بعد اجتماع دام نحو ثماني ساعات، أعلنت قيادة حزب «الاتحاد الوطني»، بزعامة الرئيس جلال طالباني تأييدها إعادة مسودة دستور إقليم كردستان إلى البرلمان وتعديلها بناء على توافق وطني، في موقف يتناقض مع موقف حليفه الحزب «الديمقراطي»، بزعامة رئيس الإقليم مسعود بارزاني، ووسط توقعات بأن يشكل الموقف بداية لظهور خلافات قد تهدد اتفاق «التحالف الإستراتيجي» بين الطرفين. وأصدر قادة في حزب طالباني تصريحات حيال الضغوط التي يمارسها حزب الرئيس بارزاني لطرح المسودة على الاستفتاء العام لتتيح له فرصة الترشح للمرة الثالثة. وجاء في بيان لحزب طالباني مساء الثلثاء، عقب اجتماعات مكثفة عقدها في اربيل أن «المجلس القيادي يؤيد تعديل مسودة الدستور في ظل توافق وطني، ومسألة انتخابات رئاسة الإقليم مرتبطة بطبيعة هذا الدستور»، مشيراً إلى أن «القيادة أكدت ضرورة مشاركة الحزب في الانتخابات المقبلة بقائمة منفردة، على أساس القائمة المفتوحة التي تمنح للناخبين الحرية في اختيار مرشحيهم الحقيقيين». وشدد البيان على «ضرورة تحسين الاتصالات مع حركة التغيير المُعارضة بالاعتماد على اتباع سياسة اكثر انفتاحاً مع أقطابها والقوى الأخرى، وإنهاء الركود السياسي بين الأطراف وتصحيح مسار العلاقات»، وأكد البيان «مواصلة سياسة الرئيس جلال طالباني ومقررات المؤتمر الثالث للحزب، إزاء الحفاظ على التحالف الاستراتيجي، باعتباره شرطاً أساسياً للحفاظ على استقرار الإقليم والمكتسبات التي تحققت، وضرورة أن تتواءم مع وضع القائم لتعزيز العملية الديمقراطية». ولم يستبعد سياسي مقرب من حزب طالباني، رفض كشف اسمه، أن «يشكل الموقف الأخير بداية قد تربك الاتفاق بين الطرفين (وقع عام 2007)، وسبق لهما أن تطرقا إلى ضرورة إخضاعه لتعديلات، خصوصاً أن أصواتاً من كلا الطرفين كانت ترى أن الاتفاق أضر به». وأوضح أن «التطرق إلى التقارب مع المعارضة بقيادة التغيير التي انشقت عن الاتحاد الوطني، وتأييدها في تعديل مسودة الدستور، لها مدلولات تفيد بحصول متغيرات في سياسة الحزب على المدى المتوسط، والانتخابات المقبلة قد تغير موازين القوى». ومن المقرر أن يخوض الإقليم الانتخابات التشريعية والرئاسية معاً في 21 أيلول (سبتمبر) المقبل، وبموجب قانون رئاسة الإقليم فإن بارزاني لا يحق له الترشح اكثر من ولايتين، في ظل غياب دستور دائم ينظم العملية الانتخابية. ويأتي هذا التطور بعد يومين من اجتماع عقده بارزاني مع أعضاء لجنة كتابة الدستور، وجدد تمسكه بضرورة طرح المسودة على الاستفتاء العام، وشدد على أن «مشروع الدستور هو ديموقراطي متطور يشير بشكل واضح إلى أن النظام السياسي في الإقليم برلماني، لذلك ينبغي عرض الدستور على الاستفتاء، والكف عن خداع الرأي العام وسلب حقه في التصويت». في المقابل أكدت كتل المعارضة في بيان أن «البرلمان أقر المسودة وسط صراع سياسي حاد وانتقادات الجماهير، ومن الضروري إعادتها إلى البرلمان لتعديلها، لا سيما الفقرات التي تمس القضايا القومية والوطنية العامة»، وخلص البيان إلى أن «المتغيرات الداخلية وفي المنطقة تتطلب مراجعة المسودة، وإجراء تعديلات على المواد والفقرات غير الواضحة، والتي تتناقض مع بعضها بعضاً، خصوصاً تلك الخاصة بطبيعة نظام الحكم في الإقليم».