بعد أقل من أسبوع على أحداث عبرا، وعودة الهدوء إلى منطقة صيدا، واستكمال الجيش اللبناني تنظيف المربع الأمني الذي كان استحدثه الشيخ أحمد الأسير، تسلم أمس مفتي صيدا ومنطقتها الشيخ سليم سوسان مسجد بلال بن رباح من الجيش الذي أزال الركام من داخله. وتم التخلص من كل الأجسام المشتبه فيها والعبوات، كما سمح الجيش لعدد من السكان بالرجوع إلى بيوتهم باستثناء تلك المتصلة بالمسجد. وأكد سوسان بعد جولة له في المسجد مع وفد من العلماء، «أننا تسلمنا المسجد بمعية القاضي محمد أبو زيد، الذي سيقوم بإعادة افتتاحه وإدارته، وسيكون هذا المسجد، كمساجد صيدا التي علمت الناس الخير، وحب الوطن، والبطولة والسلم والاستقرار، هذا المسجد سيعود إلى القيام بدوره، في خدمة الإسلام والمسلمين وحماية السلم الأهلي الوفاق الوطني والعيش المشترك، في ظل المجتمع اللبناني المتنوع بطوائفه ومذاهبه، وسيكون أمامه القاضي أبو زيد». وأضاف: «سنتعاون مع رئيسي الجمهورية والحكومة ونواب البلد وقائد الجيش والمحافظ ورئيس البلدية والجميع من أجل إعادة الحياة الطبيعية إلى هذه المنطقة، وسنتابع قضايا المعتقلين، وذلك ضمن الأصول القانونية المرعية الإجراء في ظل الدولة اللبنانية». وأكد سوسان أن «صيدا كانت وما زالت تطالب بالدولة، ولا سلاح غير سلاح الدولة، وأقولها من هنا من أمام مسجد بلال، نحن تحت النظام وليس فوقه، نحن في ظل سلاح الجيش والقوى النظامية والشرعية، نطالب بمجتمع يسوده العدل والقانون والنظام، هذا ما أردت أن أقوله اليوم، وإن شاء الله الأمور ستتابع من أجل هذه الشقق والمنازل، حتى يعود أصحابها إليها، وسنعمل جاهدين مع كل المعنيين والمسؤولين، للإسراع في التعويض عن هؤلاء الناس، الذين أصيبوا، خصوصاً أننا على أبواب شهر رمضان المبارك». وعن المعتقلين الإسلاميين لدى الجيش قال: «سنعمل على إخلاء كل المدنيين والأبرياء، وأنا تسلمت لائحة بأسماء المعتقلين، وهي في دار الإفتاء في صيدا، وباعتقادي أن في الأيام القليلة المقبلة، سيتم الإفراج عن الأبرياء، بواسطة لجنة حقوقية في مدينتنا، وسأتحمل مع المسؤولين كافة والإخوة والأهل والقوى مسؤولية هذه المدينة، حتى تعود إلى طبيعتها». وإذ أكد حرصه على «كل المتدينين وكل المعممين»، قال: «الإرهابي ليس له دين، ولا طائفة ولا مذهب». وشدد على أن «لا سلاح إلا سلاح الدولة والقانون والنظام والشرعية والجيش اللبناني، كما ليس لدينا عدو إلا العدو الإسرائيلي، وصيدا راهنت ولا تزال على الثوابت الوطنية، وهي متمسكة بالدولة التي نطالبها بالعدالة في التعاطي معنا». «هيئة العلماء»... والعصيان وفي هذا الإطار انتقل وفد «هيئة العلماء المسلمين» إلى مسجد حمزة المقابل لمسجد بلال بن رباح حيث عُقد اجتماع عرضت خلاله أفلام تظهر مشاركة عناصر «غير شرعية» في القتال إلى جانب الجيش اللبناني في عبرا. وقالت الهيئة في مؤتمر صحافي: «إحالة بعض العناصر من الجيش إلى التحقيق غير كافية، وحفاظاً على حقوق الضحايا مطلوب إحالة العناصر على القضاء الجنائي كمتهمين بمحاولة قتل». وأضافت: «عناصر حزب الله نصبت حواجز متنقلة في مدينة عبرا وعمدت إلى توقيف العديد من الأشخاص موحية في بعض الأحيان أنها تابعة للجيش اللبناني».وإذ أشارت الهيئة إلى أن العمال السوريين لم يسلموا من التوقيف من قبل عناصر الجيش اللبناني، تبنت «جميع المطالب المحقة التي أصدرها علماء صيدا»، وأمهلت المسؤولين «فترة زمنية لتنفيذ مطالبنا وإلا سنعدّكم متآمرين على ساحتنا وشارعنا». وقالت: «لقد حرص العلماء في محطات عدة على ضبط الشارع وتحذير الشباب من الدخول في صراع مع الجيش، فإننا نحذر قيادته من جر الطائفة السنية إلى معركة لا ترغب فيها». ورأت الهيئة أن «الدولة مسؤولة عن تغطية ما جرى من اقتحام لجامع بلال بن رباح وتزوير البيانات وتعذيب المدنيين من قبل عناصر الجيش وبعض المليشيات»، لافتةً إلى أن «الجيش يسمح لحزب الله بالمرور من البقاع باتجاه سورية، وفرض هيبة الجيش لا تكون على فئة دون أخرى، وبكيدية ضد مناطق أهل السنة». وطالبت «بتوقيف الملاحقات الاستثنائية الأمنية ضد الشباب الذي كان يدافع عن نفسه في صيدا، والشباب المطلوب بعد تسليم أنفسهم لكي لا يتم قتلهم تحت التعذيب»، محذرة من أنه «في حال تجاهل مطالبنا سنتوجه إلى إعلان عصيان مدني في كل مناطق أهل السنة في لبنان». إطلاق 29 موقوفاً وعلى الصعيد القضائي أفادت «الوكالة الوطنية للإعلام» الرسمية أن مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي صقر صقر، الذي يشرف على التحقيقات الأولية التي تجريها مديرية المخابرات في الجيش اللبناني مع الموقوفين في أحداث عبرا، ترك 29 شخصاً وسلم شقة الأسير إلى أصحابها. وبذلك يبلغ عدد الموقوفين المتروكين 101 شخص، ويبقى 40 موقوفاً. وكان رئيس كتلة «المستقبل» النيابية فؤاد السنيورة والنائب بهية الحريري والمفتي سوسان تسلموا من قائد الجيش العماد جان قهوجي، لائحة بأسماء الموقوفين في حوادث عبرا، وذلك خلال اجتماع عقد في السراي الكبيرة مساء أول من أمس في حضور رئيس الحكومة المستقيلة نجيب ميقاتي. وفي طرابلس، وقع إشكال في منطقة البقار بعد الظهر، بين عناصر من الجيش ومسلحين تطور إلى إطلاق نار، أدى إلى وفاة المواطن عبدالله شميطية وإصابة امرأة بجروح. وعمد شبان المنطقة إلى قطع الطريق. كما أفادت «الوكالة الوطنية للإعلام» الرسمية، التي تحدثت أيضاً عن مقتل الفلسطيني خالد الطرابلسي، جراء عمليات قنص محدودة شهدتها المنطقة. وأعلنت «رابطة الإعلاميين الفلسطينيين» أن «الطرابلسي أصيب أثناء مروره على المدخل الجنوبي لمخيم البداوي وهو عائد من عمله، جراء أعمال القنص الحاصلة على محور الريفا القريب من المخيم، وقد نقل إلى المستشفى الحكومي في القبة حيث ما لبث أن توفي متأثراً بإصابته».