نشرت مواقع الكترونية كردية وغير كردية في الآونة الاخيرة مقالات حول انتخابات رئاسة اقليم كردستان العراق، وما اذا كان مسعود بارزاني سيترشح للرئاسة أم لا ؟ وهل سيكون هناك بديل مناسب قادر على قيادة البلاد بحكمة مثل بارزاني أم لا ، في هذه الظروف الحساسة ومع هذا الكمّ الكبير من الملفات العالقة بين حكومة الاقليم والمركز، إضافة الى الظروف الاستثنائية التي تمرّ بها المنطقة ؟ نحن نعلم بأنّ هذا الموضوع خاص باقليم كردستان العراق ، لكنني مع ذلك أردّت أن أتطرّق اليه كأحد المتابعين من كردستان سورية لأنّنا معنيون أيضاً بالأمور التي تتعلّق بأخوتنا في الأجزاء الأخرى، خصوصاً جنوب كردستان الذي تربطنا به روابط متينة جداً . أعتقد بأنّه سواء ترشح بارزاني للانتخابات أم لا، فإنّ ذلك ليس بالمشكلة الكبيرة رغم حساسية الوضع والمرحلة والدور الكبير للكاك مسعود ، لأنّ كردستان العراق فيها الكثير من الطاقات القيادية القادرة على ملء الفراغ الذي سيتركه بارزاني في حال إبتعاده عن حكم الأقليم. والأمر الآخر الذي يطمئن أكثر هو أنّ الكاك مسعود لا يستمد قوته من كرسي الرئاسة، لأنّه أولاً وأخيراً بيشمركة وقائد له رمزية خاصة عند الشعب الكردي، وله تاريخ نضالي مشرّف رافقت مسيرته التاريخية حتى يومنا هذا، فهو عايش أقسى الظروف التي مرّت على شعبنا الكردي في جنوب كردستان، وأثبت نفسه بجدارة، إضافة الى أنه أبن أبيه مصطفى بارزاني او أخ لشهيد كبير اسمه ادريس بارزاني، وابن قبيلة بارزان التي قدّمت آلاف الشهداء للثورة الكردية في سبيل تحرير كردستان، وتستحقّ أن تلقّب بقبيلة الشهداء . لذلك لن يكون لكرسي الحكم أهمّية كبيرة عنده. ومعروف عنّا نحن الكرد إحترام القادة في ثقافتنا التاريخية القديمة منها والحديثة، وما زال شعبنا يتغنّى بعظمة قادتهم، الراحلين منهم والأحياء، كالشهيد قاضي محمد والشيخ سعيد وسيد رضا وعبدالرحمن قاسملو وبارزاني وغيرهم. وحتى في وقتنا الحالي ما زال احترام قادتنا قائماً، فها هو المام جلال طالباني يرقد في مستشفى في المانيا والذي نتمنى له الشفاء العاجل، وعلى رغم مرضه فهو يبقى قائداً كبيراً. وها هو القائد عبدالله اوجلان سجين القضية الكردية منذ 14 عاماً قابع في سجون الاحتلال التركي، ونتمنى له الحرية العاجلة، ومع ذلك يبقى قائداً كبيراً. وخلاصة القول أن القيادة ليست مجرد كرسي عند الشعب الكردي بقدر ما هي رمزية يتحلّى بها قادة الشعب الكردي دون غيرهم من الشعوب الأخرى. والسبب هو أن الكرد جزء لا يتجزأ من قادتهم. ويقول باسل نيكتين في هذا الصدد: نستطيع أن نطلق على الكرد فرسان الشرق لكل ما في الكلمة من مدلول فيما إذا كانوا يعيشون حياة أكثر تحضراً، ذلك ان الصفات المشتركة لهذا الشعب إستعداد دائم للقتال واستقامة وتفان مطلق في خدمة قادتهم ووفاء للعهد.