في وقت يرث رئيس الوزراء الباكستاني المنتخب نواز شريف بلداً شبه مفلس، ويعاني من عنف متشددي حركة «طالبان» ونزاعات طائفية، وانقطاع يومي للكهرباء وارتفاع معدل البطالة، يراقب الجيش كل خطواته خصوصاً تلك المرتقبة لتخفيف التوتر مع الهند. ويؤكد شاه زاد تشودري، الضابط السابق في سلاح الجو أن شريف يحتاج إلى دعم ومساعدة كل الأطراف وبينها الجيش لمواجهة المشاكل الكثيرة في باكستان، ما يطرح السؤال هل سيمنح الجيش شريف الحرية اللازمة لفعل كل ما يريد؟ وبذل شريف جهداً لإعفاء الجيش من مسؤولية إطاحة حكومته قبل 14 سنة، إذ اكد في مؤتمر صحافي انه لم يواجه أبداً مشكلة مع الجيش، بل مع شخص واحد دبر الانقلاب (قائد الجيش السابق الجنرال برويز مشرف)، فيما لم يكن باقي الضباط في الصورة»، مشدداً على ضرورة التعاون اليوم. ووعد شريف بإجراء تحقيق في غزو جنود تنكروا بزي متشددين عام 1999 مرتفعات كارجيل شمال الشطر الهندي من إقليم كشمير المتنازع عليه بين البلدين. وتلا ذلك محاولة شريف إقالة الجنرال مشرف الذي استولى على السلطة عبر انقلاب عسكري. ويعتقد غالبية ضباط الجيش بأن خطوة شريف تستهدف مشرف الذي قبلت أمس المحكمة الخاصة بقضية اغتيال رئيسة الوزراء السابقة بينظير بوتو عام 2007، خروجه بكفالة بعدما ظل رهن الإقامة الجبرية في منزله منذ 20 نيسان (أبريل) الماضي. وقد يؤدي ذلك إلى مغادرة مشرف البلاد، رغم معارضة المحكمة العليا هذا الأمر. أما الجيش فأظهر مؤشرات إلى احتمال قبوله مبادرات أكثر تجاه الهند، وقال ضابط بارز: «يدرك الجيش اليوم أهمية السلام مع الهند، ويريد حل قضية كشمير، فيما بات لا يرغب في تولي السلطة مباشرة، رغم انه لا يزال أكبر قوة في المشهد السياسي». وأشار ضباط إلى أن «الجيش يراقب ثلاث مسائل هي إلى تشكيل لجنة للتحقيق في غزو كارجيل، تعيين قائد جديد للجيش بعد انتهاء ولاية الجنرال أشفق كياني في تشرين الثاني (نوفمبر)، وطريقة تعامل شريف مع المتشددين، خصوصاً «طالبان باكستان». ويفرّق الجيش بين «طالبان الطيبة» التي لا تهاجم القوات الحكومية وتحارب في أفغانستان، و»طالبان الشريرة» التي قتلت عشرات الآلاف من الجنود والمدنيين في باكستان. ويفضل شريف إجراء محادثات مع «طالبان باكستان»، ما يمكن أن يعالج مشاكل فردية، لكن الجيش لا يريد حلولاً وسطى في قضايا مثل تغيير الدستور. وقال الجنرال محمود دوراني، مستشار الأمن القومي في الحكومة السابقة إن «الجيش يريد أن يعرف إذا كان شريف يستطيع توحيد الأقاليم الأربعة» التي يتزعم كل منها حزب مختلف للحدّ من التشدد. وتمتع متشددون سابقاً بدعم الجيش الذي استخدمهم لخوض حرب بالإنابة ضد الهند، لكن مسؤوليه يصرّون اليوم على أن الوضع تغير، لكن عسكريين لا يزالون يُتهمون بدعم متشددين، بينهم منفذو الهجمات على مدينة مومباي الهندية عام 2008، والتي أسفرت عن 166 قتيلاً، وهو ما نفته باكستان. على صعيد آخر، فاز مرشح لحزب «حركة الإنصاف» بزعامة نجم الكريكيت السابق عمران خان بجولة إعادة للانتخابات في دائرة بكراتشي، وذلك غداة اغتيال مسلحين القيادية في الحزب زارا شهيد حسين، ما أدى إلى احتجاجات في ظل اتهام خان حزب «الحركة القومية المتحدة» الذي كسب مرشحوه 18 من 19 مقعداً في كراتشي بقتلها، وهو ما نفته الأخيرة. إلى ذلك، هاجم مسلحون فريقاً ينفذ حملة تلقيح ضد مرض شلل الأطفال في بلدة كالام بإقليم باجور القبلي (شمال غرب)، ما أدى إلى مقتل شرطي تولى حماية الفريق. وقتل اكثر من 20 شخصاً في حملات التطعيم بأنحاء باكستان خلال الشهور الأخيرة، علماً أن «طالبان باكستان» تعارض حملات التطعيم ضد شلل الأطفال بحجة أنها «غطاء للتجسس»، كما سرت شائعات بأن اللقاحات مؤامرة للتسبب في عقم المسلمين.