أعلن الأسرى الأردنيون لدى إسرائيل الذين يخوضون إضراباً مفتوحاً عن الطعام منذ 31 يوماً، وسط صمت رسمي أردني، التوقف عن العلاج وعن تناول الدواء والفحوص الطبية، مطالبين حكومة بلادهم بالتدخل من أجل تحقيق مطالبهم، وفي مقدمها نقلهم إلى بلادهم لإتمام ما تبقى من حكمهم وفق اتفاقية وادي عربة الموقعة بين المملكة وإسرائيل. وتضامناً مع الأسرى، نظمت تنسيقيات معارضة وحركات عشائرية أردنية أمس تظاهرات واعتصامات عقب صلاة الجمعة في عمان ومدن الأطراف. ووجه الأسرى، وعددهم ثلاثون، رسالة إلى الشعب الأردني جاء فيها: «يا أبناء شعبنا الأردني، يا من قدمتم الغالي والنفيس نصرة لقضايا أمتكم العليا... نطل عليكم اليوم ونحن على مشارف اليوم الثلاثين لإضرابنا المفتوح عن الطعام لنيل حقنا بالتحرير والحرية بعد سنوات بل عقود البؤس والحرمان». وقال الأسرى الأردنيون الذين أطلقوا على أنفسهم اسم «شهداء الكرامة»، إنهم أرادوا أن يقدموا وصيتهم في رسالتهم هذه إلى شعبهم بعد توقفهم عن تناول الدواء والعلاج، معتبرين أن سقوط أي منهم في معركة الأمعاء الخاوية «سيعيد لكل أسير أردني وشهيد أردني ومفقود أردني على ثرى فلسطين حقوقه وعزته وكرامته». وطالبوا «حكومة بلادهم بتبني قضيتهم، والعمل على الإفراج عنهم وفقاً لاتفاقية وادي عربة». كما طالبوها بإعادة الأرقام الوطنية المسحوبة من بعضهم، والعمل على إعادة رفات الشهداء في مقبرة الأرقام. وقالت محامية وزارة الأسرى حنان الخطيب التي زارت عدداً من الأسرى الأردنيين المضربين عن الطعام والمعزولين في عيادة مستشفى الرملة، إن «وضعهم الصحي في تدهور مستمر وخطير، وبدا عليهم الهزال والإرهاق والتعب الشديد بسبب الإضراب». وأوضحت أنها زارت أربعة منهم وأبلغوها أنهم جميعاً يرفضون الفحوص الطبية، والمدعمات الغذائية، ولا يتناولون سوى الماء، وأنهم عزلوا عن العالم الخارجي وعن بقية الأسرى بعد سحب الأدوات الكهربائية منهم وحرمانهم من الزيارات والصحف. وقالت إنه تم نقل الأسير منير مرعي إلى مستشفى سوروكا في بئر السبع لخطورة وضعة الصحي، علماً أنه محكوم بالسجن المؤبد خمس مرات. وأضافت أن الوضع الصحي للأسير محمد فهمي إبراهيم الريماوي المحكوم بالمؤبد والمعتقل منذ عام 2001، سيء جداً بسبب معاناته من مرض حمى البحر المتوسط، كما إنه مصاب بالتهابات حادة في الرئة بسبب خطأ طبي ارتكب بحقه من الأطباء في السجون قبل 4 سنوات. وقالت إن عائلته المقيمة في الأردن لم تتمكن من زيارته منذ خمس سنوات. وتابعت أن إدارة السجن عزلت الأسير عبد الله البرغوثي المحكوم بالسجن المؤبد 67 مرة عن بقية زملائه المضربين. ونقلت عنه القول إنه وزملاءه لن يوقفوا الإضراب إلا على أرض الأردن. كما نقلت عن الأسير علاء سمير حماد المعتقل منذ عام 2006 قوله: «وصلنا إلى طريق اللاعودة، ومستمرون بالإضراب»، مضيفاً أنه لم يلتق عائلته منذ اعتقاله. تظاهرات في الأردن في هذه الأثناء، خرج نحو ألفي متظاهر من أحياء عمان الشرقية إلى الشارع الرئيس المؤدي لساحات المسجد الحسيني، ورددوا هتافات تطالب العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني بإنهاء معاناة الأسرى. وكانت حركات شعبية دعت إلى التظاهر تحت شعار «جمعة الأكفان»، والكشف عن مصير المفقودين لدى الدولة العبرية. ومرت التظاهرة التي شاركت فيها شخصيات عشائرية، بسلام وسط إجراءات أمنية مشددة، ومشاركة قيادات إسلامية وعلمانية. وندد المتظاهرون بما أسموه «تجاهل» السفير الأردني لدى تل أبيب وليد عبيدات لقضية الأسرى، وعدم تنظيمه أي زيارة لهم. كما دانوا دور وزارة الخارجية الأردنية الذي وصفوه بأنه «متقاعس» إزاء ملف مواطنيها المحتجزين، محملين وزيرها ناصر جودة «مسؤولية ما قد يودي إليه الإضراب المفتوح عن الطعام من نتائج وخيمة». وقال مشاركون إن هناك أوراق ضغط «تستطيع الحكومة الأردنية استخدامها لنصرة أسراها، خصوصاً أن لديها اتفاقات سلام مع إسرائيل». ويقود الإضراب نيابة عن 32 أسيراً أردنياً حتى الآن بعض قادتهم، وهم عبد الله البرغوثي، ومحمد الريماوي، ومنير مرعي، وعلاء حماد، ومرعي أبو سعدية. وقالت والدة الأسير أكرم زهران الذي يقبع بأحد السجون الإسرائيلية منذ عام 2000، إن الحكومة الأردنية تخلت عن الأسرى في إسرائيل، معتبرة أن حقوقهم معدومة، خصوصاً الأردنيين منهم، وأن الملف مقفل بالنسبة إلى الحكومة. ولا تستطيع عائلات كثير من الأسرى الأردنيين المتحدرين من أصل فلسطيني، زيارتهم بصفة منتظمة بسبب ما تواجهه من عقبات أثناء السفر. وقال المراقب السابق لجماعة «الإخوان المسلمين» سالم الفلاحات في كلمة أثناء التظاهرة إن الحكومة الأردنية «غائبة عن مواطنيها وعن الواجب الوطني، وكأن أسراها غير مضربين عن الطعام». وأضاف: «تتحدث الحكومة عن كل شيء إلا عن مواطنيها، سواء الأسرى منهم أو الأسرى داخل بلدهم، وهم أسرى الكرامة والعدل والحرية». واعتبر النائب السابق علي الضلاعين في كلمة ألقاها عن حراكات العشائر: «تظاهرنا اليوم تضامناً مع مواطنين أبطال يقبعون داخل السجون الصهيونية». وأضاف: «للأسف أن الحكومات الأردنية المتعاقبة لم تحرك ساكناً تجاه هذه القضية، كما لم تعط وزارة الخارجية أي أولوية لها... رسالتنا اليوم موجهة إلى الدولة الأردنية لضرورة متابعتها ملف مواطنيها المحتجزين». وقالت تنسيقية «اللجان العاملة للأسرى» في بيان: «نستهجن موقف الحكومة الأردنية اللامبالي بحياة الأسرى، الذين أعلنوا عبر رسائلهم بأن أوزانهم تنقص، لكن معنوياتهم ترتفع». وأضاف: «هل ننتظر السفير الأردني لدى تل أبيب حتى يستلم جثامين أسرانا المضربين؟». وفي محافظة إربد (شمال) والسلط (وسط) والزرقاء (شرق) والكرك ومعان والطفيلة والمزار (جنوب)، نفذ شبان تظاهرات مماثلة تضامناً مع الأسرى.