عاش سكان بنغازي يوماً ثالثاً من الرعب امس، في ظل اشتباكات متنقلة من منطقة الى أخرى، وتحت وطأة قصف من الارض والجو حيث حلقت طائرات تابعة لقوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر للاغارة على مواقع خصومه مقاتلي «انصار الشريعة» و «مجلس شورى الثوار» المتحالف معهم. لكن المناوشات على الارض دارت بين شباب الاحياء الذين شكلوا ما يوصف ب «الصحوات» لمساندة قوات حفتر، وبين دوريات للمسلحين الاسلاميين، عند مداخل الاحياء وفي التقاطعات الرئيسية. وسجل انتشار بؤر متفرقة لمسلحين ملثمين وآخرين يستقلون سيارات بزجاج داكن، لم يعرف الى أي طرف ينتمون، في ظل غياب ملحوظ لقوات حفتر او الجنود التابعين لرئاسة الاركان الموالية له. وسرت تكهنات عن تواجد مسلحين موالين للنظام السابق، يتعمدون اثارة حوادث لاذكاء نار الفتنة في محاولة للاستفادة من الوضع. كما سجلت تعديات على عائلات محسوبة على الاسلاميين وخصومهم، اذ اقتحم مسلحون منزل عائلة بن صويد وقتلوا رب المنزل وابناءه الثلاثة، بحجة ان احد اشقائهم توفي قبل فترة وهو يقاتل الى جانب «انصار الشريعة» في محور مطار بنينا. كما تعرضت عائلات بوليفة والكريشني والنص لمحاولات اعتداءات مماثلة دفعتها الى الفرار من منازلها. ونجحت عشرات العائلات في الفرار من منطقة قاريونس السكنية الراقية (قرب جامعة بنغازي)، بعدما حوصرت في منازلها لثلاثة ايام في ظل تبادل اطلاق النار والقصف بين الاسلاميين المنتشريين في طريق طرابلس (جنوباً) وقوات حفتر المتواجدة في طريق الشط (البحري). واصاب القصف شقة سكنية وخزان مياه في المنطقة، قبل ان يعلن وقف قصير لاطلاق النار بوساطة من الهلال الاحمر الليبي، لتمكين العائلات من المغادرة. وأكد سكان في بنغازي ل «الحياة» ان الاشتباكات المتنقلة توزعت على مناطق الماجوري وقاريونس وقنفودة والليثي والبركة وبوهديمة وأحياء بوعطني والمساكن والسلام وشبنة. وأشاروا الى تبادل اطلاق النار برشاشات وقاذفات «آر بي جي»، بين شبان ملثمين اقاموا حواجز عشوائية ومسلحون يمرون في سيارات مسرعة. كما سجلت هجمات لمجموعات من الشباب على تجمعات للاسلاميين وانصارهم، وسط الأحياء. وشن طيران حفتر غارات جوية كثيفة في محيط «كتيبة 204 دبابات» و «معسكر 21» تزامنت مع انباء عن سيطرة قوات «مجلس شورى الثوار» عليهما. وطالبت قوات «الصاعقة» التابعة لحفتر سكان منطقتي قاريونس وقنفودة بطرد المسلحين الاسلاميين من المنطقتين، تحت طائلة استهدافهما بقصف جوي ومدفعي. وأغلقت المحال والمصارف والدوائر الرسمية أبوابها لليوم الثالث على التوالي، فيما سجل انقطاع التيار الكهربائي والمياه عن معظم الاحياء لفترات زادت احياناً عن عشر ساعات. ووصف احد سكان بنغازي الشوارع بانها «موحشة وخالية تماماً». وتفاوتت التقديرات لضحايا الاشتباكات امس، بين 17 و21 قتيلاً، فيما اصدر مستشفى بنغازي الطبي نداءات الى العاملين فيه للالتحاق بعملهم، نظراً الى استقباله عشرات الجرحى.