خلال زيارة وزير الخارجية الأميركي جون كيري لروسيا، اتفقت موسكووواشنطن على عقد مؤتمر دولي حول سورية. والجديد في الأمر هو إعلان وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، ونظيره الأميركي التنسيق من أجل إقناع المعارضة والسلطة في دمشق بالمشاركة في هذا المؤتمر. وترى موسكو أن الدول المؤثرة في المنطقة، خصوصاً إيران والسعودية وغيرهما، يجب أن تشارك في المؤتمر. المؤتمر المزمع عقده، «جنيف 2»، مماثل لنظيره الذي عقد العام الماضي. آنذاك، اتفق المشاركون على ضرورة الحوار السياسي بين الأطراف المتحاربة ولكن إلى اليوم لم يبصر النور هذا الحوار. فالغرب وحلفاؤه في الشرق الأوسط والمعارضة السورية، يصرون على أن رحيل الرئيس السوري بشار الأسد، شرط لأي تسوية سياسية. لكن موسكو تصر على إرساء الحل من دون ضغوط خارجية، وتسعى إلى الوقوف في وجه سياسة تغيير الأنظمة بالقوة الخارجية، مثلما حصل في يوغوسلافيا والعراق وليبيا. ويشير فتور حماسة بوتين لدى استقباله كيري في الكرملين في السابع من أيار (مايو)، إلى أن موقفي موسكووواشنطن في ما يخص سورية ما زالا متباعدين، ولا يبدو أن أياً من الطرفين مستعد لتقديم تنازلات. ورغم ذلك، لا تبدو الطريق مسدودة أمام المناورات الديبلوماسية. فرئيس الوزراء البريطاني ديفيد كامرون زار روسيا والولايات المتحدة، وقصد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو موسكو وبكين، وحمل رئيس الوزراء التركي الرحال إلى واشنطن. والاتصالات لم تنقطع بين وزيري الخارجية الأميركي والروسي. مع ذلك، يبدو أن المسألة السورية تدور على مصير الأسد. وأعلن وزير الإعلام السوري، عمران الزعبي، أن السلطة لن تشارك في مؤتمر دولي لتسوية الأزمة مع المعارضة، إذا نوقش فيه بقاء الأسد في السلطة، أو تعديل الدستور. وأعلن كيري أن بلاده ترغب في مشاركة الرئيس السوري في «جنيف 2»، ولوّح بمضاعفة المساعدات إلى المعارضة إذا لم يشارك... وبرفع حظر الاتحاد الأوروبي لشحنات الأسلحة إلى سورية. وتضغط الأممالمتحدة على دمشق، فالجمعية العامة تبنّت في 16 أيار، قراراً بادرت إليه السعودية وقطر، يدين السلطة في دمشق، لكن مسار الأمور لا يصبّ في مصلحة الدول العربية. فعدد الدول التي دعمت قراراً مماثلاً في 2012، كان أعلى، إذ بلغ يومها 133، وانخفض اليوم إلى 107 دول. لا تقل أهمية هذا الضغط عن أهمية التهديد المباشر باستخدام القوة. ويُقال إن استخدام دمشق الأسلحة الكيماوية يسوِّغ التدخل العسكري الخارجي في الصراع. وقد لا تكون أميركا بحاجة إلى مثل هذه الذريعة، فذكرى الأسلحة البيولوجية العراقية لا تزال ماثلة. والتدخل سيف مسلط على الأسد، ولا شك في أنه- إذا لزم الأمر- سيُرفع (السيف) في سورية خارج «مظلة» مجلس الأمن. ولم يعد الأمر خافياً منذ شنّت إسرائيل هجمات جوية على الأراضي السورية. ولا تبخل تركيا بتهديد دمشق، فهي تُحمِّل أجهزة الأمن السورية مسؤولية التفجيرات في مدينة الريحانية، في 11 أيار المنصرم. والبديل في حال تعنت الأسد واضح، ولكن إذا كان الضغط عليه هو هدف مؤتمر جنيف، انتفى احتمال تسوية قريبة للأزمة السورية. * خبير في شؤون الشرق الأوسط، عن موقع «راشا بيوند ذي هدلاينز» الروسي، 20/5/2013، ترجمة الموقع وإعداد «الحياة»