وصف رئيس هيئة أركان الجيش الإسرائيلي الجنرال بيني غانتس احتمال تعرض إسرائيل خلال العامين المقبلين الى هجوم عسكري يشنه جيش نظامي (لدولة عربية) «ليس عالياً» بفعل «الهزة الإقليمية المتواصلة التي تشهدها المنطقة»، مبرراً بذلك قبوله «الاضطراري» للتقليصات في موازنة الجيش للعامين المقبلين بنحو بليونيْ دولار، ما دفعه إلى وضع خطة تغييرات جدية في مبنى الجيش تشمل تقليص التدريبات لبعض الوحدات العسكرية، وإغلاق وحدات أخرى كاملة في سلاحي الجو والمدرعات، وخفض عدد الجنود النظاميين في «الخدمة الدائمة» بنحو خمسة آلاف جندي. وقال غانتس في محاضرة ألقاها في مؤتمر «اتحاد الصناعيين» في تل أبيب أمس إنه ليس مسروراً من خفض موازنة الدفاع، «لكن لا يمكن تجاهل ما يحصل حولنا» في إشارة إلى التطورات الداخلية في مصر وسورية ولبنان التي تحول دون تأزيم الأوضاع الأمنية على حدودها مع إسرائيل. وأضاف أن الجيش سيضطر إلى تنفيذ هذه التغييرات بسرعة «مستغلاً حقيقة أن التهديد بهجوم على إسرائيل في الفترة القريبة ليس عالياً». وأضاف أنه لا يذكر تغييرات كهذه (في الجيش) خلال السنوات ال 12 التي كان خلالها عضواً في هيئة الأركان العامة، «لذا ينبغي التأكد من ألا نسقط في العامين المقبلين، فالأمور ستكون صعبة، لكن الجيش سيعرف كيف يتجاوزها من خلال تنفيذ إجراءات حكيمة والتحلي بالشجاعة والتحرك إلى أمام مع الأدوات ذات الشأن». ورأى غانتس أنه ينبغي على الجيش الإسرائيلي التجدد والنظر بشكل واقعي، مضيفاً أن طبيعة الحرب لم تتغير، «وسنرى نيراناً أكثر وفيالق أقل وعدواً يختفي عند الحدود، لكن سنعرف كيف نواجه ذلك ... الجيش سيشهد تغييرات في العامين المقبلين، وقد يكون عديد وحداته أقل، لكنه سيكون أقوى وأكثر خبرةً ودقةً ومزوداً العتاد اللازم». واستعرض غانتس في محاضرته الأوضاع على حدود إسرائيل المختلفة، مشدداً من ناحية على أن «انعدام الاستقرار في الدول المجاورة متواصل، وهو أمر خطير ويحمل في طياته انعكاسات أمنية فورية أو قد تنشأ وتتطور ... فنحن لا نعلم ماذا سيحصل في مصر بعد أسبوعين، فيما تواصل جهات إرهابية تعزيز نفوذها في سيناء». لكنه أضاف أنه من جهة أخرى ربما يكون في ذلك فرص، «ففي سورية ثمة حيز مصالح مشترك لعدد من الدول، مثل تركيا والأردن ولبنان الرسمي، لعمل المستطاع من أجل إخراج سورية من المحور الراديكالي. كذلك في شبه جزيرة سيناء ثمة مصلحة للمملكة العربية السعودية والأردن ومصر لبسط الأمن فيها». وعدّد غانتس قائمة التهديدات المتربصة بإسرائيل «التي تستوجب تأهب الجيش لها»، وبدأ ب «التهديد الإيراني»، قائلاً إن «رغبة ايران في بلوغ قدرات نووية عسكرية هي مسألة مقلقة». وأضاف أنه على الجبهة الشمالية فإن «سورية ولبنان في انحلال تام وتعانيان عدم الاستقرار». ولدى تطرقه إلى الحدود مع قطاع غزة، قال إنه رغم أن الوضع «هادئ نسبياً»، إلا أنه بعد عملية «عمود السحاب» أواخر العام الماضي، لم تتوقف «حماس» عن تعزيز قوتها العسكرية، سواء من خلال تهريب الأسلحة عبر الأنفاق من سيناء «وإن بنسبة أقل من الماضي»، أو من خلال زيادة الإنتاج الذاتي والصناعة المحلية. في السياق ذاته، نقلت وسائل الإعلام العبرية عن قياديين عسكريين كبار (ربما غانتس نفسه) قولهم إن «حماس» تجري سلسلة تجارب لإنتاج قذائف صاروخية لمدى متوسط - طويل من طراز «أم 75» (ذات قطر 8 بوصة) يمكن أن تبلغ منطقة تل أبيب، وأنها قامت بتخزينها في مستودعات سرية»، لتعزز الحركة قدراتها البعيدة المدى قياساً بما كانت عليه قبل عملية «عمود السحاب». وأضافت أن «حماس» معنية بالحفاظ على الهدوء المتواصل بشكل نسبي في الجنوب في الأشهر الثمانية الماضية أيضاً بفعل الضغوط المصرية عليها، وأنها أقامت في الفترة الأخيرة وحدة خاصة من مئات العناصر المسلحة المنتشرة في أنحاء القطاع لمنع إطلاق النار على إسرائيل، وتفرض نفوذها على القطاع «وتقرر هي نفسها متى تسخّن الأوضاع مع إسرائيل ومتى تهددها». وتابع غانتس أن الوضع الأمني في أراضي الضفة الغربية «مستقر مع ارتفاع وهبوط في العمليات المسلحة». وختم كلامه بتأكيد وجوب أن يبقى الجيش الإسرائيلي متأهباً بمستوى عال وبقدرات عالية «وهو مستوى عمل على بلوغه منذ فترة سلفي في قيادة الأركان غابي أشكنازي».