تشهد الساحة المصرية سباقاً محموماً بين القنوات على «تورتة» المشاهدة، وبالطبع تورتة الإعلانات. لكنّ الأمر ليس متساوياً بين القنوات الخاصة والقنوات العامة التي ابتعد عنها المعلن بعد رمضان عام 2010، والذي استطاع خلاله رئيس اتحاد الإذاعة والتلفزيون السابق أسامة الشيخ أن يجعل التلفزيون الرسمي منافساً بقوة للتلفزيون الخاص. ولكن قُبض على الشيخ بعد الثورة، وحوكم بتهمة إهدار المال العام، وشراء مسلسلات لنجوم الصف الأول دفع فيها الكثير من أموال الدولة. ومنذ أيام، حصل الشيخ على حكم نهائي ببراءته من التهمة بعد عامين قضاهما في السجن، وبعدما توالت الأحداث على جهاز الإعلام العام الذي كان يرأسه، فأصبح في موقف شديد الصعوبة في أمور عدة، أولها هروب المعلنين ومسلسلاتهم ذات «النجوم» الزاهرة والذين تكدسوا في القنوات الخاصة التي تقيم مولداً للدعاية لهم حتى تجيش المشاهدين. وكانت قنوات «الحياة» السباقة في الدعاية لمسلسلاتها، فأطلقت على نفسها شعار «بيت الدراما الرمضانية» وبعدها بدأت قنوات «النهار» و«دريم» و«المحور» (التي أطلقت أخيراً قناة جديدة للدراما) دعاياتها المدوية حول مسلسلات رمضان، لكنّ الجيد هنا هو دخول شبكة خامسة حلبة المنافسة الإعلانية لجذب المشاهد، ولكن إلى شبكة أخرى، أي أن شبكة «أون» تحولت إلى وسيط للدعاية لقنوات «دريم» ومسلسلاتها في رمضان في تطور لافت، أولا لأن «أون» شبكة إخبارية تقريباً لا تقدم دراما على قناتها، وثانياً لأنها حين تدعو مشاهديها لمتابعة مسلسلات «دريم»، فهي تغامر بإبعادهم عن شاشتها إلى شاشة أخرى لها محتوى جذاب. أما الأمر الثالث فهو ثمن هذه الصفقة غير المعروف، وهل تفعلها «أون» لمساندة «دريم» التي تعرضت لضغوط من النظام الحالي أم لأنها واثقة من أن مشاهدها سيعود إليها بعد رؤية المسلسلات على «دريم» وهو تحدٍ مثير، فضلاً عن كونه يطرح السؤال حول الهوية التي تكونت عليها هذه الشبكة منذ أطلقها نجيب ساويرس كقناة عامة بعد رفض السلطات المصرية قبل الثورة السماح له بإطلاقها كقناة إخبارية، إلى أن اشتراها البليونير التونسي طارق بن عمار، وما تبع ذلك من تحوّل قنواتها إلى قنوات الأخبار والبرامج السياسية المثيرة للجدل والأكثر اتجاهاً إلى جمهور الشباب. والسؤال الآن: هل وجدت قنوات «أون» في الإعلان عن مسلسلات «دريم» دوراً جديداً تقوم به كوسيط إعلامي أم أن «دريم» وجدت أن انتشار «أون» المتزايد صفقة رابحة لها؟ وهل يخذل المشاهد توقعات الشبكتين في التحول إلى المسلسلات وترك السياسة أم أن الظروف في مصر الآن تغير كل الثوابت؟