نزل مئات آلاف الفلسطينيين إلى شوارع غزة للتعبير عن سعادتهم الغامرة في أعقاب إعلان فوز المتسابق الفلسطيني في برنامج المواهب الغنائية «أراب أيدول» الذي بثته قناة «أم بي سي». ولم تتخذ «حماس أي تدابير لمنع الاحتفالات. وشهدت الشوارع الرئيسة في مدن القطاع الخمس، بخاصة أكبرها غزة حشوداً هائلة من المواطنين من مختلف الأعمار، وغالبيتهم من الشباب الذين رقصوا وغنوا ورددوا اسم عساف وأغانيه ورفعوا صوره وأعلام فلسطين حتى ساعات الفجر الأولى أمس. وتجمع عشرات الآلاف في فنادق ومنتجعات ومطاعم ومقاهي عُلقت فيها شاشات كبيرة خلال الأسابيع الأخيرة لمتابعة عساف المشارك في البرنامج الأكثر رواجاً، ولفت أنظار لجنة الحكم وكل عشاق الفن على امتداد الوطن العربي. واكتظت الشوارع بعشرات آلاف السيارات التي أطلقت العنان لأبواقها المختلطة مع صوت عساف الذي صدح من داخلها، وأطلقوا الألعاب النارية في الهواء في واحدة من ليالي صيف غزة الحار. وعملت الشرطة التابعة للحكومة التي تقودها حركة «حماس» في القطاع»، التي انتشرت بكثافة، على تنظيم حركة السير حتى ساعات الفجر الأولى. وغمرت مشاعر الفرحة السواد الأعظم من الفلسطينيين في القطاع، نظراً لأن محمد عساف يتحدر من مخيم خان يونس للاجئين جنوب القطاع. وصرخ ملايين المشاهدين ليل السبت الأحد بصوت واحد عندما نطقت مقدمة البرنامج الشابة الحسناء أنابيلا هلال صعب باسم عساف فائزاً باللقب الذي نافسه عليه السورية فرح يوسف والمصري أحمد جمال. وبكى كثيرون فرحاً، بخاصة عندما قبّل عساف أرض المسرح الكبير في العاصمة اللبنانية بيروت، وعندما أهدى فوزه لأرواح «شهداء الثورة الفلسطينية والجرحى والأسرى» القابعين خلف قضبان السجون الإسرائيلية. و «أشعل» الناشطون صفحات شبكات التواصل الاجتماعي، بخاصة على «تويتر» و «فايسبوك» بتعليقاتهم ومعلوماتهم عن المسابقة وهدد الأصوات، وحركة «حماس» وحكومتها، التي التزمت الصمت حتى الآن إزاء فوز عساف لكنها لم تعترض على متابعة عروض البرنامج في أماكن مغلقة ولم تمنع نزول الناس إلى الشوارع. لكن كثيرين من أعضاء الحركة وأنصارها انتقدوا عساف بشدة، وانهال بعضهم عليه بالسباب والشتائم لمشاركته في برنامج «الفسق والفجور». لكن النائب عن «حماس» رئيس لجنة الرقابة وحقوق الإنسان في المجلس التشريعي الدكتور يحيى موسى وجه التحية لعساف في أعقاب فوزه. وسبق أن أعلن موسى الجمعة تأييده لعساف ووصفه بأنه سفير لفلسطين. وكتب على حسابه على «فايسبوك»: «إن الفنون بعامة والفن الشعبي على وجه خصوص يمثل مكوناً أساسياً وأصيلاً من مكونات ثقافتنا الوطنية وجزءاً مهماً من سمات وعناصر الهوية الوطنية للشعب الفلسطيني التي من الواجب حمايتها والحفاظ عليها وتنميتها». وأضاف أن «التاريخ الإسلامي زاخر بالفنون الشعرية والغنائية والموسيقية التي ازدهرت في العصور الإسلامية زمن الخلافة العباسية وفي بلاد الأندلس زمن الحكم الإسلامي». وقال: «إنني أرى الوطن يتسع للجميع وأن الثقافة وعاء يتسع لجميع الاجتهادات ما لم تكن حراماً خالصاً وكفراً بواحاً يتناقض مع العقيدة وعموميات الثقافة ويهدد وحدة الشعب ومستقبله. وبالنظر إلى الفنون الفلسطينية الشعبية مثل الدبكة والميجانا والعتابا وظريف الطول فإنها صاحبت الثورة الفلسطينية ولعبت دوراً رئيساً في شحذ هممه على الجهاد والاستشهاد والثبات والتشبث بالوطن والصمود على أرضه». وأضاف: «إنني أرى في صعود النجم الفلسطيني الواعد محمد عساف إضافة نوعية إلى المدافعين عن القضية وحملة مشاعل الثقافة الفلسطينية، فهو يمثل فلسطين وشعبها المرابط المصابر وسفيراً لقضيتها العادلة بغض النظر عمن يحكم على تفاصيل الصورة من دون النظر إلى الصورة الكلية والمشهد العام». وزاد مخاطباً المتشددين الإسلاميين: «كما أننا في مرحلة تحرر وطني ولا يجوز لأحد أن يفرض رؤيته وخياره الأيديولوجي وفهمه الخاص للإسلام فيجعل من نفسه قاضياً وحاكماً ومشرعاً، لأن ديننا الحنيف يتسع إلى أكثر من ذلك». لكن عشرات من أنصار «حماس» انهالوا على موسى بالسباب والشتائم جراء هذا الموقف، واعتبروه موقفاً خاطئاً منافياً للشريعة، إلا أنه ظل متمسكاً بموقفه، فيما انبرى نشطاء من عشاق عساف للدفاع عن موقف موسى.