بدأ التضخم في الهند يتراجع إلى معدلات معتدلة بعد سنوات من الانخفاض التدريجي في الأسعار، ولكن المستويات الحالية تعتبر سابقة منذ الأزمة المالية عام 2008، إذ بلغ تضخم مؤشر أسعار الجملة في المتوسط 9.5 في المئة على أساس سنوي عام 2011، و7.5 في المئة عام 2012، و6.3 في المئة العام الماضي، وخمسة في المئة هذه السنة، والذي تضمن أيضاً أدنى معدل للتضخم في 10 سنين، باستثناء فترة الأشهر الثمانية خلال الأزمة المالية، وهو 2.4 في المئة المسجل في أيلول (سبتمبر) الماضي. وأشار الاقتصادي في شركة «آسيا للاستثمار» كميل عقاد في تقرير إلى أن «تضخم مؤشر أسعار التجزئة انخفض في شكل ملحوظ من معدل 7.7 في المئة في آب (أغسطس) الماضي على أساس سنوي إلى 6.5 في المئة في أيلول الماضي على أساس سنوي، ومقارنة بمعدل تضخم بلغ 11.2 في المئة في تشرين الثاني (نوفمبر) 2013». ولفت إلى أن «معدل التضخم المسجل في أيلول كان الأدنى في سنوات، ما يشير إلى أن فترة مرور الاقتصاد الهندي بمرحلة من الأسعار المرتفعة قد تكون وصلت إلى نهايتها». وأضاف: «كان الانخفاض في نمو التضخم على نطاق واسع في أيلول، بما في ذلك أسعار الأغذية التي نمت بمعدلات قريبة من أدنى مستوياتها في 10 سنين وفق مؤشر أسعار الجملة، وبلغت هذه المعدلات متوسط 2.2 في المئة على أساس سنوي مقارنة بمتوسط 6.8 في المئة في تموز (يوليو) الماضي، ومعدلات من رقمين عام 2013». وأظهر مؤشر أسعار التجزئة التوجه ذاته أيضاً، إذ نمت أسعار الأغذية على أساس سنوي بمعدل 7.6 في المئة في أيلول، وهو أدنى مستوى نمو في ثلاث سنوات، مقارنة ب 14.5 في المئة في تشرين الثاني 2013 على أساس سنوي. وساهمت الزيادة في الأمطار الموسمية في الهند في تراجع أسعار الغذاء المرتفعة، والتي زادت بسبب المشاكل الهيكلية في سلسة التوريد واستمرار الإنتاجية الزراعية الضعيفة. وأشار عقاد إلى أن «منتجات الطاقة أيضاً سجلت تباطؤاً حاداً في الأسعار، إذ أظهر مؤشر أسعار الجملة أن أسعار الوقود والطاقة سجلت أدنى معدل نمو منذ العام 2009، إذ انخفض مستوى تضخم الطاقة في مؤشر أسعار الجملة إلى 1.3 في المئة على أساس سنوي في أيلول الماضي، بعدما بلع 4.5 في المئة في آب و10.5 في أيار (مايو)، أما تضخم الطاقة في مؤشر أسعار التجزئة، فسجل أيضاً أدنى مستوى نمو ليصل إلى معدل 3.5 في المئة على أساس سنوي في أيلول». وأضاف «مع انخفاض أسعار النفط نحو 40 في المئة في حزيران (يونيو) الماضي، تراجعت تكاليف الطاقة في الهند بما أنها تستورد 70 في المئة من نفطها، وبذلك حافظت الروبية الهندية على استقرارها، ما مكّن الهند من انتهاز فرصة انخفاض أسعار النفط وأيضاً الغذاء، كما استمر التضخم الأساس، الذي يستثني منتجات الطاقة والغذاء، في التباطؤ تدريجاً تزامناً مع الاقتصاد الضعيف، ليكون العامل الرئيس في انخفاض إجمالي التضخم في الفصول الماضية، بينما يُعزى الانخفاض الحاد في معدل التضخم خلال الأشهر الماضية إلى تراجع تضخم أسعار الطاقة والغذاء». وأضاف عقاد «تطلعات الهند الى التضخم تحسنت في شكل ملحوظ خلال الأشهر الماضية، ولكن الوقت لا يزال مبكراً لتأكيد أن التضخم لن يكون مسألة تحدٍ للهند بعد اليوم، فمع أن عوامل حقيقية وراء تباطؤ التضخم، كان هنالك ارتفاع غير اعتيادي في مؤشري أسعار الجملة وأسعار التجزئة في أيار وتشرين الثاني 2013، وهو الارتفاع الذي يتباطأ الآن، كما أن أسعار الطاقة والغذاء متقلبة، لذا قد تتغيّر في أي يوم، ما قد يحدث مع تفاقم الأزمة في الشرق الأوسط وأوكرانيا، وحدوث اضطرابات في معروض النفط، وتغيرات غير مواتية للطقس في الهند». وتابع: «مع استمرار انخفاض أسعار النفط وقاعدة التضخم الأساس، يُرجح أن يستمر تباطؤ التضخم في الهند، على الأقل حتى تشرين الثاني المقبل، على رغم ارتفاعه الذي فتح المجال أمام سياسات التخفيف النقدي»، مشيراً إلى أن «محافظ البنك المركزي الهندي بقي متشدداً منذ توليه منصبه وسينتظر بقاء التضخم عند معدلات منخفضة حتى يتمكّن من إطلاق سياسة التخفيف حتى نهاية السنة المالية». وتوقع أن يبقى «الاقتصاد الهندي عند وضعه الحالي حتى مطلع العام المقبل، حين سيُعلن عن الموازنة الجديدة، بينما ستراقب الهند حتى ذلك الحين أوضاع النفط والطقس».