تتطلب النظرة المتوازنة لقطاع الطاقة في دول المنطقة الانطلاق من حقيقة أن هذه الدول تمتلك نحو 57 في المئة من الاحتياطات النفطية وما يقارب 40 في المئة من موارد الغاز الطبيعي على مستوى العالم. ولذلك لا بد من تأمين الشروط والظروف اللازمة لاستغلال هذه الموارد وضمان مساهمتها في متطلبات التنمية من جهة، وفي تلبية الطلب المحلي والعالمي المتصاعد على النفط والغاز والكهرباء والماء من جهة أخرى. واعتبر التقرير الأسبوعي لشركة «نفط الهلال» «أن لا بد لدول المنطقة من الاستمرار في التخطيط والإنفاق وإشراك كافة القطاعات الفاعلة والدخول في شراكات وتحالفات واندماجات داخلية وخارجية مدروسة تسهم في تحقيق التوازن المطلوب بين القطاعات الإنتاجية ومع الأخذ بعين الاعتبار خطط التنمية المستدامة». وأورد «أن متطلبات التوازن تستدعي إشراك أطراف فاعلة في مجالات الاستثمار والإنتاج في مختلف ميادين الطاقة وفقاً لمسارات الطلب المتنامية، ويأتي القطاع الخاص في مقدم هذه الأطراف، إذ يفترض أن يشارك في استغلال الفرص الاستثمارية بما يضمن استمرار الاستثمار وتوزيع أفضل للفرص الاستثمارية المتاحة وتشغيل رؤوس الأموال المحلية». وحضّت «الهلال» على مواصلة جهود تحسين مناخ الاستثمار لتمكين القطاع الخاص من الاستثمار، بما يساعد على تحسين إدارة وكفاءة الإنتاج والتسويق والصيانة، إضافة إلى الاستعانة بقدرات وخبرات هذا القطاع في إعداد الدراسات والأبحاث اللازمة للقطاع الحكومي لزيادة كفاءة استغلال مصادر دخل الثروات، ذلك أن الشراكة التي يتطلبها الاستثمار في قطاع الطاقة تتجاوز تقديم الخدمات المساندة كما هو سائد حالياً، إلى الدخول في مجالات الإنتاج. وأشار التقرير إلى أن تلبية الطلب الكبير والمتزايد على المياه والكهرباء في دول المنطقة يتطلب تنفيذ عدد من المشاريع خلال السنوات الخمس المقبلة، وتقدر كلفتها الاستثمارية بأكثر من 50 بليون دولار. وتوقع أن يكون للقطاع الخاص حصة كبيرة من هذه الاستثمارات «نتيجة لرغبته في الدخول في استثمارات حقيقية وذات جدوى مؤكدة، ونتيجة لرغبة مقابلة من الدول في تنويع إدارة مكونات المنظومة المالية والاقتصادية وقطاعاتها الإستراتيجية لتضمن بذلك التقليل من تأثيرات الأزمات المالية والاقتصادية». واعتبر التقرير أن هذه الشراكة تساهم في تقليل الحاجة إلى التدخل الحكومي سواء في توجيه استثمارات القطاع الخاص أو في تحمل تبعات خسائره الناجمة عن الأزمات المالية والاقتصادية. ولفت إلى «أن مشاريع الطاقة الكهربائية والطاقات المتجددة والمياه، تفتح خيارات متعددة أمام القطاع الخاص للاستثمار في فرص مجدية تضمن استرداد التكاليف وتحقيق أرباح معقولة ضمن النطاقات الزمنية المفضلة، مع استمرار تمتعها بملاءة ائتمانية مرتفعة طالما تركزت نشاطاتها في قطاعات إنتاجية حقيقية وإستراتيجية. ويعتبر نجاح القطاع الخاص في هذه التجربة فرصة كبيرة لضمان استحواذه على حصة اكبر من الفرص التي يوفرها قطاع الطاقة إضافة إلى ضمان دخول استثمارات جديدة وبشكل متواصل تساهم في تحقيق أهداف التنمية وأهداف المستثمرين في الوقت ذاته». واستعرض التقرير أبرز الأحداث في قطاع النفط والغاز خلال الأسبوع الماضي في دول المنطقة. ففي السعودية يتوقع أن تبلغ الاستثمارات المطلوبة في قطاع الكهرباء نحو 300 بليون ريال (80.2 بليون دولار) خلال العشر سنوات المقبلة. وتحتاج المملكة إلى زيادة كبيرة في الطاقة الإنتاجية خلال السنوات ال 20 المقبلة لتلبية الطلب الذي ينمو بمعدل ثمانية في المئة سنوياً. وفي مصر تعتزم وزارة الكهرباء والطاقة طرح مناقصة لإنشاء مشروع الربط الكهربائي المصري - السعودي منتصف الشهر المقبل، ومن المخطط أن يتم تقديم العروض الفنية والمالية للمناقصة بعد ثلاثة أشهر من تاريخ الطرح. وفي الإمارات، فازت شركة «سيمنز للطاقة» بعقد متابعة بناء محطة كهرباء «الشويهات أس 3»، والتي تصل طاقتها الإنتاجية إلى 1600 ميغاوات، بالتعاون مع «دايو للهندسة والإنشاء» الكورية الجنوبية. وكانت «هيئة مياه وكهرباء أبو ظبي»، قد منحت عقداً بقيمة خمسة بلايين درهم (1.36 بليون دولار) في تشرين الأول (أكتوبر) لبناء المحطة وتشغيلها لفريقٍ من «سوميتومو كوربوريشن» و»كوريا إلكتريك باور» (كابكو). ويتوقع انجاز المحطة عام 2014. أما في العراق، فتعاقدت وزارة الكهرباء مع ثلاث شركات أجنبية لإنشاء 50 محطة لتوليد الكهرباء للطوارئ تعمل بوقود الديزل للمساعدة في تخفيف النقص الحاد في إمدادات الطاقة، بانتظار استكمال مشروعات الكهرباء الطويلة الأجل. وستشارك «كاتربلر» الأميركية و»مان ديزل» الألمانية وشركة كورية بعقد بقيمة 6.25 بليون دولار لإنشاء هذه المحطات. ووقعت الوزارة عقداً مع شركة «شارلك» التركية بقيمة 338 مليون دولار لإنشاء محطة كهربائية غازية بطاقة 750 ميغاوات في مدينة الموصل، وعلى أن يبدأ الإنتاج بعد 16 شهراً. في قطر نصت إستراتيجية التنمية الوطنية على استثمار أكثر من 218 بليون ريال (60 بليون دولار) خلال السنوات الخمس المقبلة، وذلك عبر الشركات شبه الحكومية، إضافة إلى 65 بليون دولار على مشاريع للبنية التحتية. وتقدر خطط الاستثمار للشركات القطرية عدا قطر للبترول ووحداتها التابعة، بنحو 130 بليون ريال.