لم تنتهِ ذيول تمديد المجلس النيابي اللبناني لنفسه 17 شهراً، فصولاً، بعدما تقدم رئيس الجمهورية ميشال سليمان بمراجعة الطعن بدستورية قانون التمديد أمس، وطالب بعقد البرلمان «مجدداً للبحث في تقصير مهلة التمديد في الشكل الذي يسمح له بإقرار قانون انتخاب جديد وإجراء الانتخابات قبل انتهاء مدة الولاية الممددة»، فيما أدار الرئيس المكلف تأليف الحكومة النائب تمام سلام أمس محركاته مجدداً من أجل تسريع تشكيلها بعدما جمّد مشاوراته منذ 13 أيار (مايو) الماضي في انتظار المداولات النيابية التي كانت جارية حول قانون الانتخاب في حينها، وقال ل «الحياة» أمس إنه لم يعد هناك من مبرر لتأخير تشكيل الحكومة، معتبراً أن استمرار الفراغ الحكومي لا يقل ضرراً عن الفراغ النيابي الخطير الذي استوجب اتفاق القوى السياسية والنيابية على التمديد للبرلمان أول من أمس. ودفعت انتقادات من معارضي التمديد لسليمان بأنه كان يمكنه رد القانون الذي أقره البرلمان، ومحاولات بذلها بعض مؤيدي التمديد معه، حتى لا يطعن به، رئيس الجمهورية مساء أمس الى الخروج عن صمته ومخاطبة اللبنانيين ببيان أذاعه بنفسه على شاشات التلفزة رد فيه على الانتقادات من دون أن يخلو كلامه من الملاحظات اللاذعة لهؤلاء، مشيراً أكثر من مرة الى «تقاعس مجلس النواب في عقد جلسة عامة للبت في قانون الانتخاب وإلى تأخير تشكيل هيئة الإشراف على الانتخابات (من قبل الحكومة) وإلى «المراوحة في التحضيرات لانتخاب المغتربين في إشارة الى القوى السياسية التي تشكل الأكثرية الفاعلة في الحكومة وهي قوى 8 آذار وتحالفها مع زعيم «التيار الوطني الحر» العماد ميشال عون». وكان نواب من «التيار الحر» انتقدوا توقيع سليمان القانون أول من أمس، ثم طعنه به اليوم وعدم رده القانون وفق صلاحياته بحسب المادة 57 من الدستور، وعدم تأجيله الجلسة النيابية وفق المادة 59 منه، مشيراً الى أن الدستور يجيز المراجعة أمام المجلس الدستوري بقانون قبل صدوره وإلى أن رده القانون كان لأن البرلمان اجتمع في آخر يوم من العقد العادي ويصبح تعبيداً للطريق الى الفراغ وكذلك تأجيله الجلسة والذي استبعده من أجل «عدم المشاركة في خطيئة الوصول الى الفراغ». وغمز سليمان من قناة قوى سياسية عدة حين أشار في بيانه أنه «استبعد اللجوء الى هاتين الخطوتين (رد القانون وتأجيل الجلسة) انسجاماً مع روح الدستور... وبعيداً من أي كيدية في استعمال السلطة». وبدا أن سليمان من خلال بيانه يسعى الى الاحتفاظ بالمبادرة وفق صلاحياته، وعدم التسليم بالأمر الواقع الذي فرضه التمديد ومصمم على رأيه بجعل التمديد قصير المدة لتجرى الانتخابات في نهايتها، ورفضه إطالته 17 شهراً، في وقت تميل القوى الداعمة للتمديد الى الاطمئنان بأن المجلس الدستوري سيأخذ بالأسباب الموجبة للتمديد. أما على صعيد تأليف الحكومة فقد اجتمع الرئيس المكلف أمس الى سليمان وأفاد بيان رئاسي أن البحث تناول «الإسراع في إنجاز هذا الاستحقاق». وقال سلام في دردشة مع «الحياة» رداً على سؤال عن أن قوى 8 آذار تطالب بحكومة سياسية بعد التغيير في المعطيات إثر إقرار التمديد لأنها لم تعد حكومة انتخابات، أنه سبق أن اعتبرها حكومة مصلحة وطنية من أبرز مهماتها الانتخابات وأمامها ملفات أخرى اقتصادية ومعيشية وأمنية عليها أن تنكب عليها... وهي لن تدوم 17 شهراً (مدة التمديد) لأن الدستور يفرض تغييرها مع بداية عهد رئاسي جديد بانتهاء ولاية الرئيس سليمان في 24 أيار 2014. وأضاف: هي حكومة آخر العهد لديها 10 أشهر كي تنتج شيئاً. وقال إنها حكومة سياسية لكن من الحياديين حتى لا تنتقل المواجهات والمتاريس في البلد الى داخلها وتشلّها الخلافات... وهل المطلوب أن نضع البلد في وتيرة تصريف الأعمال طوال هذه المدة؟ وقال إن حكومة الوحدة الوطنية تكون بأدائها مكرراً القول إن تجارب الحكومات الفضفاضة من 30 وزيراً أثبتت فشلها. واعتبر سلام أن التمديد للبرلمان لم يأخذه فريق واحد في البلد، بل لأن الجميع كان يشعر بخطر الفراغ وأن انتظار ورشة البرلمان حول قانون الانتخاب هي ذريعة انتهت وموضوع الحكومة نضج ولا يمكن أن يبقى البلد من دون حكومة. وتتوقع مصادر بارزة أن تواجه سلام الصعوبات إياها، أي مطالب قوى 8 آذار، لا سيما «حزب الله» بأن تتمثل بحزبيين بدلاً من اقتراحه تمثيل الأطراف بغير حزبيين، وأن تحصل على الثلث المعطل في الحكومة الأمر الذي يرفضه هو، فضلاً عن عدم قبول العماد عون بالمداورة في كل الحقائب وإصراره على الاحتفاظ بحقيبتي الطاقة والاتصالات. وسيلقى مطلب عون مساندة من «حزب الله» تعويضاً له عن السير بالتمديد للبرلمان من دون رضاه. وتخشى المصادر البارزة هذه من أن تطول فترة التأليف فيبقى سلام منتظراً حلحلة العقد وتستمر حكومة الرئيس نجيب ميقاتي طويلاً في تصريف الأعمال. وتعتبر المصادر أن «حزب الله» وحلفاءه يفضلون هذا الخيار، وكشفت المصادر البارزة ل «الحياة» أن الأمين العام ل «حزب الله» السيد حسن نصرالله اجتمع قبل 3 أسابيع الى الرئيس ميقاتي وجرى خلال اللقاء استعادة حرارة العلاقة بينهما بعد جفاء حصل نتيجة استقالته آخر شهر آذار (مارس) الماضي. وذكرت المصادر أن هذا اللقاء شجع ميقاتي على العودة الى التحرك واقتراح مبادرة للحوار الوطني قضت بمطالبة الرئيس سليمان بالدعوة الى عقد هيئة الحوار وتشكيل وفد من فريقه للتواصل مع الفرقاء كافة لهذا الغرض.