تواصلت ردود الفعل المنددة بإعلان إسرائيل المزيد من مشاريعها الاستيطانية في الضفة الغربية. وفيما هددت السلطة الفلسطينية ب «محاسبة» تل أبيب، اعتبر الأردن والاتحاد الأوروبي إصرار إسرائيل على مواصلة الاستيطان «رسالة عدوانية» تجاه عملية السلام. ودعت الأممالمتحدة إسرائيل إلى العدول عن مخططاتها الاستيطانية. في خطوة نادرة أدلى كل أعضاء مجلس الأمن، باستثناء الولاياتالمتحدة، ببيانات تعارض خطط إسرائيل توسيع مستوطنات يهودية حول القدسالشرقيةالمحتلة، بعدما أعاقت واشنطن مراراً محاولات لاتخاذ موقف أكثر صرامة من هذا الأمر. وقال الناطق باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة الخميس أنه «على المستوطنين وحكومة إسرائيل أن يعلموا أنهم سيحاسبون على جرائم» الاستيطان متوعداً بأن «كل هذه المشاريع الاستيطانية الهستيرية لن يبقى منها حجر واحد في الضفة الغربيةوالقدسالشرقية عاصمة دولة فلسطين. ولذلك على حكومة إسرائيل التراجع فوراً عن هذه المشاريع الاستيطانية». وأضاف أبو ردينة «على المستوطنين وحكومة إسرائيل أن يعلموا تماماً أن حدود دولة فلسطين تم تحديدها على كافة الأراضي الفلسطينيةالمحتلة منذ 1967 بما فيها القدسالشرقية». وأكد أن «كل ما في داخل أراضي دولة فلسطين من مستوطنات غير شرعي وغير قانوني». من جهته، قال كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات «لم يعد أمامنا مجال إلا دراسة الخيارات المتعلقة بمحاسبة ومساءلة إسرائيل وفق القانون الدولي، وقد بدأت هذه الدراسة». وأضاف: «بدأنا الدراسة القانونية لذلك على ضوء الهجوم الاستيطاني على أراضي دولة فلسطين في تجمعات اي1 وجفعات حاميتوس وراموت شالوم (الاستيطانية) وغيرها والهادفة كي لا تكون القدسالشرقية (...) عاصمة دولة فلسطين». وأكد أن «مشاوراتنا بدأت في مجلس الأمن من خلال سفيرنا في الأممالمتحدة رياض منصور»، مشدداً على ضرورة «محاسبة ومساءلة إسرائيل على استيطانها في أراضي دولة فلسطين التي ينطبق عليها الآن ميثاق اتفاقية جنيف الرابعة وبخاصة المادة 49». وتنص المادة 49 من اتفاقية جنيف الرابعة على حظر النقل الجبري الجماعي أو الفردي للأشخاص المحميين أو نفيهم من الأراضي المحتلة إلى أراضي دولة الاحتلال أو إلى أراضي أي دولة أخرى، محتلة أو غير محتلة، أياً كانت دواعيه. كما تقضي بأنه لا يجوز لدولة الاحتلال أن ترحل أو تنقل جزءاً من سكانها المدنيين إلى الأراضي التي تحتلها. إلى ذلك، اعتبر وزير الدولة الأردني لشؤون الإعلام سميح المعايطة أن «القرار الإسرائيلي ببناء مزيد من المستوطنات في الأراضي الفلسطينيةالمحتلة اعتداء على الحقوق الأساسية الثابتة للشعب الفلسطيني ورسالة عدوانية تجاه عملية السلام والمجتمع الدولي الذي يرى في الاستيطان عملاً غير شرعي وغير قانوني». وأضاف أن «إصرار إسرائيل على الاستمرار في التوسع الاستيطاني تعبير عن منهجية إسرائيلية في قتل فكرة الدولة الفلسطينية المستقلة وصناعة واقع على الأرض يكرس الاحتلال». إلى ذلك، ندد المتحدث باسم الخارجية الفرنسية فيليب لاليو ب «الإطلاق غير المسبوق لمشاريع الاستيطان» واعتبره «استفزازاً يزيد من تقويض الثقة الضرورية لاستئناف المفاوضات ويدفعنا إلى التساؤل حيال التزام إسرائيل بحل الدولتين». ووصف القرارات الإسرائيلية بأنها «غير شرعية». وانتقد ممثل اللجنة الرباعية الدولية طوني بلير تسريع الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية واعتبر انه «يضعف التوصل إلى حل سلمي يقود إلى دولة فلسطينية قابلة للحياة تعيش جنباً إلى جنب بأمن وسلام مع دولة إسرائيل». إلى ذلك، أعلنت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي كاثرين اشتون أن الاتحاد «يعارض بشدة» مشاريع إسرائيل الأخيرة «المثيرة للقلق الشديد» لبناء وحدات استيطانية جديدة معتبراً أن ذلك سيقوض عملية السلام بشكل إضافي. ولفتت إلى أن خطط إسرائيل الاستيطانية الجديدة ستؤدي عملياً إلى عزل بيت لحم عن القدسالمحتلة. وأضافت اشتون «أعارض بشدة هذا التوسيع الاستيطاني حول القدس الذي لا سابق له». وتابعت أن «الاتحاد الأوروبي يعارض بشكل خاص فرض خطط تقوض بشكل خطير آفاق حل متفاوض عليه للنزاع عبر تهديد فرص إقامة دولة فلسطينية قابلة للاستمرار وإعلان القدس عاصمة مستقبلية لدولتين». ونددت الأممالمتحدة ومجلس الأمن في وقت سابق بالمشاريع الاستيطانية الإسرائيلية. إلا أن الولاياتالمتحدة، حليفة إسرائيل المقربة، لم تنضم إلى حملة الإدانات الدولية لإسرائيل وإنما نددت بعمل «استفزازي» خلال المشاورات المغلقة في مجلس الأمن. ففي خطوة نادرة أدلى كل أعضاء مجلس الأمن، باستثناء الولاياتالمتحدة، ببيانات تعارض خطط إسرائيل لتوسيع مستوطنات يهودية حول القدسالمحتلة بعدما أعاقت واشنطن مراراً محاولات لاتخاذ موقف أكثر صرامة من هذا الأمر. ونشرت الدول الأوروبية الأربع الأعضاء في مجلس الأمن الدولي (فرنسا وبريطانيا والبرتغال وألمانيا) الأربعاء إعلاناً مشتركاً تبدي فيه «معارضتها الشديدة للمشاريع الإسرائيلية لزيادة» البناء في المستوطنات. وقال الإعلان الذي تلاه السفير البريطاني مارك ليال غرانت إن مشروع بناء وحدات استيطانية جديدة في الضفة الغربية وخصوصاً في المنطقة المعروفة ب»اي 1» «يهدد بفصل القدسالشرقية عن بقية الضفة الغربية وقد يؤدي أيضاً إلى نزوح قسري للسكان المدنيين». وأضاف الإعلان أن المشاريع الإسرائيلية «لتسريع بناء المستوطنات توجه رسالة سلبية وتدعو إلى الشك في رغبة (إسرائيل) في التفاوض». وأضافت الدول الأربع أن المستوطنات «غير شرعية في نظر القوانين الدولية وتضر بالجهود الدولية لتحريك مفاوضات السلام وضمان حل الدولتين». وخلص الإعلان الذي طلب من الحكومة الإسرائيلية «العدول عن مشاريعها»، إلى القول إن «أي نشاط استيطاني بما في ذلك في القدسالشرقية يجب أن يتوقف فوراً». وباسم دول المجلس الأعضاء في حركة عدم الانحياز (أذربيجان وكولومبيا والهند وغواتيمالا والمغرب وباكستان وجنوب أفريقيا)، ندد السفير الهندي هارديب سينغ بوري بالمستوطنات واعتبرها «أبرز عقبة في وجه السلام»، وطالب بأن «يتوقف كل نشاط استيطاني فوراً». وندد مندوبا روسيا والصين ببيانين منفصلين بالخطط الاستيطانية الإسرائيلية. وتم تقديم كل البيانات الأربعاء في مقر الأممالمتحدة خارج جلسات مجلس الأمن بعد إفادة مقتضبة للمجلس بشأن الوضع في الشرق الأوسط. وعلى رغم إدانة الولاياتالمتحدة أيضاً لخطط إسرائيل فإنها لم تدل ببيان في الأممالمتحدة. وأعاقت الولاياتالمتحدة، وهي حامية إسرائيل التقليدية في مجلس الأمن، قراراً في شباط (فبراير) العام الماضي كان يدين المستوطنات الإسرائيلية. وقال جيفري فيلتمان نائب الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية لمجلس الأمن إن البناء الاستيطاني الإسرائيلي في الضفة الغربية بما في ذلك القدسالشرقيةالمحتلة يخرق القانون الدولي. وأضاف: «إذا نفذت هذه الخطط فإنها ستمثل ضربة قاصمة للفرص المتبقية لتأمين حل الدولتين. ونحض الحكومة الإسرائيلية بقوة على الامتثال للدعوات الدولية واسعة النطاق للتخلي عن هذه الخطط». وطالب فيلتمان الحكومة الإسرائيلية أيضاً ب «البدء من دون تأخير بتحويل» عائدات الرسوم والضرائب التي تجبيها لصالح السلطة الفلسطينية التي توقفت إسرائيل عن تحويلها إلى السلطة رداً على لجوء الأخيرة إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة وحصولها منها على وضع دولة مراقب. ودعا فيلتمان الدول العربية إلى أن تحترم من جانبها وعودها لجهة تقديم «مساعدة مالية سخية» للفلسطينيين وبشكل عاجل من أجل تعويض الأموال التي احتجزتها إسرائيل. وكان الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون أعرب الأربعاء عن «قلقه الشديد حيال تكثيف» الاستيطان الإسرائيلي في الضفة الغربية، و «خصوصاً حول القدس». وطلب من الدولة العبرية «عدم مواصلة هذا الطريق الخطير الذي يضر بآفاق الحوار» بين الفلسطينيين والإسرائيليين.