قالت مصادر لبنانية رسمية ل «الحياة» إن غياب المخارج السياسية التي تتيح ملء الفراغ الحكومي والفراغ المرتقب في المراكز القيادية في الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي واستمرار الخلاف على عقد الجلسة النيابية التشريعية المقررة بعد غد الثلثاء «بات يعرّض المؤسسات اللبنانية للتحلّل والاهتراء وينذر بجمود الدولة اللبنانية ويقودها الى العجز عن معالجة المشاكل المتراكمة وسط المخاوف من احتمالات التفجيرات الأمنية التي تحذر منها غير جهة خارجية على غرار التفجير الذي شهدته الضاحية الجنوبية لبيروت الثلثاء الماضي والذي ساعدت العناية الإلهية، بفعل عدم سقوط قتلى جراءه، في حصر الأضرار التي سببها». وأوضحت المصادر أن على رغم التصريحات والمواقف المعلنة عن مساع لتحريك عملية تأليف الحكومة، فإن أي تقدم على هذا الصعيد لم يحصل في الاتصالات السياسية بين الفرقاء المختلفين، فيما يشكو غير مرجع في الدولة من أن الكثير من الوزراء الذين يديرون شؤون وزاراتهم في حكومة تصريف الأعمال المستقيلة يديرون أعمالها في شكل يرتب أعباء مالية على الخزينة ويحقق تنفيعات خاصة في عقود أو اتفاقات يعقدونها مع جهات أو شركات في ظل غياب أي رقابة أو قدرة على المحاسبة أو الرقابة على أعمالهم. وأمس أكد رئيس «تكتل التغيير والإصلاح» النيابي العماد ميشال عون أن تشكيل الحكومة الجديدة يمكن أن يتأخر شهوراً، معتبراً أن «شروط الرئيس المكلف تمام سلام (أن تتألف من غير الحزبيين ووفق مبدأ المداورة في الحقائب الوزارية ومن دون ثلث معطل لأي من فريقي 8 و14 آذار) مستحيلة ولذا لن أعلق عليها». وبدّد العماد عون التكهنات عن الاختلافات بينه وبين «حزب الله» حول عدد من القضايا، وقال: «لا أعتقد أن الخلاف مع حزب الله مسوؤل عنه الحزب... وإن لم يدخل في الحكومة فلن ندخلها نحن أيضاً». وجاء موقف عون بعد أن أكد غير قيادي في «حزب الله» أن العلاقة مع عون راسخة ولا تغيير في التحالف معه على القضايا الاستراتيجية. وأكدت مصادر واسعة الاطلاع ل «الحياة» أن الاتصالات بين الجانبين أدت الى ضبط الخلاف على عدد من القضايا، تحت سقف استمرار التحالف، مشيرة الى أن لا مانع لدى الحزب بأن يأخذ عون هامشاً من حرية الحركة في علاقاته السياسية ومواقفه تحت هذا السقف ومراعاة لمصالحه السياسية، مثل انفتاحه على المملكة العربية السعودية لأسباب تتعلق بمصالح اللبنانيين المتعاطفين معه في الدول الخليجية التي أخذت موقفاً متشدداً إزاء اشتراك «حزب الله» في المعارك في سورية. وقال عون، في حديث الى إذاعة «النور» الناطقة باسم «حزب الله»، أنه يرحب «بأي تقارب» مع زعيم «تيار المستقبل» سعد الحريري و «غيره ونوظفه لمصلحة كل اللبنانيين»، واضاف ان «السعوديين يسعون الى التقارب بين اللبنانيين من أجل الاستقرار». وفي المقابل يطرح بعض القياديين في «المستقبل» أسئلة حول إمكان الانفتاح على عون ومردود ذلك في حال حصوله، فيما تستمر الحملات المتبادلة بين رموزه وبين «حزب الله»، لا سيما على خلفية اتهام «المستقبل» «حزب الله» بالمشاركة في معارك عبرا بين الجيش اللبناني والشيخ أحمد الأسير الشهر الماضي. كما لا تزال المواقف على حالها بالنسبة الى المخارج للاتفاق على عقد الجلسة النيابية الثلثاء المقبل: الرئيس بري مصرّ على عقدها ب45 بنداً، ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي وقوى 14 آذار ترفض المشاركة فيها مطالبة بحصرها برفع سن التقاعد للعسكريين. وفيما بحث ميقاتي مع رئيس الجمهورية ميشال سليمان أمس المستجدات في شأن الجلسة والوضع الحكومي، علمت «الحياة» أن فكرة ميقاتي أن يوقع عدد من النواب عريضة نيابية تطلب من سليمان فتح دورة استثنائية تحصر مواضيعها بالقضايا الضرورية، لم تلق تجاوباً من بري الذي يعتقد أن لا حاجة لدورة كهذه لأن المجلس في حال انعقاد عند استقالة الحكومة وبإمكانه التشريع، فيما يستمر العماد عون في رفض التمديد للعماد قهوجي أو أي من القادة العسكريين. من جهة أخرى، قالت مصادر حكومية ل «الحياة» إن كبار المسؤولين اللبنانيين أبدوا استعداداً للتجاوب مع طلب المؤسسات الدولية، والدول المانحة للمساعدات المخصصة للبنان، لإعانة النازحين السوريين على أراضيه، إقامة «بنى مؤسساتية بصلاحيات كاملة»، للتعاطي مع هذه المساعدات، وفق ما جاء في بيان مجلس الأمن الأربعاء الماضي. وذكرت المصادر أن الدول والهيئات المانحة كانت اشترطت آلية حكومية واضحة لتلقي وصرف المساعدات، وأن يتم صرفها عن طريق البنك الدولي وأن الرئيسين سليمان وميقاتي اتفقا على إبلاغ الأممالمتحدة قبل جلسة مجلس الأمن بأن تحوّل الأموال عبر البنك الدولي الى صندوق خاص يعنى بالنازحين ويدار من قبل أجهزة محددة في الدولة.