وسط أجواء مرعبة كانت تنذر باشتعال حرب وشيكة بين مكونات رئيسة في المجتمع العراقي وانفجار خمس عشرة سيارة مفخخة في أنحاء متفرقة من العاصمة، عقد الاتحاد العام للأدباء والكتاب مؤتمره الانتخابي في فندق المريديان في بغداد، بإدارة القاضي لقمان ثابت، رئيس محاكم الأعظمية، وبحضور اكثر من 750 أديباً من بغداد والمحافظات ومشاركة 87 مرشحاً. هذه الأجواء الكابوسية وأصوات الانفجارات القريبة والبعيدة لم تمنع أدباء العراق من الإصرار على إكمال الانتخابات، وقد جاءت بشفافية عالية رداً على الاحتقان السياسي الذي يعيشه العراق بسبب الصراع الدائر على السلطة، ورداً على مظاهر الفساد التي تعيشها مؤسسات الدولة بسبب التوزيع الطائفي للمناصب والوزارات. للمرة الأولى وبعد نصف قرن على تأسيس اتحاد الأدباء العراقيين يترشح سبعة وثمانون أديباً لإشغال مناصب في المجلس المركزي من تيارات مختلفة وقوميات عدة، بينهم المتحزب وبينهم المستقل، لكنّ ما تجدر ملاحظته هو تلك الشفافية التي رافقت عملية الانتخاب، حتى إن المرء يحار كيف يقارن بين ما يجري في هذه القاعة وما يجري في المنطقة الخضراء من صراع على الكراسي لم يهدأ منذ اكثر من عشرة أعوام وسط مظاهر العنف الذي حصد ويحصد كل يوم أرواح العراقيين. بعد فرز الأصوات فازت أسماء راسخة في إدارة الاتحاد ولها وجود كبير في مجلسه المركزي ورئاسته، مثل فاضل ثامر وألفريد سمعان وإبراهيم الخياط وعلي الفواز وحنون مجيد وحسب الله يحيى وكاظم الحجاج وناجح المعموري وجاسم عاصي وياسين النصير وعمر السراي. وفازت أيضاً وجوه جديدة مثل حسين القاصد وجبار الكواز وبشير حاجم ورياض الغريب ومروان عادل حمزة وعبد السادة البصري وعدنان الفضلي، ومن المنتظر أن يجتمع المجلس المركزي في الفترة القريبة المقبلة لانتخاب رئيس الاتحاد والأمين العام وأعضاء المكتب التنفيذي. أفق التغيير في برامج الاتحاد سيكون على رأس الأولويات من خلال العمل على إعداد مسودة لتغيير النظام الداخلي القديم، وإمكان تحديد المسؤوليات والانفتاح على الفضاءات الثقافية المدنية بخاصة الجامعية والمدنية الأخرى، فضلاً عن صعود وجوه شابة جديدة يعطي مجالاً لتبني برامج للأدباء الشباب، والعمل على زيادة التنسيق مع الاتحادات العربية لتعزيز دور الاتحاد في الفضاء العربي. وسوف يجري التنسيق مع الأدباء الكرد في كردستان العراق من أجل تنظيم العلائق الثقافية. من جانب آخر اصدر بعض الأدباء المقاطعين بياناً حول الانتخابات حمل 71 اسماً من الأدباء من الداخل والخارج طالبوا بمقاطعة هذه الانتخابات ما لم تستقل الإدارة القديمة، وتبعه إعلان من خمسة عشر أديباً قالوا فيه انهم لم يوقعوا على البيان ولم يعرفوا أصلاً به. ناهيك عن وجود عدد من الأسماء في الخارج والذين لم يشاركوا في العملية الانتخابية. ينتظر من الإدارة الجديدة أن تقوم بأعمال كثيرة وصعبة لتصحيح مسار اتحاد الأدباء وعلاقاته باتحاد الكتاب العرب ووزارة الثقافة العراقية، وعلاقة ذلك بتنظيم المهرجانات الكثيرة التي ظهرت بعد التغيير في المدن العراقية. أما المهمة الأكثر صعوبة فتكمن في تغيير النظام الداخلي القديم وتعديله وفق التغيرات الكبيرة التي حصلت بسقوط الديكتاتورية.