انتخب البرلمان الباكستاني بغالبية 244 من 342 صوتاً، نواز شريف رئيساً للوزراء، بعدما كسب حزبه «الرابطة الإسلامية غالبية مقاعد البرلمان في الانتخابات التي أجريت في 11 أيار (مايو) الماضي. وحل مرشح «حزب الشعب» مخدوم فهيم أمين ثانياً ب 42 صوتاً ومرشح «حزب الإنصاف» بزعامة لاعب الكريكيت السابق عمران خان، مخدوم جاويد هاشمي، ثالثاً ب 31 صوتاً. وبات شريف (63 سنة) أول سياسي يتولى هذا المنصب للمرة الثالثة في تاريخ باكستان. وكانت الأولى بين عامي 1990 و1993 والثانية من عام 1997 إلى 1999، حين أطاحه انقلاب قاده الجنرال برويز مشرف. ودعا شريف الذي أمضى سنوات طويلة في المنفى، في خطابه الأول أمام البرلمان، إلى وضع حد لغارات الطائرات الأميركية بلا طيار في باكستان، وقال: «نحترم سيادة الآخرين ويجب أن يحترموا سيادتنا واستقلالنا أيضاً. يجب أن تنتهي هذه الحملة» التي تستهدف، وفق الأميركيين، مقاتلين إسلاميين وحلفائهم في تنظيم «القاعدة» في مناطق القبائل (شمال غرب)، لكنها تتسبب في مقتل مدنيين كثيرين، ما يجعلها احد أسباب التوتر الرئيسية في العلاقات بين إسلام آباد وواشنطن التي تريد مواصلة برنامج الغارات حتى 2020. وكان شريف دان الجمعة الماضي غارة نفذتها طائرة أميركية بلا طيار لقتل الرجال الثاني في حركة «طالبان باكستان» ولي رحمن محسود. ودفعت الحركة إلى سحب عرض إجراء محادثات سلام مع الحكومة. ووعدت «طالبان باكستان» بالثأر لمقتل ولي الرحمن والذي حمّلت إسلام آباد مسؤوليته. وتعتبر باكستان منذ عشر سنوات حليفة أساسية للولايات المتحدة في «حربها على الإرهاب» في المنطقة، خصوصاً في أفغانستان المجاورة. لكن واشنطن تتهم باستمرار إسلام آباد بازدواجية الموقف مع إسلاميي «طالبان»، بينما تدين باكستان عنف الاستراتيجية الأميركية وأحاديتها وعدم نجاحها. كذلك تعهد شريف العمل لمكافحة الفساد، وقال: «سنجري محاسبة سريعة، ومحاباة الأقارب والأصدقاء غير مقبولة». كما اعلن أن إجراءات ستتخذ لمكافحة البطالة ومعالجة مشاكل الطاقة، وحماية الأقليات وإنهاء أعمال العنف في مدينة كراتشي (جنوب). ولم يخفِ شريف أن حل أزمة الاقتصاد «ستكون عملية مؤلمة، وقال: «يجب أن تعرف الناس أن اقتصادنا في حال سيئة جداً، وأكثر مما يتصور، في ظل تجاوز ديوننا عشرات بلايين الدولارات». ولاحقاً، أدى شريف قسم اليمين أمام الرئيس آصف علي زرداري، زعيم «حزب الشعب»، الذي خسر الانتخابات الأخيرة بتأثير المشاكل المتراكمة وانعدام الاستقرار. ويدعم شريف تولي أحزاب أخرى تشكيل حكومات في الأقاليم باعتبار أنها انتخبت من الشعب، «لذا يجب أن يتعاون الجميع معها من أجل إعادة بناء باكستان واقتصادها المتدهور، وهو ما لا يستطيع حزب واحد تنفيذه، فيما قد يؤدي إضعاف الحكم الفيديرالي إلى تنامي الإرهاب والعنف الطائفي. وأشاد شريف بإعطاء الحكومة السابقة حق إدارة ميناء غوادور الاستراتيجي المطل على بحر العرب إلى شركات حكومية صينية «لأنه سيدفع بكين إلى تبني تشييد خط للسكة الحديد وطريق بري يوصل البضائع الصينية إلى الميناء، ما يفيد باكستان. ويتوقع زيارة شريف السعودية والإمارات والصين في الشهر الأول لتوليه رئاسة الحكومة، من أجل طلب دعم مالي واقتصادي لبلده التي تواجه عجزاً خطراً في الموازنة العامة. كما سيتفاوض مع صندوق النقد الدولي على قرض تفاوضت الحكومة عليه سابقاً، لكن صندوق النقد الدولي أرجأ تسليم 5 بلايين دولار من بحجة عدم الوفاء بشرطها الخاص برفع الدعم عن سلع تجارية والضرائب وزيادة أسعار الكهرباء والوقود.