حين أطلّت الممثلة اللبنانية رولا حمادة في الحلقات الأولى من مسلسل «جذور» على «قناة أبو ظبي»، فوجئ محبوها بدورها «العادي» نسبة إلى ممثلة في مستواها، وتفاءلوا بأن يزداد تميّز الدور في الحلقات اللاحقة، وهذا ما حصل، حين أطلّت حمادة في شخصية ثانية في المسلسل حيث تؤدي دور المجنونة، وحين بدأت شخصية الأم تنكشف أكثر فأكثر. «يجب على المشاهدين أن يثقوا بخياراتي، فليس من الممكن أن ألعب دوراً لا يضيف إليّ شيئاً، وليس من الممكن أيضاً أن تسند إليّ الكاتبة كلوديا مرشليان دوراً لا يليق بقدراتي»، تقول رولا حمادة. وتشير إلى إعجاب الناس بمسلسل «جذور» عموماً، وبدوريها فيه، خصوصاً دور «دينا» بما أنّه «جديد ومختلف»، وتشدد على شكر مؤسسة «سيسوبيل» (تُعنى بذوي الحاجات الخاصّة) التي أمضت فيها وقتاً طويلاً كي تستطيع التحضير في شكلٍ أفضل لدور «دينا». عن تجربة المشاركة في عملٍ من إنتاج عربي ضخم نسبة إلى الأعمال اللبنانية تقول حمادة إنّها سعيدة جداً بهذه التجربة، حيث يركّز الممثل على أداء دوره، فلا يضيع تركيزه بعشرات التفاصيل الأخرى التي يفترض أن يهتمّ بها بنفسه حين يكون الإنتاج محدوداً. أهم ما في هذا المسلسل هو أنّ الإنتاج الكبير يظهر في الصورة، كما تقول حمادة، ففي بعض الأحيان يتكلف المنتجون مبالغ كبيرة من دون أن تُستثمر في شكلٍ صحيح في خدمة المشهد، فتُهدر الأموال من دون أن تغتني الصورة. هنا تلفت حمادة إلى الإخراج المتميّز الذي يقدّمه المخرج فيليب أسمر في هذا المسلسل، «فهناك نضوج أكبر في إخراجه وإبداع وتميّز ونظرة شبابية متجددة إلى الصورة وحركة الكاميرا». وتضيف: «أشكر المنتج مفيد الرفاعي الذي أمّن إنتاجاً يخوّلنا أن نطلّ به بثقةٍ على البلدان العربية، لأنّ ذلك يسمح للجمهور العربي بمشاهدة الطاقات التي يملكها الممثلون اللبنانيون». وتتابع أنّ الجمهور العربي لم يكن يعرف إلاّ بعض الأسماء القليلة من الممثلين اللبنانيين، أمّا اليوم فهو يشاهد عشرات يؤدّون أدواراً قوية في شكلٍ مميّز. «إنّها فرصة مهمة للدراما اللبنانية كي تخرق الحواجز وتنتشر في شكلٍ واسع في الوطن العربي، وهذا ما نطمح إليه منذ فترة طويلة». هل تعتقد رولا حمادة أنّ المعنيين في الدراما اللبنانية سيجيدون اقتناص الفرصة في شكلٍ صحيح أو سيتركونها تمرّ كما تركوا فرصاً أخرى في السابق؟ تجيب أنّها تشعر بأنّ الأمر سيكون مختلفاً هذه المرّة، وبأنّ مسلسل «جذور» قد مهّد الطريق جيّداً كي تستطيع الدراما اللبنانية أن تخرج إلى العالم العربي. وحين نسألها إن كان من الممكن مثلاً أن يأتي منتج عربي ويطلب كتابة مسلسل لا تكون فيه شخصيات مصرية أو سورية، بل فقط شخصيات لبنانية، تجيب حمادة أنّ «الأمر وارد. هذه النظرة التفاؤلية تجاه الدراما اللبنانية لم تكن موجودة طوال الأعوام السابقة عند الممثلة رولا حمادة، فنحن نعلم أنّها كانت ترى أنّ المسلسلات اللبنانية يمكن أن تنجح، في أحسن الأحوال، على الصعيد المحلّي لا أكثر، فهل يمكن القول إنّ مسلسل «جذور» أعطاها هذا الأمل الكبير؟ تجيب أنّ هذا المسلسل أُمِّن له كل ما يلزم من معدّات وتقنيات وطاقات بشرية ومواقع تصوير في أكثر من بلد، لذلك فإنّ نجاحه لا بد من أن ينعكس إيجاباً وتفاؤلاً على الممثلين اللبنانيين. «لنكن واقعيين، إذا نجح هذا المسلسل في فتح الأبواب بجدّية أمام الدراما اللبنانية كي تصبح مطلوبة في العالم العربي، فلن يستطيع أي منتج لبناني تقديم أي مسلسل بمستوى أقل من «جذور»، وهذا كفيل بأن يرفع مستوى الإنتاج اللبناني وبأن يزيد ثقة المنتج بأنّه لن يخسر». نسأل: ألم يصل المنتج اللبناني إلى يقين بأنه كلما سخا على أعماله أكثر زادت فرصه بالانتشار وبالربح أكثر؟ ولماذا لا يثق بأنه إذا رفع سقف الإنتاج، فإنّ عمله سيُباع إلى أكثر من محطة عربية حتى قبل الانتهاء من تصويره، تماماً كما حصل مع «جذور» و «روبي» من قبله؟ تسكت حمادة وتحتار في الإجابة قبل أن تقول ببساطة: «صراحة لا أعرف الجواب، ربما تكون للمنتجين حسابات أخرى أجهلها». رولا حمادة التي عُرفت في شكلٍ واسع في الأدوار التراجيدية من خلال مسلسلَي «العاصفة تهب مرّتين» و«نساء في العاصفة» وغيرهما، انتقلت إلى أدوار كوميدية أظهرت من خلالها قدرتها على لعب مختلف الشخصيات، وها هي تعود اليوم إلى الأدوار التراجيدية، فإلى أي درجة تتعمّد هذا القفز بين الأنواع الدرامية للمحافظة على التجدد في الأداء؟ تجيب: «الأدوار التي ألعبها أختارها على أساس متعتي الشخصية أولاً، فأنا أحبّ قبل كل شيء أن أكتشف عوالم جديدة في داخلي وأن أهرب من الأدوار المكررة، والحمد لله نجحت حتى اليوم في اختيار شخصيات تناسبني».