تحولت بعض المقاهي في وسط بغداد إلى حطام، وهجر روادها بعد أن أطلق مسلحون النار عليهم، وأضرموا النار فيها. فقد هاجم مسلحون ينتمون إلى مجموعة تطلق على نفسها اسم «هيئة أنصار الزهراء» عشرات المقاهي في منطقة الكرادة، تنفيذاً لأوامر من تيار إسلامي ب «تطبيق الشريعة والتقاليد». وقال أحد الشهود ل «الحياة»، إن «رجل دين، كان يرتدي العمامة والعباءة، ومعه نحو 15 مسلحاً، ترافقهم عربات عسكرية تعود إلى الشرطة المحلية اقتحموا مقاهي عش البلابل، وكلاسيكو وغيرها، وأطلقوا النار لتهجير الزبائن». وأضاف أن «المسلحين حطموا أثاث المقاهي، وأحرقوا لافتاتها». في المقابل، أكد ضابط في الشرطة أن قوات الأمن التي رافقت المسلحين لتنفيذ عملية إقفال المقاهي ظلّت تحاصر مواقع الحوادث في الكرادة، حتى وقت مبكر في 16 تموز (يوليو)، بينما تجمعت حشود السكان تعاين الحادث». وتابع الضابط «في الصباح الباكر علق أعضاء في جماعة «أنصار الزهراء» لافتات في مفارق ومحال الكرادة الشرقية «تحتفل بعملية إغلاق المقاهي». ولم تكن «هيئة أنصار الزهراء» معروفة قبل حادث اقتحام المقاهي، لكن «الحياة» علمت أن أعضاءها ينتمون إلى ميليشيا شيعية نافذة، بدأت منذ مطلع رمضان حملة لتطبيق الشريعة في مناطق نفوذها. ورفعت لافتة كتب عليها إن «شيوخ وعشائر الكرادة يقدمون شكرهم إلى هيئة أنصار الزهراء لإغلاقها المقاهي المنافية للشريعة». وأشارت أيضاً إلى أن «قضية المقاهي صارت، الآن، شعبية، وستفضح الهيئة كل من يقف وراء هذه الأماكن». وكانت هذه المقاهي تشغل عاملات، غالبيتهن في العشرينات، لكنهن تركن العمل موقتاً مع حلول شهر رمضان. وعرفت هذه المقاهي بأنها تجمع للعائلات التي تسكن في منطقة الكرادة، ومناطق متفرقة من بغداد. ورفض الضابط الإفصاح عن «سبب مرافقة قوات الشرطة المسلحين»، لكنه أكد «وجود أوامر من الحكومة المحلية بإغلاق كل المقاهي الليلية خلال رمضان بسبب مخالفتها الهوية الإسلامية، وتشغيلها الإناث». يشار إلى أن «التيار الصدري» يقود الحكومة المحلية الجديدة في بغداد، بعد فوز علي التميمي، عضو «كتلة الأحرار» بمنصب المحافظ، بعد اتفاق سياسي حصلت بموجبه كتلة «متحدون» التي يقودها أسامة النجيفي، على منصب رئيس مجلس المحافظة. لكن موظفاً كبيراً في الإدارة المحلية للعاصمة أبلغ إلى «الحياة» أن «المحافظ علي التميمي أجرى الأسبوع الماضي حملة تفتيش على مراكز الشرطة للتأكد من إجراءات غلق محال المشروبات الكحولية خلال رمضان». واقعة اقتحام المقاهي، التي تقدم غالباً، مشروبات ساخنة وتجذب شباباً لممارسة ألعاب ترفيهية بعد وقت الإفطار في رمضان، وجدت ردود فعل غاضبة من منظمات المجتمع المدني. وقالت شروق العبايجي، وهي ناشطة مدنية، ل «الحياة» إن «ما يحدث الآن في العاصمة محاولة صريحة من القوى الحاكمة لتضييق الحريات، وفرض مناخ شاذ يناقض تقاليدها المدنية العريقة». وقال علي حسين، وهو كاتب وصحافي، إن «الأمر لا يخرج عن كونه مأساة بحق عزل وأبرياء (...) أتمنى على محافظ بغداد الجديد أن يجيب عن سؤال يحيّر أهالي بغداد: ترى من اصدر قرار قتل الشباب ومن علق هذه اللافتات، وهل هناك حكومة عشائرية مهمتها تطبيق قانون الغاب».