أطلق أمس سراح سبعة جنود اختطفهم مسلحون الأسبوع الماضي في سيناء للمطالبة بإطلاق محكومين جهاديين بعد وساطة قادها شيوخ قبائل مع الخاطفين ولعبت دوراً حاسماً في تحريرهم. وفي حين بدا أن الحكم حقق نصراً سياسياً عبر إطلاق الجنود سالمين، لكن فرار الخاطفين من دون عقاب أثار انتقادات، سعى الرئيس محمد مرسي إلى تخفيفها عندما تعهد ملاحقة «المجرمين... وبسط الأمن على سيناء». وأكد الجيش والشرطة أن أجهزتهما لديها معلومات دقيقة عن هوية الخاطفين وأنها تلاحقهم، كما تتولى النيابة العسكرية التحقيق في ملابسات الحادث، ويتوقع أن يتم استدعاء الجنود السبعة أمامها خلال ساعات لسماع شهادتهم. وأثار التكتم على تفاصيل الوساطة تساؤلات عما إذا كانت السلطات استجابت لمطالب الخاطفين. لكن الناطق باسم الرئاسة إيهاب فهمي أكد في مؤتمر صحافي أمس أن عملية تحرير الجنود «تمت من دون أي مساومات أو مفاوضات مع الخاطفين، وجرت بتعاون كامل بين مؤسسات الدولة». وقال مصدر أمني مطلع على تفاصيل الأزمة ل «الحياة»، إن «العملية سارت في خطين متوازيين، إذ حاصرت قوات الجيش والشرطة المناطق الواقعة جنوب مدينة العريش (شمال سيناء)، والتي كان يتحصن فيها الخاطفون، وقامت بعمليات تمشيط واسعة النطاق، إضافة إلى تحليق مكثف للمروحيات، فيما كانت أجهزة الاستخبارات وجهاز الأمن الوطني تتواصل مع الخاطفين عبر شيوخ وعوائل قبائل سيناء». واعتبر أن «حشود الجيش والشرطة التي وصلت سيناء قبل يومين مثلت ضغطاً متزايداً على الخاطفين، وتلقت الأجهزة الأمنية إيفادات (أول من) أمس بأن الخاطفين سيقومون بتحرير الجنود، وأنهم سيتركونهم في منطقة بئر لحسن جنوبالعريش، لكنهم اشترطوا عدم التعرض لهم من قبل قوات الأمن، وهو ما تمت الاستجابة له، إذ وصل الجنود فجراً لتصطحبهم فرق من الاستخبارات العسكرية إلى مطار العريش قبل نقلهم إلى القاهرة». وكان مرسي ورئيس الوزراء هشام قنديل ووزيرا الدفاع عبدالفتاح السيسي والداخلية محمد إبراهيم ورئيس جهاز الاستخبارات العامة رأفت شحاتة في استقبال الجنود لدى وصولهم إلى مطار ألماظة العسكري، قبل أن يلقي الرئيس كلمة داخل إحدى قاعات المطار في حضور كبار قادة الجيش والجنود المختطفين، وجه فيها التهنئة إلى الشعب على انتهاء أزمة احتجاز الجنود، مشيداً ب «جهود قوات الأمن التي نجحت في ذلك من دون إراقة دماء». واعتبر أن «العملية ثمرة تعاون بين القوات المسلحة والشرطة والمواطنين والقيادة، وهذا نموذج ومثال كيف يكون التكامل وكيف يكون التعاون والتخطيط والتنفيذ وكيف يكون الوطن هو الأول والأخير وكيف يكون المواطنون هم الهدف». وأشاد بدور «أبناء القبائل الذين ساهموا في تحقيق الهدف من دون أن تكون هناك إصابات ودماء». وطالب من يحملون السلاح في سيناء بتسليمه. وقال إن «الوطن أكبر منا جميعاً، والسلاح لا يجب أن يكون إلا مع السلطة... من لديه سلاح يسلمه ومن عنده مظلمة يقدمها، نقيم دولة مستقرة وسيناء في القلب من ذلك». واعتبر أن الحادث «نقطة انطلاق لحل مشاكل سيناء». وتعهد «بسط الأمن في سيناء وحل مشاكل أبنائها وحقهم علينا وتنمية سيناء وحقوقهم الكاملة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتعليمية والصحية حقوقهم كاملة كباقي أبناء مصر. لا بد من أن نحقق التنمية الحقيقية لأبناء سيناء». ودعا مرسي المعارضة إلى «التعاون كي ننطلق إلى الأمام». وأضاف: «هيا بنا ننطلق في إطار أوسع في طريق واحد لننضم جميعاً في منظومة واحدة نتآخى ونتعاون ونتكامل ونترافق ونحب بعضنا وننطلق إلى الأمام ويقول كل منا للآخر ما يريد... الوطن أكبر منا جميعاً وأهم منا جميعاً ومصلحة الوطن والمواطنين هي ما نحمله جميعاً قيادة وشعباً وأكثرية ومعارضة كلنا جسد واحد فيها، وأنا أفتح الأيادي لكل من يحب لهذا الوطن الخير كي نكون بحق أبناء ثورة 25 يناير». وعقد الناطقون باسم الرئاسة والجيش والشرطة مؤتمراً صحافياً مشتركاً في قصر الاتحادية الرئاسي بعد تصريحات مرسي بساعات. وأكد الناطق الرئاسي إيهاب فهمي أن عملية تحرير الجنود «تمت من دون أي مساومة أو وعود أو تنازلات أو صفقة مع أي طرف»، مشيراً إلى أن «قرار الدولة من اللحظة الأولى كان يتمثل في ضرورة سرعة تحرير المخطوفين وبذل كل الجهود من أجل ضمان سلامتهم». وكرر دعوة مرسي إلى أهالي سيناء لتسليم سلاحهم، وقال: «نأمل أن يقوم المخلصون بجمع السلاح بما يسمح للشرطة الاضطلاع بحفط الأمن والنظام». وأكد «مواصلة الجهود لإنجاز مشروع تنمية سيناء الذي يمثل الركيزة الأساسية لبناء المستقبل»، داعياً إلى «الاصطفاف الوطني من أجل نهضة مصرنا الحبيبة». وأكد الناطق باسم الجيش العميد أحمد محمد علي أن «العملية الأمنية في سيناء مستمرة»، مشيراً إلى أن «أجهزة الأمن لديها معلومات عن الخاطفين وتتم ملاحقتهم». وأشار إلى أن العمليات العسكرية «لم تبدأ منذ 48 ساعة ولكنها بدأت منذ آب (أغسطس) الماضي»، في إشارة إلى «العملية نسر» التي أعلنت بعد قتل 16 جندياً في رفح. وأكد أن تحرير المختطفين «هدف مرحلي تم تحقيقه، وهناك أهداف أخرى يجري تحقيقها»، لكنه أقر بصعوبة توقيف الخاطفين. وقال إن «العناصر الإجرامية في سيناء بعضها لديه أسر ومتواجد وسط القرى، وهم ليسوا موجودين في مناطق منعزلة تمكننا من التعامل معهم بحسم». لكنه أضاف أن «العملية التي تجري كان لها دور حاسم في تحرير المخطوفين»، رافضاً الإدلاء بمزيد من التفاصيل عن عملية تحرير الجنود. واكتفى بالقول إن «العملية مستمرة، ونظراً إلى طبيعتها نفضل إعلان النتائج خلال الفترات المقبلة وليس الآن». وأشاد بدور شيوخ القبائل في سيناء، واعتبر أن «لهم الفضل الأكبر» في إطلاق الجنود، مشدداً على أن «أي عمل في سيناء يجب أن يراعي سلامة أبناء سيناء الشرفاء». ودافع عن التأخر في تحرير الجنود، مشيراً إلى أن «التعامل في مثل تلك القضايا الحساسة يتم وفق بعض الاعتبارات وفي مقدمها سلامة وأمن كل فرد سيناوي مصري». وتعهد استمرار عمليات غلق أنفاق التهريب الحدودية مع قطاع غزة. وقال إن «أعمال إغلاق الأنفاق لن تتوقف. وصل إجمالي الأنفاق التي تم تدميرها إلى 287 نفقاً، وهناك 28 نفقاً مرصودين لكن يصعب التعامل معها لوجودها أسفل منازل لكنها تحت الرقابة». ووعد الناطق باسم وزارة الداخلية هاني عبداللطيف بتوقيف خاطفي الجنود السبعة. وقال إن «العناصر (المتورطة) محددة وتتم متابعتها وسنتعامل معهم بغض النظر عن أي انتماءات سياسية أو دينية وتحرير الجنود ليس النهاية». وأضاف أن «انتشار الجنود مستمر وتم تحديد بؤر إجرامية. سنكمل الطريق». وأشار إلى أن «حسابات دقيقة حكمت عملية تحرير الجنود أهمها أرواح جنودنا وعدم التأثير السلبي على أهالي سيناء من سكان المنطقة».