فوز أحد المرشحين المحافظين في الرئاسة الإيرانية علي أكبر ولايتي مستشار المرشد للشؤون الدولية أو رئيس بلدية طهران محمد باقر قاليباف أو سعيد جليلي سكرتير المجلس الأعلى للأمن القومي لن يغير شيئاً في إدارة الأمور في إيران طالما هي في يد فريق الحرس الثوري والمرشد الأعلى علي خامنئي. إيران عازمة على الاستمرار في تطوير سلاحها النووي مهما كان الأمر. وضعف الغرب وخصوصاً تعاطي الرئيس باراك أوباما بالقضية السورية وقضايا الشرق الأوسط عموماً سيكون حافزاً إضافياً للرئيس الإيراني الجديد أياً كان ليستمر في تطويره السلاح النووي وفي دعمه للنظام السوري مع إعطاء التعليمات لحليفه اللبناني «حزب الله» في تحويل مقاومته المزعومة ضد إسرائيل إلى مقاومة الشعبين السوري واللبناني. ومقتل المواطن اللبناني هاشم السلمان أمام السفارة الإيرانية هو بمثابة 7 أيار ثان يريد منه «حزب الله» الحليف اللبناني لإيران الاستمرار في التخويف والتهديد والتأكيد بأنه القوة الأقوى المهيمنة في لبنان. إيران تطور السلاح النووي وفريق حرسها الثوري بقيادة قاسم سليماني يقود مساندة النظام في سورية كما ينظم دفع «حزب الله» إلى القتال في سورية لحساب بشار الأسد. والغرب عاجز عن ردع كل ذلك. فالرئيس الأميركي تارة يقول إن بشار الأسد سيسقط وتارة أنه ينبغي على أوروبا أن تضعه على لائحة الإرهاب وتارة يمد اليد إلى النظام الإيراني. ولكن ليس هناك أي تغيير في السياسة الإيرانية التي خلال المحادثات حول الملف النووي مع الأعضاء الخمسة الدائمي العضوية في مجلس الأمن وألمانيا حولتها إلى مهزلة وطريق مسدود عجزت الدول الست عن الحصول على أي تنازل وذلك منذ سنوات. واليوم والانتخابات الإيرانية ستغير هوية الرئيس الجديد فالتكهنات عديدة في عدد من الصحف الغربية أن أوباما قد يعزم على فتح الحوار مع إيران إما مباشرة أو أنه سيستعين برئيس حكومة العراق نوري المالكي الذي فور انسحاب الولاياتالمتحدة من العراق استبدلها بالمظلة الإيرانية. سيكون التفاوض من موقع أميركي ضعيف. فأوباما انسحب من العراق مسلماً إياه لإيران. وأحداث سورية تظهر أنه سلم أمورها إلى روسيا لأنه غير مهتم بها فهو يكتفي بالتنديد بسقوط الضحايا وبوضع خطوط حمر فارغة من المعنى. فهو غير معني لا بسقوط المدن السورية والضحايا ولا بسقوط القصير التي لم يعرف مبعوثه إلى لبنان فيل غوردون حتى أين هي عندما تحدث مع من التقاهم في لبنان. النظام الإيراني يدرك ضعف أوباما والغرب وذلك من خلال محادثاته حول الملف النووي ومن خلال الانسحابات الأميركية من العراق والوضع في سورية. والنظام الإيراني إذا كان برئاسة ولايتي أو باقر قاليباف أو جليلي يجيد المماطلة والمناورة والابتزاز في أي مفاوضات. حتى أن وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس تخوف من ذلك قائلاً: «إذا شاركت إيران في جنيف 2 ستبتزنا بتنازل في القضية السورية لمصلحة تركها تطور السلاح النووي». فالعقوبات الدولية على إيران مؤثرة بشكل كبير خصوصاً على مبيعات النفط الإيراني. وصحيح أنها تؤدي إلى أزمة اقتصادية متفاقمة على الشعب الإيراني. ولكن على رغم ذلك فالنظام الإيراني حريص على تمويل النظام السوري و «حزب الله» وبعض الحلفاء في لبنان لأنها أولوية نظام الجمهورية الإسلامية الإيرانية وتتقدم على مصلحة الشعب الإيراني الذي يعاني من تضخم وبطالة وأزمة معيشية. فالتوقع أن الانتخابات في إيران قد تغير مسار سياسة البلد وعلاقاته مع الغرب سذاجة. لأن أي مفاوضة بين إيران خامنئي وأوباما ستكون من موقع غير متساو بين رئيس نظام إيراني قمعي واستبدادي ورئيس أميركي حريص على إبقاء الولاياتالمتحدة خارج أي صراعات عسكرية مع مواقف سياسية مبهمة من القضايا العالمية.