أحيا شباب مكةالمكرمة الشعبنة، التي اشتهروا بها، مع أول أيام شهر شعبان، استعدادا لاستقبال شهر رمضان المبارك. ورغم الكثير من الاعتراضات التي طالت هذه العادة المكاوية، إلا أن غالبية الشبان تمسكوا بها، إلى الدرجة التي باتوا يتداولونها بصورة فردية في الأحياء الشعبية، والتي تتمثل في التجمع الشبابي أو العائلي للخروج خارج المدينة وإعداد الوجبات وممارسة الألعاب الشعبية والسهر حتى ساعات الفجر. والمثير في الأمر أن عمد الأحياء شاركوا الشباب إحياء تلك العادة، تأكيدا على تبنيها، فيما كانت لعبة المزمار سيدة الجلسة الشعبانية، إضافة إلى صفوف المحاورات الشعرية. وعلى مدى 30 عاما لم تفت مناسبة الشعبنة العم غازي سبحي، الذي حرص على إحيائها بحفلات السمر والولائم التي يقيمها مع جيران الحي الذي يقطنه. ويرى محمد المديني، 23 عاما، أن الشباب تستهويهم هذه العادة الرائعة: «بمجرد ظهور هلال شعبان نحرص على الاجتماع مع عدد من الأصدقاء ونحجز إحدى الاستراحات مبكرا، ونحدد تكاليف العشاء، ثم نتقاسم قيمة تكاليف الشعبنة فيما بيننا، حتى يحين الموعد لنقضي يوما بكامله في ممارسة الألعاب الشعبية والفلكلورات، كما أن البعض يمارس الألعاب التقنية الحديثة، فيما يفضل آخرون التوجه صوب البراري للاستمتاع بالهواء البري الطلق؛ حيث يتسامرون ويلعبون البلوت وغيرها من الألعاب الشعبية المحببة، فيما ينصب البعض المخيمات في المناطق البرية المحيطة بمكةالمكرمة لإحياء هذه العادة الجميلة وإحياء الفلكلور الشعبي القديم سواء لعبة المزمار أو صفوف المحاورات الشعرية». ويوضح عبدالله عقيلي، 25 عاما، أن أكثر من 85 % من أهالي مكةالمكرمة يقيمون الشعبنة طوال شهر شعبان، قبل أن يتفرغوا لشراء حاجات شهر رمضان الكريم: «الشباب تعلموا الشعبنة من آبائهم وأجدادهم، ولا يزالون يتمسكون بها كعادة اجتماعية رغم مشاغل الحياة، ولا نعتبرها عادة دخيلة لأنها مجرد اجتماع حميمي، ننتظره من عام إلى آخر بفارغ الصبر». ويعتبر عمدة حي الهجلة محمود بيطار الشعبنة عادة حجازية قديمة، تهدف إلى زيادة الترابط الاجتماعي بين الأسر والأقارب ولتصفية النفوس وتطهيرها من الأحقاد ولإدخال الفرح والسرور والتهيؤ لاستقبال شهر رمضان المبارك: «عرفت الشعبنة حسب المصادر التاريخية خلال القرنين الميلاديين الماضيين، حيث كانت تهدف إلى إقامة الاحتفالات الشعبية في كل عام من شهر شعبان وذلك للتخلص من الروتين الحياتي الذي يغلب على طابع الكثير ممن لم يتداركوا سرعة الوقت فنسوا تراثهم وعاداتهم وتقاليدهم».