اخترقت زيارة الرئيس الفلسطيني محمود عباس لبيروت حال التوتر والاحتقان اللتين يعيشهما لبنان جراء الأحداث الأمنية المتنقلة التي يشهدها في ظل الانقسام الحاد حول الأزمة السورية، فأكد بعد لقائه نظيره اللبناني ميشال سليمان «النأي باللاجئين من أبناء شعبنا الذين يعيشون في سورية ولبنان عن النزاعات الداخلية». وإذ تحدث الرئيس الفلسطيني عن أن الهمّ الآن هو عودة النازحين الفلسطينيين من سورية، الى مخيم اليرموك بالاتفاق مع الحكومة السورية فإن الرئيس سليمان ثمّن الجهود التي بذلت لضبط أي تورط لجماعات فلسطينية مسلحة في أحداث صيدا. وأكد سليمان «أهمية عدم انزلاق الإخوة الفلسطينيين في التجاذبات والخلافات الداخلية اللبنانية، وتحييد أنفسهم عن التداعيات السلبية للأزمة السورية، في وقت يسعى لبنان للحفاظ على استقراره وسلمه الأهلي وتلافي الانقسام الداخلي، خصوصاً من طريق الالتزام بإعلان بعبدا الذي توافق عليه أطراف هيئة الحوار الوطني وما زال يلقى تأييداً إقليمياً ودولياً واسعاً». وشدد على ضرورة العمل مع السلطة الفلسطينية لمتابعة قرارات مؤتمر هيئة الحوار الوطني الخاصة بالموضوع الفلسطيني من جوانبه كافة، ووضع آلية لتنفيذها، سواء ما يتعلّق منها بمعالجة المسائل الحياتية والاجتماعية والإنسانية للاجئين، بالتعاون المفترض مع وكالة الأونروا، أو ما يتعلق بالسلاح في داخل المخيمات وخارجها. أما عباس فرد على سؤال حول مصير قرار هيئة الحوار حول السلاح الفلسطيني خارج المخيمات وداخلها بالقول: «قرار هذا السلاح بيد رئيس الجمهورية والحكومة اللبنانية ونحن نطيع كل ما نُؤمَر به في هذا الموضوع». وإذ أطلع عباس سليمان على المحادثات التي أجراها مع وزير الخارجية الأميركية جون كيري من أجل استئناف مفاوضات السلام مع إسرائيل، قال: «قدمنا له كل ما يمكن من تسهيلات لإنجاح مهمته والكرة في الملعب الإسرائيلي». ويواصل عباس لقاءاته الرسمية اليوم في بيروت على أن يلتقي غداً قيادات فلسطينية في لبنان. واستمرت جهود معالجة ذيول اشتباكات مدينة صيدا مطلع الأسبوع الماضي في منطقة عبرا، بين مسلحي الشيخ أحمد الأسير والجيش اللبناني، وتواصلت التحقيقات مع الموقوفين، فيما قالت مصادر قيادة تيار «المستقبل» إنها ما زالت تنتظر أجوبة من المسؤولين وقيادة الجيش في شأن الخطة الأمنية المطلوبة لصيدا وبهدف إزالة المظاهر المسلحة فيها، لا سيما من «حزب الله» أو مجموعات حليفة له، خصوصاً أن الرئيس سليمان وقائد الجيش العماد جان قهوجي كانا وعدا بتدابير في هذا الإطار. وكثرت الإشاعات عن الأوضاع في صيدا وفي شأن مصير الشيخ الأسير، وأكدت مصادر أمنية أن فحوص الحمض النووي التي أجريت على جثتين محترقتين، أثبتت أنهما لا تعودان الى الأسير أو الى المطرب فضل شاكر الذي كان الى جانبه. وواصل الجيش اللبناني اتخاذ تدابير لضبط الوضع في طرابلس بعد الانفلات الذي شهده ليل الاثنين الماضي وتبرأت منه قيادات المدينة كافة، الدينية والسياسية. وصدر عن مجلس المطارنة الموارنة موقف أمس شدد فيه على أن كل سلاح غير شرعي يستجلب في المقابل سلاحاً غير شرعي. واعتبر المطارنة أن لبنان يمر في لحظة مصيرية حرجة يصعب توقع ما ستؤول إليه. وفيما استمر الخلاف على صيغة تشكيل الحكومة الجديدة أكد رئيس المجلس النيابي اللبناني نبيه بري أن «الظروف القاهرة وما نشهده من أزمات تفترض الإسراع بتشكيل الحكومة». وإذ أسف لاتهامه بالوقوف وراء تعطيل الحكومة، نقل عنه نواب لقاء الأربعاء النيابي أمس الذي غاب عنه نواب 14 آذار، ونواب «التيار الوطني الحر» أنه «عمل ويعمل من أجل تسهيل تأليف الحكومة، إذ ان المرحلة أكثر إلحاحاً للاستعجال بتشكيلها». وعرض بري أمام النواب ما حصل في الأيام الماضية قبل إرجاء الجلسة العامة التي كانت مقررة الاثنين الماضي نتيجة الخلاف على قانونية التوسع في جدول أعمالها في ظل حكومة مستقيلة، فأكد «إصراره على موقفه حيال جدول الأعمال الذي سيبقى كما هو»، مشدداً مرة أخرى على «أهمية تفعيل وديمومة عمل المؤسسات وفي طليعتها المجلس النيابي». وأكد عضو كتلة نواب «حزب الله» النائب علي فياض بعد اللقاء أن «الاستعجال بتشكيل الحكومة لا يعني التراجع عن بعض المواصفات الأساسية للحكومة، والمطلوب منا جميعاً ألا نعقّد خطواتنا تجاه التشكيل لأن البلد يحتاج الى هذه الحكومة». واقترح نائب رئيس المجلس النيابي فريد مكاري على الرئيس بري الدعوة الى «عقد جلسة للمجلس تسبق الجلسات التشريعية المقرر عقدها في 16 الجاري لتفسير المواد الدستورية المتعلّقة بالتشريع في وجود حكومة مستقيلة، لأن المجلس هو صاحب الحق الوحيد في تفسير هذه المواد، ومهما تكن نتيجة التفسيرات نسير بها». وقال في حديث الى «المركزية»: «لا نستطيع كهيئة مكتب تعديل جدول الأعمال من دون دعوة الرئيس بري الى عقد اجتماع لهذه الغاية»، واضعاً تأجيل عقد الجلسات التشريعية الى 16 الجاري في خانة «فسح المجال أمام الاتصالات والمشاورات».