناندا. وأضاف: «ما هو مؤكد أن مدينة باندونغ لن تتسامح مع أي أحد يثير الكراهية العنصرية». ويعاقب القانون الإندونيسي بالسجن خمس سنوات كل من يدان بإثارة الكراهية العنصرية، لكن الأحكام القضائية الصادرة في هذا المجال نادرة. وأثارت الحلة النازية للمقهى استياء منظمات يهودية أميركية نددت بإقدام المؤسسة على «تمجيد العقيدة النازية القائمة على التمييز بين الناس على أساس عرقي». ويبدو أن التحرك المتأخر الذي قامت به السلطات الإندونيسية جاء تجنباً للتعرض لانتقادات من المجتمع الدولي بعدما سلطت الصحافة الأجنبية الضوء على الموضوع. ويقول اريا سيتيا، أحد رواد المقهى، وهو يجلس إلى جانب صديقته: «نحن نعيش في إندونيسيا، والناس هنا لم يعانوا من المحرقة، ولذلك فالأمر لا يعنيهم». ويضيف: «ولكن يجب الإقرار بأن النازيين كانوا أقوياء جداً خلال الحرب العالمية الثانية». ويرتاد المقهى عدد من الأجانب، من بينهم ألمان. وسبق أن زار المقهى شاب ألماني ونشر على صفحته على «فايسبوك» صوراً له مع إندونيسيين مرتدياً وإياهم قمصاناً عليها شارة النازية. ويقول صاحب المقهى هنري موليانا: «أنا لا أمجد هتلر، ولكني أحب فقط الذكريات العسكرية». ولا ينفي موليانا وقوع المحرقة في الحرب الثانية، ويقول: «الحروب تأتي دائماً على أرواح الكثير من الناس». ويقول المؤرخ أسفي وارمان أدم، الباحث في معهد العلوم الإندونيسي: «هنا لا نسمع الكثير من الانتقادات حول النازية أو الفاشية»، مشيراً إلى أن كتاب «كفاحي» (لأدولف هتلر) مترجم إلى الإندونيسية ويباع بكثرة في البلد. وتعد أندونيسيا أكبر بلد مسلم في العالم، ويبلغ عدد سكانها 240 مليوناً، وتسود البلاد أجواء داعمة للفلسطينيين ومعادية لإسرائيل تتحول أحياناً عداء لليهود. ولا تعترف الدولة بالديانة اليهودية ضمن الديانات الست المعترف بها في إندونيسيا، على رغم وجود طائفة صغيرة تضم بضع عشرات من اليهود في البلاد. وقبل سنوات، تعرض كنيس يهودي في جزيرة جاوا للتدمير أثناء تظاهرة غاضبة داعمة للفلسطينيين.