أطاحت الخلافات السياسية العميقة في لبنان الجلسة النيابية التي كانت مقررة أمس، وسط ارتفاع وتيرة السجال حول دستوريتها، لا سيما لجهة ما تضمنته من جدول أعمال اعترض عليه رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، وقوى 14 آذار، في ظل خلاف بين قوى 8 آذار التي أيدت دعوة رئيس البرلمان نبيه بري وبين حليفها المسيحي زعيم «التيار الوطني الحر» العماد ميشال عون، ما حال دون تأمين النصاب النيابي. وفيما اعتبرت أوساط سياسية ونيابية أن تأجيل بري الجلسة الى 16 تموز (يوليو) الجاري يترك الباب مفتوحاً على إمكان التوصل الى مخرج للخلاف على عقدها، لاحظت أوساط نيابية معارضة لعقدها أنها أول إخفاق للبرلمان بعد أن مدد لنفسه 17 شهراً، وتخوفت أوساط أخرى من أن ينتقل تعطيل المؤسسات وإفراغها الى السلطة التشريعية بسبب تصاعد الخلافات السياسية التي تلبس لبوساً دستورياً وقانونياً، في ظل استمرار الفراغ الحكومي واستمرار العراقيل أمام تشكيل حكومة جديدة برئاسة النائب تمام سلام. وعكس ميقاتي أبعاد الخلاف، إثر لقائه الرئيس بري قبل تأجيل الجلسة، حين قال إن موقفه الاعتراض على الجلسة وما تضمنه جدول أعمالها من 45 بنداً، يعود الى «أنني لا أرى أن هناك توازناً في الوقت الحاضر بين حكومة مستقيلة وسلطة تشريعية كاملة والموقف الذي أتخذه ليس شخصياً بل يتعلق بموقع رئاسة الحكومة وبالسلطة التنفيذية التي يجب أن تكون متوازنة مع سائر السلطات». إلا أن وزير الصحة علي حسن خليل، من كتلة الرئيس بري، عاد فردّ على ميقاتي وحذر من «إسقاط دور المجلس النيابي وحقه المطلق في التشريع». وقال: «لا نريد أن نفتح نقاشاً حول هذه المسألة لأنه سيفتح نقاشاً ميثاقياً من نوع آخر». وإذ رأت أوساط سياسية أن السجال أخذ طابعاً مذهبياً، في ظل الاحتقان السنّي – الشيعي الذي ينعكس على المؤسسات وأدوارها، فإن بري ظل على رفضه تقليص جدول أعمال الجلسة الى ما هو طارئ واستثنائي. وفي مجال آخر، أنهى نائب وزير الخارجية الأميركية وليام بيرنز زيارته بيروت أمس، بعدما اجتمع مع كل من رئيس الجمهورية ميشال سليمان والرئيسين بري وميقاتي، وأكد دعم بلاده دور سليمان والجيش اللبناني. وتحدث بيرنز في مؤتمر صحافي قبيل مغادرته على ضرورة العمل لضبط النفس على كل الجبهات منتقداً تدخل «حزب الله» في المعارك في سورية. وكان التقى رئيس كتلة «المستقبل» النيابية رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة ورئيس «جبهة النضال الوطني النيابية» وليد جنبلاط. وقالت مصادر واكبت محادثات بيرنز ل «الحياة» إنه كان مستمعاً في اللقاءات التي عقدها وحرص على طرح مجموعة الأسئلة عن الوضع في لبنان وارتباطه بالأزمة السورية. وأكدت أنه جدد تأكيد موقف بلاده من لبنان ودعمها المؤسسات الدستورية وعلى رأسها رئاسة الجمهورية، إضافة الى دعمها المؤسسة العسكرية والمؤسسات الأمنية الأخرى. ولفتت الى أنه نوّه بموقف الرئيس سليمان من التطورات في لبنان وسأل عن التمديد لقائد الجيش العماد جان قهوجي. وأضافت أن بيرنز استفسر عن الأحداث الأخيرة في صيدا، ورأى أن «ظاهرة أحمد الأسير وغيرها لم تكن سوى رد فعل على احتفاظ «حزب الله بسلاحه وضلوعه في القتال الدائر في سورية والذي يعرّض لبنان الى الأخطار». وأكدت المصادر أن بيرنز أشاد بدور الجيش في صيدا وبدعم القيادات الصيداوية له، وشدد على أن ضلوع «حزب الله» في القتال في سورية غير جائز ويتعارض مع سياسة النأي بالنفس التي تتبعها الحكومة، وإعلان بعبدا. ومع أن بيرنز شجع على ضرورة الإسراع بتشكيل الحكومة الجديدة فإنه في المقابل سأل عن «مدى قدرة الرئيس المكلّف تمام سلام على تشكيلها وعن استعداد الأطراف للتعاون معه».