وكالات السفر المحلية تعاني العشوائية وغياب مراكز التدريب وانعدام الدعم المالي أكد مؤسس مجموعة الطيار للسفر والسياحة ورئيسها التنفيذي الدكتور ناصر عقيل الطيار أن غياب دور السفارات السعودية وقصورها في حماية المواطنين جعلهم عرضة للاحتيال والنصب دون غيرهم من الجنسيات الأخرى. وأضاف في حواره مع «الرياض» أن عدم وجود ثقافة السفر والتعامل لدى بعض السعوديين، وثقتهم الزائدة في الغير تجعلهم عرضة للاستغلال من قبل وكالات السياحة الخارجية التي تبحث عن الربح على حسابهم دون غيرهم من الجنسيات الأخرى. وأشار الطيار الى أن مستقبل سوق السفر المحلي واعد دائماً ويزداد بسبب ما تمتلكه المملكة من مقومات مختلفة حيث تحظى بوجود الأماكن المقدسة والأماكن السياحية الصحراوية والبحرية والجبلية والتاريخية والثقافية، فيما لا زلنا نضيع الوقت في مهرجانات تقليدية ومكررة ولا عائد منها. المهرجانات المحلية مكررة ومملة سوق واعدة * في البداية، كيف ترون مستقبل سوق السفر محلياً ودولياً؟ - نرى مستقبل سوق السفر محلياً واعداً دائماً ويزداد بسبب ما تمتلكه المملكة من مقومات مختلفة حيث تحظى بوجود الأماكن المقدسة والأماكن السياحية الصحراوية والبحرية والجبلية والتاريخية والثقافية وهي ما تزال في بدايتها مقارنة مع الأسواق الأخرى، لكنها تنمو سنويا. أما بالنسبة لسوق السفر الدولي فهو ينكمش بسبب الأزمات الاقتصادية والحروب والكوارث الطبيعية. النجاح بالدعم * رخصت هيئة الطيران المدني لشركتين جديدتين، ما هي فرص نجاحهما محليا؟ ولماذا؟ - إذا حصلت على الدعم الحكومي غير المالي بتخفيض أسعار البترول وإعفاءات مالية من رسوم العبور والبترول وغيرها من رسوم حكومية ومساواتها بما يحصل عليه الناقل الوطني من امتيازات وبمسارات وأوقات الطيران فانها سوف تنجح، لأن نمو السفر المحلي يزداد سنوياً بنسبة 14% وهي أعلى نسبة عالمية لأنها الوسيلة الوحيدة للسفر في المملكة حيث لا توجد سكك قطارات ولا شبكة مواصلات أخرى. وهناك مليونان ونصف المليون راكب سنوياً لا يحصلون على مقاعد. عدم الدراسة * لماذا فشلت شركات طيران سابقة في السوق المحلي؟ - لأنها لم تقم على دراسة وثيقة للسوق ولا لصناعة الطيران ومنافسة الناقل الوطني لها بما تمتلكه من امتيازات حكومية مثل سعر البترول الرخيص وغيرها من التكاليف الحكومية. تنظيم السوق * ما زالت وكالات السياحة المحلية ضعيفة في الترويج السياحي المحلي، لماذا هذا الضعف؟ - هذا صحيح بسبب عدم وجود أنظمة تحكم العلاقة بين مقدم الخدمة الأرضية والمسوق للخدمة وعدم وجود جمعيات مهنية لتنظيم هذا السوق، فمقدم الخدمة يرغب أن يسوق مباشرة بدون الاستفادة من وكالات السفر ومقدمي الخدمات الأرضية الأخرى، لعدم وجود تشريعات أسوةً بالدول الأخرى ونستشهد بدولة قريبة جداً منا وهي الأردن فهناك أنظمة تحكم العلاقة بين مقدم الخدمة ومسوق الخدمة بما يحفظ حقوق جميع الأطراف، أما نحن فلا يوجد أي شكل من أشكال الأنظمة والتشريعات التي تنظم هذه الصناعة وسوف تستمر بالضعف إذا لم تقم الهيئة العامة للسياحة بعمل تشريعات وأنظمة تستفيد من خبرة الدول السابقة، خصوصاً ان هناك نموا سريعا للإنشاءات الفندقية والشقق الفندقية على مستوى المملكة وهذا يحتاج الى أنظمة وتشريعات لتنظيمها من أجل قيام وكالات السفر بعملها وبتنظيم برامج على مدار العام للسياحة الداخلية، علماً أن الطلب على السياحة الداخلية بإزدياد، خصوصاً مع اكتمال مطار جدة الجديد ومطار المدينةالمنورة وبداية عمل القطار بين جدة ومكة والمدينةالمنورة وافتتاح مركز الملك عبدالله المالي بالرياض، كل هذا يحتاج الى مواكبة من قبل الهيئة العامة للسياحة بدعم وكالات السفر والسياحة لتنظيم الصناعة وسن القوانين. الكثير من الفنادق الداخلية أصبحت ترفع الأسعار على السعوديين دون غيرهم مناهج للسفر * ما أبرز المشكلات التي تواجه وكالات السياحة المحلية؟ - عدم وجود جهة تحمي مصالحها وتدافع عن حقوقها المسلوبة سواءً من قبل شركات الطيران أو الفنادق أو القوانين الحكومية، حيث إن المملكة هي الدولة الوحيدة التي لا يوجد فيها جمعية لوكالات السفر والسياحة، علماً أن وكالات السفر والسياحة مهمة بالنسبة للاقتصاد المحلي ولتوظيف المواطنين وللتوفير على المسافرين، كذلك عدم وجود مناهج بالثانوية لتعريف الطالب على السفر والسياحة، وعدم وجود برامج أو معاهد تدريبية لتخريج الشباب السعودي للعمل في وكالات السفر، وعدم وجود دعم حكومي لوكالات السفر مثلما يحصل في الاستثمارات الأخرى، وغياب الجهة التنظيمية التي تنظم عمل وكالات السفر والسياحة، حيث أنها متناثرةً بين الهيئة العامة للسياحة وهيئة الطيران المدني والخطوط الجوية السعودية ووزارة الحج، وعدم حصولها على الدعم المالي سواءً من قبل البنوك السعودية أو بنك التسليف، وارتفاع نسبة تسرب السعوديين من العمل في وكالات السفر. وكالات السفر المحلية تعاني الهروب للخارج * رغم الجهود المبذولة من هيئة السياحة، ما يزال المواطنون يفضلون السياحة الخارجية، ما الأسباب؟ - هذا شيء طبيعي وفطري فالإنسان يحب السفر وتغيير البيئة بالكامل من حيث المكان والأرض والأكل ومواقع الزيارات، كما لا يوجد لدينا سياحة بالمعنى الحقيقي، فكل ما لدينا زيارات لأقارب. ورغم أن المملكة تحوي أماكن جذب سياحي، الا انها لم تستغل بسبب البروقراطية وعدم توفر الأماكن المناسبة للاستثمار وإذا توفرت فإن تكاليفها مرتفعة وعدم وجود دعم حكومي بمنح أراضٍ بأسعار تشجيعية او وجود بنك لإقراض المستثمرين في المشاريع السياحية، فالسياحة المحلية تفتقد أدنى دعم، ولا أرى صعوبات اجتماعية تقف امام تطور السياحة الداخلية بل الصعوبات حكومية. * هل نستطيع جذب المواطنين للسياحة الداخلية؟ كيف ذلك؟ - نعم نستطيع جذب المواطنين والمقيمين للسياحة الداخلية بوضع الأنظمة والقوانين التي تحفظ حق كل طرف والتشجيع والدعم الحكومي للمشاريع السياحية، وتوفر وسيلة النقل بأسعار في متناول الجميع. مهرجانات مملة * كيف تقيمون المهرجانات المحلية؟ وهل وصلت للنضوج؟ - المهرجانات المحلية هي مضيعة للوقت وتشتيت للجهود ولا أرى أي عائد منها لأنها كلها مكررة ولا يوجد بها شيء جاذب أو مناسب كما يحدث في دول مجاورة، ومن وجهة نظري لم تصل الى النضوج لانها تقليدية ومحلك سر. السياحة الدينية * هل استفدنا فعليا من الزيارات الدينية للمملكة؟ - لا لم نستفد من الزيارات الدينية للمملكة، فهي حتى الآن مجرد زيارات للأماكن المقدسة وتأدية العمرة او الحج، فيما يمكن استغلال الوفود الكبيرة التي تأتي في الكثير من المجالات السياحية وعمل برامج خاصة لهؤلاء الزوار، ورغم ان هيئة السياحة بدأت تلتفت الى هذا الأمر من خلال توسيع مناطق زيارات الحجاج والمعتمرين وتدريب مرشدين، وتأسيس شركات، إلا أن هذه الاجراءات تحتاج الى وقت لقطف ثمارها. * كيف نطور مفهوم السياحة الدينية؟ - بمراجعة الأنظمة التي مضى عليها اكثر من 60 عاماً ووضع أنظمة وقوانين تتواكب مع العصر ومع تطور السفر وتنوعه مما يحتاج الى قرار من خادم الحرمين الشريفين شخصياً إذا أردنا أن ننتقل بهذه الصناعة. أنظمة وزارة الحج عفا عليها الزمن وهي تسلطية وطاردة للمستثمر المحلي وتدعم المستثمر الخارجي. كما نحتاج لتطوير مفهوم السياحة الدينية الى إنشاء جهة واحدة تكون مسؤولة عن هذا القطاع وعدم تشتته بين جهات وزارة الحج ووزارة الداخلية وهيئة الطيران المدني والخطوط السعودية واللجنة العليا للحج. ترفيه تقليدي * نلاحظ أن المشروعات الترفيهية المحلية نسخ متطابقة ولا تحمل جديدا، هل الخلل في المستثمرين أم الأنظمة التي تحكم تلك المشروعات؟ - الخلل في الاثنين معا، فلا الانظمة تشجع على الابتكار والابداع والتطوير، ولا المستثمرون لديهم الرغبة في التفرد بأفكار جديدة على مستوى الألعاب والخدمات وحتى الديكورات، فهم يرون أن مثل هذه الأمور تزيد مصاريفهم دون فائدة مرجوة، وربما يرون أن حضور الزوار للمدن الترفيهية وارد بأقل التكاليف. لم نستفد من الزيارات الدينية السينما والمسرح * هل ترى أن انتشار المسارح ودور السينما سيفيد السياحة المحلية، ويضيف لها رونقا؟ - أكيد، فانتشار المسارح ودور السينما التي تتلاءم مع قوانين المملكة ومنهجها ستفيد السياحة المحلية ويضيف لها رونقاً، خصوصاً أن السياحة في دول الخليج تشهد توافد نسبة كبيرة من السعوديين لحضور مسرحيات ومشاهدة السينما، لذا فإن وجود المسارح والسينما سوف يجذب هذه الفئة الى الداخل، بالإضافة الى توسع المنتج السياحي. استغلال السعوديين * معظم وكالات السياحة الخارجية تبحث عن الربح على حساب السعوديين فقط دون غيرهم من الجنسيات الأخرى، أين الخلل؟ - هذا صحيح لأنهم هم من يعرضون أنفسهم الى ذلك لعدم ثقتهم في الوكيل المحلي أو يتخيل لهم أنهم سوف يحصلون على سفر أفضل واحسن، لكن العكس صحيح، بالاضافة الى عدم وجود ثقافة السفر والتعامل لدى بعض السعوديين، وطبيعة السعوديين وثقتهم الزائدة بالغير دون التأكد. غياب الحماية * لماذا يرفع المستثمرون في معظم الدول الأسعار على السعوديين دون غيرهم؟ وما الحل لهذه الظاهرة؟ - بسبب عدم وجود جهة تحمي حقوقهم مثل جمعية وكلاء السفر، وقد انتقلت العدوى داخل المملكة واصبح الكثير من الفنادق المحلية تضع أسعارا مرتفعة للسعوديين لعدم وجود جهة تحمي مصالح المسافرين وتدافع عن حقوقهم. * هل للسائح السعودي مكانة جيدة في المجتمعات الأخرى؟ أم ما يزال عرضة للنصب والمضايقات؟ - السائح السعودي ليس له مكانة في المجتمعات الأخرى، وما يزال يُنظر إليه على أنه أفضل سائح للنصب عليه ومضايقته لعدم وجود حماية له من قبل سفارات المملكة أو بعض الدول التي لا تفرض قوانين لحماية السائح السعودي، بل تشجع على مضايقته والنصب عليه، بالاضافة الى وعدم وجود جمعيات لوكالات السفر المحلية حتى يصبح لها صوت تدافع به حقوق المسافرين أسوةً بالدول الأخرى.