قد تكون قناة «سورية دراما» من أولى القنوات الفضائية العربية المتخصصة، التي أطلقت توافقاً مع ثورة الدراما التلفزيونية العربية، وانتشارها، واتساعها، وتحولها إلى قطاع إنتاجي أساس، في عالم الاتصال، والإعلام، كما في عوالم الفن والثقافة والفكر. ولكن، منذ البداية، ظهر أن قناة «سورية دراما»، تبدو كمن يدخل ساحة المنافسة، من دون أسلحة، معتمداً على النيات الطيبة، ومتكئاً على ما هو متوافر أصلاً في خزائن وأرشيف «التلفزيون العربي السوري»، وجعبة مديرية الإنتاج في «الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون». كان على هذه القناة الوليدة أن تنتبه إلى أن الساحة لن تبقى خلواً لها. ثمة قنوات عربية أخرى، متخصصة في مجال الدراما التلفزيونية، سوف تتوالد، مدجَّجة بكل أسلحة المنافسة، إن لم نقل التفوق المطلق. من قناة «أبو ظبي دراما»، وصولاً إلى قناة «MBC دراما»، وما بينهما من قنوات مصرية متخصصة بالدراما («نيل»، و «ميلودي»... الخ)، أيضاً. وإذا كان لقناة «سورية دراما»، الظنُّ، لوهلة ما، أنه يمكنها الاستناد على المنجز الدرامي السوري الكبير، وأن تعيد وتستزيد من هذا المخزون، المتوافر في أرشيفات التلفزيون العربي السوري، فإنها بهذا ستبدو كمن يريد، ليس فقط إكرام الضيف/ المشاهد، بما توافر لها من «حواضر البيت»، بل أيضاً جذبه، والاستئثار به، وصرفه حتى عن التفكير بالموائد الباذخة، المتوافرة على موائد القنوات الدرامية المتخصصة، الأخرى! وكما «السيدة الشامية»، الماهرة في ابتداع المزيد من أفكار «النحت من الصخر»، أو صنع شيء جديد، مما هو معتاد، ومستهلك، في بيتها، تبدو قناة «سورية دراما» على النحو ذاته، فيخبرنا مدير البرامج فيها علي سفر، أن القناة مزمعة على إطلاق مجموعة من البرامج الإخبارية الفنية، التي تتناول أعمالاً جاذبة للمشاهد، من طراز الاهتمام بشؤون الدراما التلفزيونية، والمسرح، والسينما، نقضاً للفهم المقزم الذي يحصر مفهوم الدراما بالمسلسلات التلفزيونية فقط، أولاً، وانسجاماً مع الخطة الثقافية للقناة التي تسعى، من دون شعارات صاخبة، تالياً، نحو التأسيس التطبيقي لفهم أسرار وخبايا العديد من المهن المتعلقة بصناعة الدراما التلفزيونية: (التصوير، المونتاج، الكتابة، الإخراج، الديكور، الموسيقى)، وغيرها. ربما، بفطنة منها، وجدت قناة «سورية دراما» أن تميّزها يمكن أن يكون في البرامج الإخبارية، وما يمكن أن تضيفه من حيوية ورشاقة، عليها، وليس بالمنافسة على مسلسلات العرض الأول، أو مسلسلات العرض الحصري... فاتجهت منذ البداية إلى برامج ذات طابع إخباري فني منوع. ويمكن لقناة «سورية دراما» أن تعد مشاهديها، مع مطلع العام المقبل، 2011، بزيادة جرعة البرامج الإخبارية، والانتقال بها من برنامج واحد، إلى ثلاثة، ستأتي على هيئة مجلات، تتضمن زاداً من أخبار، وتحليلات، ومتابعة لمجريات الأنشطة الدرامية الراهنة... ومع اتجاه النيات، في القناة، نحو عرض مجموعة من الأعمال الوثائقية، وربما العودة ثانية لبرامج تقدم سيرَ نخبة من أعلام ورواد أعمال الدراما، والأفلام الوثائقية، وزيادة حصة برامج البث المباشر، ومتابعة أخبار الفن. مع هذا كله، يمكن القول إن قناة «سورية دراما» ستضفي مقبّلات حارّة على مائدتها... وستبقى في حال ترقّب لمشاهد من نوع آخر، لا تبهره الأعمال المدبلجة، ولا الألوان الفاقعة... وإنما تجتذبه نكهات خاصة، يمكن لقناة فقيرة شكلاً، قوية مضموناً، أن تحققها له... وربما هذا هو تحدي قناة «سورية دراما» المتاح، راهناً!