حدد الرئيس الإيراني المنتخب حسن روحاني الأطر الأساسية لعمل حكومته على الصعيدين الداخلي والخارجي. ودافع عن شرعية النظام السياسي للجمهورية الإسلامية التي «دحضتها المشاركة الواسعة للشعب في الانتخابات الرئاسية، تمهيداً لتسطيره ملحمة رسمت طريقاً جديداً للمستقبل ودلّت على الانتصار». وشدد على أن الاعتدال في السياسة الخارجية «لا يعني الخضوع والاستسلام»، سواء إقليمياً حيث دعا إلى «نسف مخطط الشرق الأوسط الجديد»، أو على صعيد التعاطي مع الأسرة الدولية في الملف النووي الإيراني. وأظهر روحاني ثقة كبيرة في كلمته خلال ندوة «آفاق الإعلام الوطني» في طهران أمس والتي بثها التلفزيون الرسمي مباشرة، للمرة الأولى منذ فوزه بالانتخابات الرئاسية في 14 الشهر الجاري، وقال «شاهد العالم مجدداً حقيقة الديموقراطية والإرادة الشعبية في إيران»، مشدداً على أن تاريخ العملية الديموقراطية فيها «يعود إلى أكثر من مئة سنة». ونبّه إلى أن الانتخابات «لم ترد فقط على كل الشبهات والتساؤلات والأقاويل حول الاقتراع، بل كذلك حول شرعية الجمهورية الإسلامية، وكانت كمياه أزاحت أتربة وغباراً علقت على مرآة الجمهورية، فجعلتها شفافة وناصعة». وأشاد بمساهمة كل التيارات والأوساط في تحقيق «الملحمة السياسية الكبيرة» عبر الاقتراع الرئاسي، لكنه أكد ضرورة تلبية مطالب الأكثرية الساحقة للناخبين والمتمثلة في الاعتدال والتغيير. وبدا الرئيس المنتخب الذي يدعمه تحالف معتدلين وإصلاحيين في مقدمهم الرئيسان السابقان هاشمي رفسنجاني ومحمد خاتمي، متفائلاً بالمستقبل وبإمكانه معالجة مشاكل المواطنين، وتقديم خدمات أفضل لهم. ودعا إلى الاستجابة لرسالتهم التي عبرت عنها الانتخابات و «تجسدت في المسامحة والوحدة والانسجام الوطني، ونبذ العنف والتطرف، وإظهار الشفافية وتطبيق القانون». وحضّ على تخفيف القيود المفروضة على الشباب «إذ إن التعبير عن الفرح من حقه»، في إشارة إلى نزول عشرات الآلاف من الشبان إلى الشارع للاحتفال بانتخابه، في أجواء بهجة من دون أن تتدخل الشرطة، خلافاً لما حصل لدى قمعها محتجين على فوز محمود أحمدي نجاد في انتخابات 2009. وقال روحاني: «الشبان أولادنا وبناتنا، وتجب مخاطبتهم كما نخاطب أطفالنا». وفي سياق تناوله السياسة الخارجية، اعتبر الرئيس المنتخب أن إيران «يجب أن تضطلع، باعتبارها أكبر دولة إقليمياً، بدور تاريخي في المنطقة عبر سياسة الاعتدال التي تنطلق من أسس واقعية تراعي مصالح الجمهورية الإسلامية وقيمها، لكنها لا تعني الخضوع والاستسلام». وأعلن أن «مخطط الشرق الأوسط الجديد لم يكتمل، وعلينا مواجهة المخطط الأجنبي الذي يريد ضربنا، لذا نحتاج إلى برنامج دقيق لنسف مخطط الشرق الأوسط الجديد» وأكد أن حكومته «ستضم وزراء من كل الأطياف السياسية، وتركز على الثقة بالنفس والاعتماد على القدرات الوطنية، وإقامة توافق بنّاء مع العالم، مع الدفاع عن كل حقوق إيران». واستدرك: «في الخطاب المعتدل تكون الواقعية مبدأ أساسياً، مع أخذ قيم الجمهورية الإسلامية ومُثلها في الاعتبار». ودعا إلى «انفراج متبادل» مع الغرب لتخفيف التوتر في المنطقة. وفي أول رد فعل على خطاب الرئيس المنتخب، أشاد أمير حسين قاضي زادة، الناطق باسم «جبهة الاستقامة» القريبة من رجل الدين المتشدد محمد تقي مصباح يزدي، بمواقف روحاني في شأن الملف النووي، وقال: «لو علمنا هذه الأفكار قبل الانتخابات لدعمنا ترشحه».