بدأت رياح التغيير تهب في الجزائر على حزب «حركة مجتمع السلم» الإسلامي، الحليف السابق في التحالف الرئاسي وأبرز القوى المشكلة للتكتل الإسلامي «الجزائر الخضراء»، والذي حقق نتائج سلبية في الاستحقاق النيابي الأخير. وبدأت بعض الأجنحة داخل الحزب في فتح نقاش، بمناسبة انعقاد دورة طارئة للمجلس الشوري السبت المقبل، حول ضرورة محاسبة القيادة الحالية عن نتائج الانتخابات البرلمانية التي أعطت الحزب حوالي 48 مقعدا فقط، بعدما كان يتمتع ب 52 في الدورة الماضية، ودفع تيار آخذ في التشكل في صفوف الحزب إلى مراجعة خط «مجتمع السلم» المبني منذ عقود على خيار المشاركة، ويسعى هذا التيار لاستغلال دورة المجلس الشوري وطرح رؤية رفض المشاركة في الحكومة المقبلة التي سيشكلها حزب جبهة التحرير الوطني الفائز بأغلبية مقاعد البرلمان. وفي هذا الإطار، قال أبرز وجوه هذا التيار، عبدالرزاق مقري، إن «السلطة دفعتنا إلى وضع مريح وهو أن نكون القوة السياسية الأولى في المعارضة»، فالانتقال إلى المعارضة في نظر هذا التيار، الذي كان صوته ضعيفا فيما مضى، يعتبر أفضل ردٍ على النظام الذي يقول مقري إنه عَمِلَ على تهميش الإسلاميين لتبرير أطروحة طالما عزف عليها وهي أن الجزائر استثناء من موجة صعود الإسلاميين في الوطن العربي. وبحسب عبدالرزاق مقري، فإن الخاسر الأكبر في هذه الانتخابات الأخيرة هما «جبهة التحرير الوطني» و»التجمع الوطني الديموقراطي»، الذين انفردا بالفوز الكاسح، ويضيف مقري «هما مُطالَبَان اليوم بتحمل تبعات هذا التزوير وتسيير الوضع المتأزم في البلاد». وكان الأمين العام لجبهة التحرير، عبدالعزيز بلخادم، ألمح إلى احتمال توجيه الدعوة إلى «مجتمع السلم» للمشاركة في الحكومة المقبلة نظرا للثقل الملقى على من يقودها، وتردد بلخادم في المطالبة برئاسة الوزارة، وهو ما فُهِمَ على أنه تهرب من جانب الحزب العتيد من تبعات إدارة شؤون البلاد المتسمة بالتأزم واتساع قاعدة الاحتجاجات العمالية. في المقابل، فإن تياراً ثانياً داخل «مجتمع السلم» يرفض تعليق الهزيمة التي مني بها التكتل الأخضر على مشجب التزوير، ويرى أن تلك النتيجة تعكس إلى حد ما وزن هذه الأحزاب الثلاثة التي قدمت قوائم موحدة في إطار «تكتل الجزائر الخضراء»، وهي «مجتمع السلم» و»النهضة» و»الإصلاح الوطني»، ويفضل هؤلاء أن يبحث المجلس الشوري إجابة عن سؤال جوهري من يتحمل مسؤولية هذه الخسارة غير المتوقعة. ويعتقد هذا التيار أن المجلس الشوري لا يملك صلاحية مناقشة خيار المشاركة من عدمها في الحكومة المقبلة، لأن المؤتمر العام للحركة تبنى هذا الخيار منذ مطلع التسعينيات. وكان حزب حركة مجتمع السلم تعرض لهجومٍ من رئيس الوزراء أحمد أويحيى مطلع العام الجاري حينما أعلن فك ارتباطه بحزبي التحالف الرئاسي، «التجمع الوطني» و»جبهة التحرير»، مع بقائه ووزرائه في الحكومة.ولا يتوقع الكثير من العارفين بشأن «مجتمع السلم» أن تتطرف الحركة إلى حد الارتماء في أحضان المعارضة بوتيرة متسارعة، وعليه قد لا تُحدِثَ الحركة أي مفاجأة خلال مجلسها الشوري ولكن مع إجراء بعض التعديلات على خطابها.