أعد الاتحاد الأوروبي وثيقة «الخطوط الحمراء» المحظور على إسرائيل تجاوزها في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 من خلال خطوات تقوم بها وتشكل تهديداً حقيقياً لاحتمال تطبيق حل الدولتين للشعبين. وأفادت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية أمس أن الاتحاد الأوروبي سيشرع في «بحث مستفيض» و «حوار بناء» مع الحكومة الإسرائيلية بهدف التوصل إلى تفاهمات رسمية تقضي بامتناع إسرائيل عن القيام بخطوات في الضفة الغربية يعتبرها الاتحاد بمثابة تجاوز لخطوط حمراء وتهدد احتمال تطبيق حال الدولتين. وأشارت الصحيفة إلى تحرك الاتحاد الأوروبي في الأسابيع الأخيرة مع إعلان إسرائيل مخططين استيطانيين في القدسالمحتلة. وقالت إن وزراء الاتحاد ال28 بحثوا احتمالات فرض عقوبات على إسرائيل لكنهم قرروا في ختام اجتماعهم الأسبوع الماضي نقل رسالة شديدة اللهجة إلى تل أبيب باسم كل دول الاتحاد، ينقلها سفير الاتحاد في تل أبيب لارس فابورغ أندرسون إلى وكيل وزارة الخارجية ومستشار الأمن القومي في مكتب رئيس الحكومة، تحذر من ممارسات إسرائيلية في الضفة الغربية تعرقل تطبيق حل الدولتين، وتوضح المسائل التي تقلق الاتحاد. وتقول الرسالة إن الاتحاد الأوروبي ما زال يضع «الحفاظ على حل الدولتين» في رأس أولوياته، لقناعته بأن الطريق الوحيد لحل النزاع سيكون «من خلال اتفاق ينهي الاحتلال الذي بدأ عام 1967 ويكون نهاية المطالب المتبادلة ويلبي طموح الجانبين، فيما واقعٌ من دولة واحدة لن يحقق هذا الطموح». وتحدد الوثيقة بعض «الخطوط الحمراء» المحظور على إسرائيل تجاوزها، وفي مقدمها تحذيرها من تنفيذ مخطط البناء الاستيطاني في «تلة همطوس» في القدسالشرقية لأن من شأنه منع التواصل الجغرافي ويحول دون أن تكون القدس عاصمة للدولتين. وجاء في الوثيقة أن تنفيذ المشروع «سيكون فرض أمر واقع على الأرض يفرض مسبقاً نتائج المفاوضات». كما يطالب الاتحاد إسرائيل بعدم البناء في المنطقة المعروفة ب «إي.1»، في الطريق بين القدس وبيت لحم، وهو المشروع الذي سبق للاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة أن أعلنا معارضتهما الشديدة له بداعي أن تنفيذه يحول تماماً دون التواصل الجغرافي بين أجزاء الدولة الفلسطينية العتيدة. ويتناول التحذير الثالث البناء في «جبل أبو غنيم» جنوب شرقي القدس حيث أقيمت قبل 20 عاماً مستوطنة «هار حوماه». ويطالب الاتحاد إسرائيل أيضاً بعدم تنفيذ مشروع اقتلاع 12 ألف بدوي من موقعهم الحالي في الضفة الغربية لتجميعهم في بلدة جديدة في غور الأردن المحتل. وطلب الاتحاد من الحكومة الإسرائيلية إجراء الحوار مع البدو المنتشرين في أطراف الضفة الغربية لا تهجيرهم قسراً، معتبراً تطبيق المخطط الإسرائيلي خرقاً سافراً للقانون الإنساني الدولي ومعاهدة جنيف الرابعة. وتتطرق المسألة الخامسة التي تتناولها الوثيقة إلى الوضع في المسجد الأقصى المبارك، إذ يطالب الاتحاد الحكومة الإسرائيلية بعدم إجراء أي تعديل على «الوضع القائم»، مشيراً إلى أن محاولات إجراء تغييرات خلقت توتراً في القدسالمحتلة. وأشارت الصحيفة إلى أن المداولات التي أجراها وزراء الخارجية في دول الاتحاد في بروكسيل لم تحدد عقوبات قد يفرضها الاتحاد على إسرائيل في حال لم تتجاوب مع مطالبه، مضيفة أن بعض الدول، وعلى رأسها فرنسا، طلب وضع قائمة بعقوبات واضحة يتم إبلاغ إسرائيل بها في حال واصلت مشاريعها الاستيطانية لكن لم يتم حسم الموضوع. ونقلت الصحيفة عن موظف كبير في وزارة الخارجية الإسرائيلية قوله إن إسرائيل تلاحظ منذ فترة أن الاتحاد الأوروبي يستعد لتصعيد نبرته ضدها، وأن الرسالة التي سينقلها سفير الاتحاد في تل أبيب ستكون بمثابة «طلقة البداية» لتطبيق عقوبات أوروبية جديدة على المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية، مضيفاً أن «الاتحاد يتوقع أن نرفض طلبه إجراء مداولات حول الوثيقة ليشرع في تنفيذ عقوبات أعدها سلفاً». وكان الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون (أ ف ب) حض إسرائيل والفلسطينيين الثلثاء على الامتناع عن القيام بأعمال أحادية الجانب تؤجج التوتر، ودعا الطرفين الى تقديم «تنازلات صعبة» لإنهاء النزاع. وتحدث بان كي مون أمام مجلس الأمن بعد عودته من زيارة إلى الشرق الأوسط عاين خلالها حجم الدمار في قطاع غزة إثر خمسين يوماً من الحرب التي شنتها إسرائيل على القطاع. وقال الأمين العام: «على قادة الطرفين تجاوز خلافاتهم والامتناع عن المبادرات الأحادية الجانب التي تستخدم فقط لتأجيج انعدام الثقة». وتأتي هذه الدعوة بعد سيطرة مستوطنين على مبنى في حي سلوان في القدسالشرقيةالمحتلة، وفيما يسعى الفلسطينيون لاستصدار قرار في الأممالمتحدة ينهي الاحتلال الإسرائيلي في 2016. ووصف بان كي مون حل «الدولتين» بأنه «الخيار الوحيد الذي يمكن أن يستمر»، قائلاً: «آن الأوان للتحلي بالشجاعة والرؤية للقيام بالتنازلات الصعبة المطلوبة الآن». ودعا الأمين العام إسرائيل إلى وقف أنشطة الاستيطان، مشدداً على أنها «غير شرعية» وعبّر عن قلقه إزاء الصدامات التي تتسبب بها زيارات يهود إلى أماكن مقدسة في القدس. وقال: «القانون الدولي واضح: أنشطة الاستيطان غير مشروعة. إنها تتعارض تماماً مع مساعي الوصول الى حل الدولتين». من جهة أخرى، أكد الأمين العام للأمم المتحدة أنه سيمضي قدماً في إجراء تحقيق في الهجمات التي شنها الجيش الإسرائيلي على منشآت للأمم المتحدة أثناء الحرب الأخيرة واستخدام مواقع المنظمة الدولية لتخزين أسلحة.