على أرصفة الشوارع في سوق طيبة شمال العاصمة الرياض، تتوزع عشرات النساء اللاتي يكدحن لكسب الرزق بعيداً عن ذل السؤال، يبعن المستلزمات النسائية بأنواعها، ولكن يعانين من حرارة الشمس في مكان مكشوف، ولكل واحدة منهن قصة أجبرتها على الافتراش وتحمل العناء لتأمين لقمة العيش لأسرتها. « الحياة» وقفت على وضعهن في سوق طيبة، واستمعت إلى قصص نساء مكافحات يواجهن قسوة الحياة ليؤمن حاجات أسرهن. «أم خالد»، إحدى النساء المكافحات الصابرات، تجاوزت ال«55 عاماً»، وأكثر من «14 عاماً» في مزاولة مهنة البيع في هذا السوق، تحلم بتهيئة جو مناسب للبائعات يحميهن من حرارة الشمس وتقلبات الأجواء، تعمل من الساعة الرابعة إلى الساعة 10 ليلاً، تقول: «مصدر دخل أسرتي المكونة من تسعة أشخاص من هذه (البسطة) المتواضعة، وأعمل منذ 18 عاما في هذه السوق، وأكسب يومياً ما بين 150و200 ريال»، مبينة أن العمل لم يكن يوماً خياراً بالنسبة إليها، بل أمان من ذل السؤال. وتضيف: «أجبرت على مهنة البيع بعد وفاة زوجي وتحملت مسؤولية كبيرة، تحت وطأة ظروف قاسية، منها تربية الأبناء وتعليمهم ومحاولة توفير طلباتهم الضرورية حتى أضمن لهم حياة كريمة». وتتابع: «من أكثر المعوقات التي تواجهنا كبائعات في(البسطة) تقلب الأجواء من حر ومطر، فنلجأ أحياناً إلى مكان لحماية بضائعنا من التلف، ولكن لا نسلم من التلف في معظم الأحيان». مشيرة إلى أن «بسطتها» الصغيرة تدر عليها ما يزيد على 3 آلاف ريال شهرياً. قضت «أم نواف»، في العقد الرابع من العمر، 13عاماً من حياتها متنقلة بين الأسواق، تعمل ليلاً ونهاراً، صيفاً شتاءً، من دون شيء يثنيها عن تأمين مصروف وحاجات أبنائها اليتامى، بعد أن ودع والدهم الحياة منذ زمن. بدأت مشروعها بمبلغ لم يتعد 200 ريال، اقترضته من إحدى الجارات. تقول: «اشتريت ملابس أطفال وملابس نسائية بالجملة، واتخذت من أرصفة سوق الديرة وسوق طيبة مكاناً لي قبل أن أستقر في سوق طيبة، لأجلس تحت مظلة لا تقيني من حرارة الشمس ولا تصد المطر وأجلس يومياً للبيع». وتضيف: «الجميع هنا يعاني الإهمال من البلدية في كل شيء، ونعاني حتى من مضايقات أصحاب بعض المحال ومحاربتهم لنا، ولكن لأننا لا نستطيع ترك تجارتنا البسيطة التي تصرف على أطفالنا نتحمل ونشكو أمرنا لله». جارتها «أم سعود»، التي اختارت مكانها في السوق قبل 16 عاماً، تقول: «أنا خبيرة في بيع المستلزمات النسائية بجميع أنواعها ولي زبائن يأتون حتى من خارج منطقة الرياض، واعتمدت على خبرتي التي اكتسبتها من خلال مشاركتي مع والدتي -رحمها الله- فكنت أشاركها البيع في سوق حجاب شرق الرياض، ولكن بعد وفاتها وبُعد سكني فضلت الجلوس على أرصفة هذا السوق، حيث نتذوق مرارة الأجواء في كل وقت». ولم تكتف أم سعود ببيع الملابس فحسب، فهي تبيع بعض الأدوية الشعبية والألعاب والإكسسوارات، تقول: «هذه (البسطة) تعني لي الشيء الكثير، ولا يمكن أن أستغني عنها، فهي مصدر دخلي لأبنائي»، لافتة إلى أن دخلها من «البسطة» شهرياً يتجاوز 4 آلاف ريال. وتضيف: «الحمد لله أوفر حاجات بيتي من هذا المكان الصغير، وهناك إقبال كبير علينا من الزبائن، لكنني واجهت مشكلات ومتاعب كثيرة في البداية، كدت على إثرها أن أترك السوق نهائياً، لكن تفكيري في أبنائي حتّم علي معاندة هذه الظروف». وتحكي عن معاناتها وزميلاتها في السوق: «عانينا كثيراً من الأماكن المخصصة لنا، فوجودنا على الأرصفة سبّب لنا مضايقات كثيرة من أصحاب المحال التجارية، الذين حاولوا بشتى الطرق ترحيلنا من السوق من خلال الشكاوى التي تقدموا بها ضدنا».