تحاول جهات كثيرة تقليد إنشاء منظمة مشابهة ل «أوبك» النفطية، إذ سعى منتجو الغاز والكاوتشوك والرز والشاي إلى تقليد هذا النموذج، لكنهم اصطدموا بطموحات يستحيل تحقيقها. وتعمل روسيا حالياً مع أفريقيا الجنوبية على تأسيس منظمة خاصة بالبلاتين والبلاديوم، وهما معدنان تسيطر هاتان الدولتان على 80 في المئة من إنتاجهما. ويعني ذلك أن معظم أسواق البلاتين والبلاديوم حول العالم، ستخضع لأوامر روسية وأفريقية جنوبية. ولا شك تقلق الولادة القريبة لهذه المنظمة الدول الأخرى ومنها سويسرا. ورأى خبراء سويسريون، أن ما تسعى إليه روسيا يعكس خطة توسعية تنفّذها حكومة موسكو لفرض هيمنتها على أسواق البلاتين العالمية، بعدما تمكنت من إحكام سيطرتها على أسواق الغاز تحديداً الأوروبية. كما أن المنظمة العتيدة ستخوّل روسيا فرض تركيبة تجارية معينة وفق مزاجها على الأسواق، للهيمنة على تقلبات الأسعار. أما حليفة روسيا أي أفريقيا الجنوبية، فرصد الخبراء سعي حكومتها إلى التأثير في أسواق البلاتين والبلاديوم العالمية من دون الهيمنة عليها. لأن مهمة الهيمنة متروكة لحكومة موسكو، التي يعتقد الخبراء أنها ستلعب دوراً عدوانياً لا يصب في مصلحة منتجي البلاتين الصغار ولا الدول الأوروبية. وتتردّد أفريقيا الجنوبية في الانضمام إلى مخططات روسيا الطموحة في أسواق المعادن الأولية، إذ تمرّ صناعة التعدين هناك في أزمة حادة. فمن جهة، زادت كلفة إنتاج البلاتين في شكل خرج عن السيطرة، ومن جهة أخرى، تراجعت طلبات الشراء، ما أثّر مباشرة في أسعار البلاتين في البورصات الدولية. وفي هذا الصدد، أشار محللو الأسواق إلى أن أسعار البلاتين تراجعت 20 في المئة العام الماضي، وعادت لترتفع هذه السنة بين 3 و4 في المئة ليستقر سعرها في بورصة لندن على 1575 دولاراً للأونصة. صحيح أن صناعة العربات، في الولاياتالمتحدة الأميركية، تسجل انتعاشاً منذ مطلع العام. لكن الطلب على شراء البلاتين يبقى متواضعاً، ما سيجعل عروض البيع تتفوق على طلبات الشراء هذه السنة. وفي ظل هذه الأوضاع، يؤمن المحللون بأن من شأن ولادة «أوبك» البلاتين تعديل إنتاج هذا المعدن الأولي وبالأحرى خفض إنتاجه. فضلاً عن ذلك، اعتبر أساتذة الاقتصاد في جامعة برن، أن لمشروع تأسيس «أوبك» البلاتين، الروسي - الأفريقي نقطة ضعف واضحة، لأن في وقت يزداد نفوذ روسيا على الصناعة التعدينية العالمية، ومن ضمنها شركة «نوريلسك نيكل» المنتجة الأولى عالمياً للبلاديوم، يجب على حكومة بريتوريا الأفريقية الجنوبية مواجهة شركات دولية خاصة، لن تقبل أبداً صدور أوامر من أحد ترمي إلى برمجة مستوياتها الإنتاجية من جهة، والتصدي لنقابات عمال لن تتأخر في إعلان الحرب عليها من جهة أخرى. وهذا أمر ربما يتسبب بحرب أهلية... هناك.