يشتكي كثير من فئة الشباب الذين يحتلون نصيب الأسد من مجموع سكان السعودية بنسبة 60 في المئة بحسب كثير من الإحصاءات، غياب المتنفس الترفيهي لهم، وهو ما يجعل السفر إلى الخارج للترفيه عذر كثير منهم، ويشكل الشباب نسبة 30 في المئة من مجموع المسافرين للخارج بحسب تقديرات أحد أكبر وكالات السفر في المنطقة. ويبدو أن الشباب من الجنسين في السعودية يتذمرون كثيراً من غياب الخيارات المتاحة للترفيه والتسلية، بيد أن الذكور هم أكثر من يعانون لانحصار المتنفسات في خيار واحد عادة لا يتعدى محال بيع القهوة العالمية أو مقاهي الشيشة التي واجهت تضييقاً كبيراً من السلطات السعودية في الفترة الأخيرة، بعد قرار منع التدخين في الأماكن المغلقة. وعلى رغم قرار أمير منطقة الرياض السابق سطام بن عبدالعزيز في آذار (مارس) من العام الماضي الذي نقض نظام منع دخول الشباب للأسواق التجارية، يرى البعض من الشباب أن إدارات الأسواق التجارية تمارس عليهم ضغطاً ومضايقات، بل يذهب البعض منهم إلى أبعد من ذلك، رافضين أن تكون أماكن الترفيه منحصراً في الأسواق والمقاهي. ويرى عضو لجنة السياحة في الغرفة التجارية في الرياض ورئيس أحد وكالات السفر الدكتور ناصر الطيار في حديثه إلى «الحياة» أن غياب المتنفس الشبابي في السعودي يرجع إلى غياب التنظيمات والتشريعات لها، مشيراً إلى أن نسبة الشباب من مجموع المسافين للخارج تخطت حاجز 30 في المئة، واصفا النسبة بالكبيرة، مضيفاً أن أحد أهم مسببات وصول هذه النسبة غياب المتنفس الحقيقي والخيارات للشباب في السعودية. وأضاف: «في السعودية الشباب لم يحصلوا على نصيبهم من المتنفسات، ودائماً يجدون في الأماكن السياحية والأسواق مضايقات، فالحقيقة أنه إلى الآن لم يتم إصدار أي تشريعات وأنظمة للقطاع الخاص ليتولوا عمل متنفس شبابي، وهذا في وجهة نظري عامل مهم في زيادة مشكلات الشباب اليومية». وأوضح الطيار أن غياب الكثير من المتنفسات ك«السينما» الذي يعتبر من أهم ركائز الترفيه للشباب في الخارج، وغياب المسابقات الرياضية الترفيهية التي يشارك فيها الشباب، مبيناً أنه في حال سهلت الجهات المسؤولة لمن يشاء أن ينشئ نادياً رياضياً أو حلبة سباق سيارات أو حلبة للألعاب الرياضية مختلفة لكان هناك جوانب إيجابية، وستزيد من تفكير الشاب وطاقتهم ونضوجهم، إضافة إلى صحتهم في بلد يعاني شبابها من مرض السكري المبكر، وأمراض أخرى. ويعتقد الطيار أن السعودية تخسر طاقات شبابية، وأن كثيراً من المتربصين والأعداء يستغلون فراغ الشباب في المخدرات وغيرها من الجرائم، مضيفاً: «متى ما توافرت الأماكن الراقية الترفيهية ستظهر جوانب إيجابية كثيرة»، مشيراً إلى أن البيروقراطية وغياب الأنظمة سببان رئيسان في غياب المتنفس الشبابي. ويرى الشاب مصعب الفرحان (20 عاماً)، وهو طالب في جامعة الملك عبدالعزيز في حديثه إلى «الحياة» أن قلة الخيارات الترفيهية في مدينة جدة وكثير من مدن السعودية تجعل من السفر خياراً أفضل وأقل كلفة في كثير من الأحيان، موضحاً أنه يضطر إلى السفر إلى مدينة دبي ليستغل كل إجازة دراسية في مشاهد السينما. ويتفق عمران بن ضبعان (22 عاماً) مع الفرحان في قلة الخيارات، إلا أنه يضيف أن غياب الأنشطة الشبابية حصرت في لون واحد، اللون التقليدي في المراكز الصيفية التي لا تختلف كثيراً عن النمط الدراسي التقليدي، مشيراً إلى أن الشباب جعلوا من الأراضي البيضاء في مدينة جدة متنفساً حقيقياً بأدوات بدائية كالخيمة والتلفزيون. ويبقى المتنفس الشبابي ومدى تنوعه في السعودية هما ما يؤرق كثيراً من الجهات كهيئة السياحة والآثار والرئاسة العامة لرعاية الشباب وبلديات المدن، ويظل الشباب هو الخاسر الأكبر من غياب الكثير من أماكن الترفيه التي عادة ما تنحصر في العائلات.