تسعى الحكومة العراقية ضمن ما يعرف بالخطة الخمسية الثانية، إلى تقليص البطالة، خصوصاً بين الشباب، عبر التوسع في آليات منح القروض الزراعية والصناعية والمهنية، ولكنها اتبعت إجراءات وصفها خبراء بأنها منفذ جديد للفساد الإداري والمالي ولهدر أموال ضخمة لا تستغل ضمن الهدف المرسوم. وأعلنت وزارة العمل والشؤون الاجتماعية أمس بدء حملة استلام طلبات العاطلين من العمل لمنحهم قروضاً ميسرة تراوح بين خمسة و20 مليون دينار (بين أربعة و18 ألف دولار)، ولكنها وضعت ضوابط من شأنها حرمان عدد كبير من الشباب الذين استفادوا من برامج دعم سابقة معظمها عبر منظمات دولية خارجية. وأظهر آخر تقرير رسمي لممثل الأمين العام للأمم المتحدة لحقوق الإنسان في العراق فالتر كالين، أن «نسبة البطالة في العراق تجاوزت 28 في المئة، فيما يعاني ربع السكان من الفقر الشديد»، مضيفاً أن «العراق يعاني من تحديات عدة تشمل الافتقار إلى الإصلاحات الهيكلية، وضعف تنمية القطاع الخاص، والفساد، وارتفاع معدلات البطالة المقنّعة والبطالة والفقر». وأشار إلى أن «العنف الطائفي عام 2006 أثر بشدة في قدرة الحكومة على تقديم الخدمات الأساس وإصلاح البنية التحتية الاجتماعية الاقتصادية». ولفتت وزارة العمل إلى أن أولوية قبول الاستمارات ستعتمد على أسبقية تسجيل العاطل من العمل، ومشاركته في الدورات التدريبية، وتحصيله العلمي. وستحصل الأسرة على فرصة واحدة للاقتراض وستُعتمد البطاقة التموينية أساساً لتحديد الأسرة، على ألا يقل عمر طالب القرض عن 18 عاماً ولا يزيد على 45. وأكدت الخبيرة الأكاديمية في جامعة بغداد مها مازن في تصريح الى «الحياة»، أن «الشروط التي وضعت لمنح القروض معقدة جداً، ما سيقلل من نسب المستفيدين، كما أن الوزارة اشترطت عدم الاستفادة السابقة، فلا يحق لمن استفاد من أي برنامج للإقراض (حكومي أو دولي) الحصول على القرض من الصندوق». وأضافت: لا يجوز أيضاً للطلاب الذين يستكملون دراستهم التقدم للحصول على القرض، باستثناء المستمرين بالدراسة المسائية، ولا تمنح القروض للمرأة المتزوجة العاطلة من العمل، المسجلة في قاعدة البيانات، إذا كان لزوجها دخل ثابت». ولفتت إلى أن «إنعاش ما يعرف بالصناعات الصغيرة يحتاج إلى دعم حكومي كبير، والحكومة بدأت تقديم الدعم عبر منافذ عدة، منها زراعي وصناعي وتجاري وحرفي، ولكن معظم القروض لا يستخدم لأهدافه الأساسية، فيكون الطلب مقدماً لبناء مشروع ولكنه يُستغل لبناء أو ترميم مبنى أو لشراء سيارة». وأكد الخبير الاقتصادي مهدي حسين أن «معدل البطالة ضخم جداً، خصوصاً أن 45 ألف شاب وشابة يتخرجون سنوياً من الكليات والمعاهد العراقية لينضموا إلى طوابير العاطلين من العمل». وأضاف «نحو 1.5 مليون فقط مسجلين في لوائح العاطلين من العمل في وزارة العمل والشؤون الاجتماعية، لكن هناك ضمن هذه الفئة نحو ستة ملايين من أصل 33 مليوناً، يشكل الشباب 75 في المئة منهم». ووصفت وزارة التخطيط والتعاون الإنمائي العراقية أرقام الأممالمتحدة ب «المبالغ بها، فهي أحصت 16 في المئة فقط كمعدلات بطالة»، بينما أشار تقرير سابق للأمم المتحدة إلى «انخفاض معدل وظائف القطاع الخاص من 25 في المئة عام 2003 إلى 17 في المئة عام 2012». وأوضح أن «القطاعين الخاص والعام في العراق غير مهيأين لخلق 45 ألف وظيفة للمتقدمين إلى سوق العمل سنوياً»، مشيراً إلى «انخفاض عدد النساء العاملات إلى نحو 17 في المئة من القوى العاملة، وهي نسبة منخفضة مقارنة بمعظم الدول المجاورة».