أكدت التحقيقات الأمنية المتواصلة في جريمة اغتيال السياسي السوري (الموالي للنظام) محمد ضرار جمو في منزله في الصرفند (جنوب لبنان)، أن زوجة جمو (اللبنانية) كانت المحرضَ، وشقيقها وابن شقيقتها كانا المنفذين، وأن لا دوافع سياسية وراء الجريمة وإنما «مشاكل زوجية». وفيما أوقفت استخبارات الجيش اللبناني المرتكبين الاثنين، فإن أرملة جمو التي واكبت نعش زوجها أول من أمس إلى مثواه في اللاذقية حيث شيع امس، جرى توقيفها من قبل السلطات السورية بناء على طلب لبناني، ويُنتظر تسليمها إلى لبنان عبر مكتب التنسيق العسكري المشترك. وكانت الأجهزة الأمنية ارتابت بدوافع الجريمة نتيجة التضارب في إفادات الزوجة سهام وشقيقها بديع وابن شقيقتها علي حول علاقتهم بمسرح الجريمة لحظة دخول جمو إلى المنزل. تضارب الافادات وكانت أسئلة المحققين تمحورت حول سبب تعطيل الكاميرات الموجودة في محيط المنزل قبل يومين من حصول الجريمة، وعدم استخدام كاتم للصوت في ارتكاب جريمة اغتيال، والتضارب في كلام الأرملة عن أنها كانت تجلب أغراضاً أحضرها زوجها، مع كلامها عن أنها شاهدت مسلحين على درج البناية، خصوصاً بعدما جرى رسم خريطة للمنزل استُبعد بنتيجتها أن تكون التقت أحداً على الدرج. ولدى التعمق في التحقيق مع علي، قال إن خالته قتلت زوجها، ثم تراجع عن إفادته ليعترف بأنه هو من أطلق النار واستخدم لذلك رشاشاً من نوع «زاخاروف» عيار 5,45 ملم وأطلق عليه رشقين، الأول في غرفة الجلوس والثاني بين مدخل الصالون والشرفة، كما اعترف بأنه أخفى سلاح الجريمة في منزل قيد البناء في بلدة السكسكية. وتوجهت عناصر أمنية إلى المكان ووجدت السلاح المذكور، علماً أن المغدور يملك سلاحاً من نوع كلاشنيكوف ومسدسين لا يزالان داخل المنزل. وتبين أن بديع وعلي كانا أقاما في منزل جمو من التاسعة والنصف ليلاً بانتظار عودته حتى الثانية والربع فجر اليوم التالي للانقضاض عليه. لا علاقة للابنة وأظهر التحقيق، وفق مصادر أمنية، أن ابنة المغدور فاطمة لا علاقة لها لا من قريب ولا من بعيد بالجريمة، ويُعتقد أنها كانت مخدَّرة للتأكد من أنها لن تعرقل ارتكاب الجريمة، وكانت نائمة عند إطلاق النار، وكان خالها بديع مكلفاً بمراقبتها خلال التنفيذ، وحين استفاقت على صوت الرصاص ووجدت والدها مضرجاً بدمائه انهارت، فلفَّها خالها ببطانية ونقلها فوراً إلى مستشفى الخروبي في الصرفند بحجة أنها منهارة عصبياً من هول الجريمة. ويجري التأكد من وضعها الصحي، لأنها تعاني من عوارض في الغدة تسبب لها حالات إغماء أحياناً. وتبين، وفق المصادر، أن الأرملة كانت على خلاف شديد مع زوجها وأنهما كانا على شفير الطلاق، وكان جمو امتنع عن دفع المصاريف لزوجته وأبلغها نيته الزواج من أخرى والانتقال إلى سورية وأخذ ابنته معه، علماً أنه لم يكن يقصد منزل الصرفند منذ بداية العام الحالي. وتبين أن الأرملة أخذت أموالاً لزوجها من دون علمه، وكانت وعدت شقيقها وابن شقيقتها بتأسيس عمل لهما. وتأكد أن الموقوفين بديع وعلي لا انتماء حزبياً لهما، بل أن علي كان يخدم في الجيش اللبناني وجرى تسريحه تأديبياً على خلفية انقطاعه عن الخدمة. وكانت الأجهزة الأمنية استمعت إلى شخص سوري كان في محيط المنزل، لكن تبين أن لا علاقة له بالجريمة، وأن تواجده كان بمحض الصدفة. كما استمعت الأجهزة الأمنية إلى إفادة شقيقي الأرملة خليل وعلي، وتبين أن لا علاقة لهما بالجريمة ولا تواصلَ مع شقيقتهما منذ زمن. ونتيجة متابعة داتا الاتصالات، تأكد للأجهزة الأمنية أن جمو كان في صور، وأمكن تحديد المكان الذي كان يتواجد فيه ومع من، لكن الأجهزة تركت للقضاء خطوة استدعاء الشخص الآخر الذي كان معه جمو قبل مقتله. واقتيد الموقوفان إلى وزارة الدفاع في اليرزة بعد انتهاء التحقيق الأولي وتمثيلهما الجريمة في موقع ارتكابها، ووقّعا على إفادتيهما، تمهيداً لتسليمهما إلى النيابة العامة مع المضبوطات، من سلاح الجريمة والأدلة الأخرى للادعاء عليهما. وكان نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ عبد الأمير قبلان استنكر في خطبة الجمعة «القتل غير المبرر وأعمال العنف التي تعيدنا إلى عصر الجاهلية والتخلف»، واعتبر أن «قتل جمو عمل إجرامي بعيد من الأخلاق ويتنافى وتعاليم الدين، وانتهاك خطير لحرمة الإنسان يستدعي معاقبة مرتكبيه وكشف كل الفاعلين والمتورطين لإنزال أقسى العقوبة بحقهم، ليكونوا عبرة لغيرهم».