أخذت وتيرة القلق ترتفع تدريجاً لدى المجتمع الدولي من حصول فراغ في المؤسسة العسكرية في لبنان مع استمرار تعثر المحاولات الجارية لتأمين توافق على عقد جلسة تشريعية للبرلمان، على جدول أعمالها بنود عدة أبرزها رفع سن التقاعد لكبار الضباط وعلى رأسهم قادة الأجهزة الأمنية بما يسمح بالتمديد لقائد الجيش العماد جان قهوجي الذي يحال على التقاعد في أيلول (سبتمبر) المقبل لبلوغه السن القانونية، خصوصاً أن هذا الفراغ يمكن أن يتمدد باتجاه رئاسة الجمهورية مع انتهاء ولاية الرئيس ميشال سليمان في أيار (مايو) المقبل من دون أن يتمكن المجلس النيابي من انتخاب خلف له. وعلمت «الحياة» من مصادر ديبلوماسية أميركية وأوروبية أن الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون كلف ممثله الشخصي في لبنان ديريك بلامبلي التواصل مع القيادات العليا في الدولة والأطراف السياسيين الفاعلين ناقلاً اليهم، بالنيابة عنه وبإسم المجتمع الدولي، قلقه الشديد من احتمال حصول فراغ في قيادة الجيش لما يترتب عليه من تداعيات أمنية وسياسية بعضها يتعلق بدور القوات الدولية العاملة في الجنوب (يونيفيل)، وبالتعامل مع وحدات الجيش اللبناني المنتشرة في هذه المنطقة لتطبيق القرار الدولي الرقم 1701. وأكدت المصادر ان غياب المرجعية على رأس المؤسسة العسكرية من شأنه أن يعيق مهمة وحدات «يونيفيل»، في مؤازرتها الجيش اللبناني لتطبيق هذا القرار. وقالت إن المحادثات التي أجراها أخيراً في بيروت نائب وزير الخارجية الأميركية وليم بيرنز تطرقت الى مسألة التمديد للعماد قهوجي على رغم ان الأسئلة التي طرحها على القيادات العليا بقيت في اطار الاستفسار عن مصير التمديد له مع تعذر عقد الجلسة النيابية التشريعية. ولفتت الى ان سفراء الدول الغربية لدى لبنان يطرحون الأسئلة نفسها عن مصير التمديد لأنهم يتخوفون من أن ينسحب الفراغ على موقع رئاسة الجمهورية في ظل اشتداد الأزمة في لبنان وتعثر الجهود الرامية الى توفير حد أدنى من الحلول للحفاظ على ديمومة المؤسسات الكبرى ومن خلالها على مصير الانتخابات النيابية المؤجلة بفعل التمديد للبرلمان 17 شهراً. ومع أن مصادر نيابية وأخرى وزارية ما زالت تراهن على التوافق لتمرير الجلسة التشريعية للتمديد لقادة الأجهزة الأمنية والعسكرية وقبل احالة رئيس الأركان العامة في الجيش اللبناني اللواء وليد سلمان على التقاعد في الثامن من الشهر المقبل، فإن الاتصالات لتهيئة المناخ السياسي أمام عقد الجلسة ما زالت تراوح مكانها وتدور في حلقة مفرغة، فيما أطلت أمس قوى 14 آذار في أول اجتماع لها في الجنوب، ومن دارة آل الحريري في مجدليون، بموقف متشدد من السلاح غير الشرعي طالبت فيه باعتبار صيدا مدينة منزوعة السلاح، كل السلاح، ما عدا سلاح الجيش اللبناني والمؤسسات العسكرية، وحذرت من «قضم الدويلة لمشروع الدولة». واعتبرت المصادر نفسها ان هناك من يستخدم الاختلاف حول عقد الجلسة ورقة ضغط لتسريع ولادة الحكومة الجديدة بعد أن دخل تكليف الرئيس تمام سلام تشكيلها شهره الرابع من دون أن تلوح في الأفق أية بوادر ايجابية تدعو الى التفاؤل باقتراب موعد تأليفها. وأوضحت هذه المصادر أن الفرصة ما زالت مواتية للتمديد لقهوجي، لكنها لم تخف قلقها من وجود مخطط لدى فريق في 8 آذار يرمي من خلاله الى تفريغ المؤسسات الواحدة تلو الأخرى لإقحام البلد في فراغ قاتل يوفر له الذريعة للمطالبة بإعادة النظر في العقد الاجتماعي القائم بين اللبنانيين والذي جاء نتيجة اتفاق الطائف وصولاً الى تشكيل هيئة تأسيسية تفتح الباب أمام اطاحة هذا الاتفاق. وفي المقابل، فإن مصادر في «8 آذار» تؤكد انها على موقفها من التمديد لقهوجي وأن موقف العماد عون معارض له، لكن البعض في «14 آذار» وتحديداً تيار «المستقبل» يصر على ربط التمديد له بالتمديد لريفي «مع اننا كنا أبلغنا بأن التمديد للأخير سحب من التداول لأنه يريد التفرغ للعمل الوطني».